اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > "هذا ليس فجراً" للهندي ياشبال تقترب من الأعمال الكبرى

"هذا ليس فجراً" للهندي ياشبال تقترب من الأعمال الكبرى

نشر في: 10 سبتمبر, 2012: 06:42 م

ترجمة/ أحمد فاضلهذه رواية طويلة وكبيرة في معانيها لا يجد قارئها مهما كان لديه شعور بالقسوة إلا أن تدمع عيناه لهذا السرد الرائع الذي كسر فيه مؤلفه جدران المحدودية الفنية وتتبع بمئات الصفحات مشاهد المؤامرة خيطا خيطا وحرفا حرفا، واقترب من الروايات الكبرى التي حفل بها الأدب العالمي
rn أمثال "البحث عن الزمن الضائع" لبروست و"ثلاثية القاهرة" لنجيب محفوظ و"مغني العائلة" لموسكات ، هذه الرواية بتسلسلها وتشعبها تذكرنا بطريقة الكاتب التركي العالمي أورهان باموك في روايته "متحف البراءة"rn ويبدو تقريبا أن مثل هذه الروايات تحاول أن تجسد الواقع الحياتي حتى وإن تضاءل في بعض الأحيان مفهومها ، لكنها بطبيعة الحال تبدو على مستوى واحد، فالروايات العظيمة أمثالها تمثل شيئا أكثر من مجرد قصة لمأساة معينة لأن لها مسارا على خريطة حركة البشر والاتصال بهم على نطاق حياتهم ، وهذا ليس كل شيء، فحجم ذلك المسار يكون أحيانا بقيمة قليلة جدا إذا كنا لم نتخذ أيضا تجربة بعيدة وطويلة لفهم هذا العالم بدهاء وذكاء ومراقبة يحتاج لها في بعض الأحيان أن تخمر كالعجين.rnكان الروائي الهندي ياشبال قد أصدر روايته الضخمة "هذا ليس فجرا" لأول مرة باللغة الهندية بمجلدين في العامين 1958 و 1960 وترجمت إلى اللغة الإنكليزية مؤخرا بأكثر من 1100 صفحة، لكنها ليست طويلة بشخصياتها كما يظن لأول وهلة وقد ركز مؤلفها على تقسيم الهند عام 1947 إلى دولتين هما الهند والباكستان نتيجة للاستعمار الطويل الذي حكم شبه القارة الهندية وتسبب بتقسيمها مخلفا وراؤه حمامات من الدم وهجرة في اتجاهين مختلفين، فالهندوس راحوا يتدفقون إلى الشرق من الهند والمسلمين غربا إلى الباكستان يدفعهم في ذلك خوف كبير وشرخ في النفوس لقارة لم تلتئم تماما حيث ما زالت تشتعل بينهما حروب ما خمدت نارها حتى يومنا هذا .rnتركز الرواية على شقيقين ينتميان إلى الطائفة الهندوسية يعيشان في حارة تدعى جاديف تتبع مدينة بوري تارا الواقعة ضمن حدود المدينة القديمة المسورة لاهور، أحدهما بوري وهو كاتب وصحافي شاب مثالي كان قد قضى حكما بالسجن لفترة محدودة بقضية تتعلق بإحدى الحركات المدافعة عن الحريات ، أما تارا شقيقته فهي طالبة جامعية متحمسة لفكرة الحرية الفكرية داخلها لكنها تعاني بذات الوقت من خطيبها الذي لا يقرها على ذلك ، ويبدو أن عائلتهما منزعجة من تلك الأفكار التي يحملانها خاصة وأن بوري لم يعثر على وظيفة منذ خروجه من السجن كي يفتح أمامه الطريق بالزواج من ابنة أحد الناشرين المعروفين، أما تارا فهي تأمل أن تتخلص من خطيبها الغليظ حتى تتمكن من ولوج هذا العالم بحرية أكبر، ولكن أحلامهما تضاءلت ببروز أزمة كبيرة بدت كسحابة سوداء فوق مدينتهم لاهور، حيث تتهيأ بريطانيا المستعمرة لمغادرة الهند والخوف من ظهور دولتين كانت في البداية مجرد نظريات على الورق سرعان ما أخذت تتحقق بظهور دولة باكستان المسلمة، فلم يكن أحد يتصور أن يكون التقسيم بهذا الشكل لمنطقتين متجاورتين جغرافيا وثقافيا تحولتا في نهاية المطاف إلى منازل متباعدة ومدن وأسر وراء الأسلاك ، والمفارقة التي يذكرها ياشبال في روايته هي إن أياً من الهندوس والإسلام أثبتا عجزهما عن وقف العنف الذي استشرى بينهما من قتل واغتصاب مراراً وتكراراً لأن هناك شخصيات معنوية تقف على خط واحد من القتال لتعقيد المسألة خاصة إثر اندلاع أعمال الشغب الدينية الشنيعة في ولاية كوجرات عام 2002، ومع ذلك فإن "هذا ليس فجرا" رواية ممتعة تكتسب أهميتها من تفاصيلها الغارقة في سلوكيات النفس البشرية خاصة في لاهور التي ينتمي لها أبطال الرواية.rnبوري يترك لاهور للبحث عن وظيفة أما شقيقته تارا فتهرب مع رجل مسلم يتهم بعد ذلك باختطافها في ليلة زفافها، فالعنف والتقسيم جاءا ليمرا من فوق أجساد الهنود المتهالكين أصلا، لكنهما بالتالي يأخذان لكل منهما طريقين آخرين لحياتهما ، فبوري مع تبجحه بمثاليته وحبه للغته ورؤيته السياسية واجتهاده في كل ذلك نراه يغرق تدريجيا تحت سلطته الدنيوية الخاصة في جمهوريته الهندية الجديدة ، فنراه يحارب بكل ما يملك من قوة للمشاركة في المؤتمر الوطني الهندي والترشح في ما بعد لإحدى الوظائف المهمة ، بينما نجد تارا تقف عاجزة على ما يبدو من كل ما يحيطها فتقع ضحية وحشية مجتمعها الذكوري لكنها تتمرد على كل ذلك فتخط لحياتها مسارا مستقلا برحيلها الى العاصمة الهندية ، ومع أنها لا تملك ما ملكه شقيقها بوري من سلطة لكننا نراها تبحث لنفسها كما لغيرها من النساء عن مكان تحت الشمس لمقاومة أية محاولات للعودة الى عالم الإذعان وتأكيد حقها وحق غيرها في المعارضة الجماعية لكل أنواع الاستبداد.rnبعد سنوات قليلة يبزغ فجر الدستور الهندي الذي يعرض رؤية جديدة للمسؤوليات وحقوق وحرية المواطنة لجميع الهنود وإنشاء نظام سياسي أكثر مساواة من أي نظام سابق عرفته الهند كما يعرض ياشبال كل ذلك حسب رؤيته لعهد جديد تدشنه الهند بعد التقسيم في سرد واقعي ملحمي بعد عشر سنوات من التقسيم، وهو بذلك يكون قد أنتج أول رواية عظيمة كما يقول تشودري تمثلت فيها المثل ال

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

طقس العراق.. أجواء صحوة وانخفاض في دراجات الحرارة

أسعار صرف الدولار تستقر في بغداد

تنفيذ أوامر قبض بحق موظفين في كهرباء واسط لاختلاسهما مبالغ مالية

إطلاق تطبيق إلكتروني لمتقاعدي العراق

"في 24 ساعة".. حملة كامالا هاريس تجمع 81 مليون دولار

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram