د. معتز محي عبد الحميدذكر تقرير صدر عن إحدى منظمات الأمم المتحدة بأن عائد شركات الأدوية الكبرى في العالم أصبح يفوق دخل اكبر الدول المنتجة للنفط , وان بعض الدول أصبحت تعتمد اعتماداً كبيراً وبشكل رئيسي على ما تنتجه من أدوية في دعم اقتصادها , ونظرا لكون الدواء سلعة رائجة لا يمكن الاستغناء عنه بأي شكل من الأشكال ,
فقد أصبحت تجارة الأدوية واحدة من اخطر الصناعات العالمية , التي يحسب لها ألف حساب في استراتيجيات الدول المصنعة لتلك الأدوية منذ أواسط القرن الماضي وحتى اليوم , بل أنها ذهبت لأبعد من ذلك بكثير , بعد أن أصبحت صناعة الدواء تلقى منافسة قوية بين الدول الكبرى المصنعة له , ففي حين تعلن دولة ما عن منتج جديد لمكافحة مرض معين , تسارع دول أخرى إلى الإعلان عن منتج منافس له في المواصفات وبسعر اقل , وكانت تلك الدول قد انتقلت من التسابق في صناعة الأسلحة التي تستخدم في الحروب إلى التسابق في صناعة الأدوية .ما يثير الاستغراب الشديد فعلا وأكثر ما دعم تجارة الأدوية بشكل رئيسي خلال العقود الثلاثة الماضية , هو الإعلان بين فترة وأخرى عن ظهور أمراض غريبة وغامضة لم تكن معروفة مسبقاً , تصاحبها تصاريح عن مسؤولين كبار في منظمة الصحة العالمية , من شأنها إثارة مخاوف الناس , وترعبهم من انتشار تلك الأمراض التي قد تهدد البشرية على غرار مرض أنفلونزا الخنازير الذي مات منه منذ الإعلان عنه وحتى اليوم نحوألفي شخص حول العالم , معظمهم من المصابين أصلا بأمراض سابقة وخطرة ومن كبار السن , في حين يموت يومياً حول العالم ما يزيد على مئة ألف شخص من الجوع والعطش فقط , ويموت عشرات الآلاف من أمراض أخرى مثل الأنفلونزا العادية وغيرها .وما يثير أكبر علامات الاستفهام أيضا هو الضجة الإعلامية غير المبررة وغير المنطقية التي تثار في كل مرة يعلن فيها عن ظهور مرض جديد حول العالم , وكأن هناك بالفعل من يدير دفة الإعلام في العالم نحو أهداف معينة ,وهنا لا أتحدث عن إعلامنا فهو للأسف إعلام سلبي متلق ينقل الصورة كما هي عن الإعلام العالمي , فالإعلام يساهم بشكل كبير في إثارة الرعب بين الناس ويقوم بالترويج بشكل غير مباشر للأدوية , التي تعالج الأمراض المنتشرة , ويدفعهم نحو شراء تلك الأدوية بشكل جنوني ,وهناك تقارير خطرة صدرت مؤخرا تشير إلى أن الكثير من وسائل الإعلام العالمية متورطة في نشر تقارير مدفوعة الثمن , صادرة عن شركات أدوية عالمية , لها يد في الترويج لبعض أنواع الأدوية والأمصال التي تعالج الأوبئة . وتشير بعض التقارير أيضا إلى أن الأزمة الاقتصادية العالمية , التي ضربت العالم قد تكون احد أهم الأسباب وراء قيام شركات أدوية كبرى تعرضت لنكسات مالية حول العالم , باستغلال انتشار أمراض قد تكون مختلقة ومصنعة وموجهه للترويج لأدوية تكافح تلك الأمراض, مستغلة في ذلك نفوذها وسيطرتها على الجانب الإعلاني لوسائل الإعلام الكبرى .باختصار أستطيع القول بأننا نواجه اليوم حرباً من نوع جديد حول العالم , يديرها بضعة تجار , ولا أقصد هنا أفرادا طبعاً بل دولا كبرى تجارتهم هي اختلاق ونشر أوبئة جديدة حول العالم , ثم الترويج لأدوية وأمصال لعلاجها بالاتفاق مع مؤسسات رسمية عالمية وشركات تصنيع أدوية كبرى ووسائل إعلام عالمية .. والباقي علينا نحن الدول المستهلكة التفرج على تجارة الأوبئة .. والله المستعان ! .mrkazamin@yahoo.com
تحت المجهر: مافيات الأدوية ... ومرضانا المساكين !
نشر في: 9 سبتمبر, 2012: 06:21 م