نصيف جاسم حسينتناقلت الأنباء نبأ مهاجمة قوة من "مغاوير"الداخلية اتحاد الأدباء وإغلاق ناديه بالقوة!! والخبر لا يثير الاستغراب كثيرا فهذه ليست المرة الأولى التي تقوم فيها قوة أمنية بمهاجمة اتحاد الأدباء، لكن الغريب أن الهجوم جاء بعد عدة حوادث مشابهة قيدت – طبعا - ضد مجهول، ويبدو أن رهاب الأدب
rn والفن والموسيقى الذي يعاني منه "طالبان العراق الجديد" قد تبدى واضحا هذه المرة ولم تعد أعراضه تقبل الجدل بعد إقدامهم على إحراق فندق قصر الشرق، واحد النوادي الليلية في منطقة الكرادة، والتعدي بالضرب بالعصي على أصحاب محال بيع المشروبات وتهديدهم بالقتل في حالة عدم إغلاق محالهم!!rnإن ما يثير السخرية في كل ذلك هو أن هؤلاء لا يحسنون حتى توقيت عملياتهم "الطالبانية - الديمقراطية" ضد من يختلف معهم، ففي الوقت الذي نجحوا فيه في الإفلات من شبهة العمليات السابقة "إحراق فندق قصر الشرق" و"احد النوادي الليلية" والتعدي على أصحاب محال بيع المشروبات، تقوم قوة من "مغاوير" الداخلية بمهاجمة وغلق نادي اتحاد الأدباء - أتوقع أن يكون السبب احتواء النادي على مشروبات كحولية - انسجاما مع ما فعله "الإرهابيون - حسب وصف الداخلية - مجهولي الهوية" قبل هذا الحادث. الموضوع يثير السخرية بقدر ما يثير التشاؤم حول مستقبل العراق، وعودة الطريقة البوليسية في التعامل مع الخصوم التي ابتدأ فيها نظام صدام مشوار الدكتاتورية والتي شملت حتى باعة "الزلابية" الذين حكموا بالإعدام لأن جريمتهم كانت "عدم الامتثال لقرار منع صنع وبيع الزلابية" وهو مشوار ابتدأ باستخدام القتلة والمجرمين لقتل خصومه ومن يخالفه في الرأي من شيوعيين، وقوميين، وحتى بعثيين من غير الموالين له.rnوفي الوقت الذي يعتز قادة كل بلد بأدباء وكتاب بلدهم ويعتبرونهم "ثروة قومية"، نرى أن أدباء العراق وكتابه وشعراءه لم يحصدوا من قادة العراق على مر تاريخه المأساوي غير العداء والاستهداف المبرمج والإهمال الذي لا يدانيه إهمال، وبناية اتحاد الأدباء وحدها دليل صارخ على ما أقول وربما يكون هذا أحد أهم الأسباب التي تشجع، أية قوة أمنية، بالاستخفاف بالأدباء، لأنها تعلمت احترام المظاهر الخادعة، فلو كانت بناية اتحاد الأدباء مثل بناية أي حزب في السلطة الآن، لترددت ألف مرة قبل اقتحامه.rnوفي الوقت الذي يستهدف فيه الأدباء، مع بقية أبناء الشعب، من قبل الإرهابيين والقتلة، وبدل أن ينصب اهتمام الجهات الأمنية على متابعة هؤلاء وتوفير الحماية للأدباء والكتاب والمثقفين، نرى أنها تزيد من إرهابهم ومن مصادر قلقهم من خلال تكرار الهجومات غير المبررة على اتحادهم - أفقر اتحاد أدباء في المنطقة - وفي الوقت الذي من الممكن أن يكون المثقف والأديب قوة إضافية يمكن أن تساهم في محاصرة الإرهاب فكريا، نرى أن الحكومات العراقية المتعاقبة على العراق، عملت -كما هو الحال في حكومتنا الحالية - على استعداء الكتاب والمثقفين بمبررات واهية تثير السخرية بقدر ما تثير الألم عند النظر لها من زاوية أولويات الحكومة، فهل أكملت مؤسسات حكمنا، التنفيذية، والتشريعية، ما مطلوب منها دستوريا، وإداريا، وتنظيميا، وتشريعيا، وتثقيفيا، وأمنيا، ولم يتبق لها من مسؤولية غير "وجود المشروبات" في المحال والنوادي الليلية؟ هل توفرت مساكن للفقراء والمشردين، وكهرباء، ومدارس، ومستشفيات، وتعبدت الطرق، وأقيمت المتنزهات وأماكن التسلية للعوائل ليقضوا فيها أمسياتهم هربا من شاشة التلفزيون المليء "بقنوات الكفار" وبرامجهم؟ هل أقمتم مؤسسات الدولة العراقية ولم يتبق منها غير نادي اتحاد الأدباء ليحظى باهتمامكم؟rnهل قضيتم على الفساد الذي لا تخلو مؤسسة عراقية منه والذي أصبح العراق يحتل المراكز المتقدمة فيه؟ هل كان "نادي اتحاد الأدباء" السبب – مثلا - في تبوء العراق مركزا متقدما من بين الدول الأكثر فشلا في العالم؟ وبعد كل ذلك، أتعتقدون حقا أننا نحتاج إلى ما يسكرنا، بعد أن وفرتم لنا، كل مسببات السكر والقولون والقرحة، و"الدوخة" أعلاه؟ rnrn
"اتحاد الأدباء" وطالبان العراق
نشر في: 10 سبتمبر, 2012: 06:35 م