عدنان حسينهجمات أول من أمس الدموية الهدف منها أن تثبت المنظمات الإرهابية وجودها. هذا الكلام قاله المتحدث باسم عمليات بغداد العقيد ضياء الوكيل. وهو ليس بالكلام الجديد، فنفسه قاله هو مرات عدة، وقبله ردده سلفه اللواء قاسم عطا ومسؤولون أمنيون كبار آخرون مراراً وتكراراً، بل إن رئيس الحكومة، القائد العام للقوات المسلحة، مضى أبعد من ذلك بالإعلان عن هزيمة الإرهاب هزيمة شبه تامة وكاملة ومطلقة.
بالطبع واقع الحال شيء آخر، فهذا الإرهاب المنفلت من العقال لا يحتاج إلى أن يعلن عن نفسه ويثبت وجوده.. انه قائم وموجود في حياتنا يومياً ويعبّر عن نفسه بمئة صيغة وصيغة.من يحتاج إلى إثبات وجوده هو قواتنا المسلحة. هذه القوات هي الأولى بإثبات وجودها وقدرتها وكفاءتها أمام الإرهاب ومنظماته، مثلما أثبتت وجودها على نحو منقطع النظير في الدول الديمقراطية أمام المتظاهرين السلميين في ساحة التحرير وسواها من الساحات التي خرج إليها على مدى أسابيع متتالية العام الماضي مئات الآلاف من المطالبين بإصلاح العملية السياسية من أجل هزيمة الإرهاب وتمكين القوات المسلحة من أداء دورها وواجبها في هذا الميدان، ومن أجل تحقيق أمل العراقيين بحياة حرة كريمة بدلاً من هذه الحياة البائسة الذليلة التي ورثها النظام الحالي عن نظام صدام وزاد عليها.وقواتنا المسلحة وقياداتها هي المطالبة بإثبات وجودها وقدرها وكفاءتها أمام الإرهاب ومنظماته مثلما فعلت ذلك في هجماتها المتكررة (العام الماضي ومنذ أيام) على النوادي الثقافية والاجتماعية. وهذا الإثبات لن يكون بمعاقبة الناس بعد كل نوبة إرهابية بالتسبب في زحامات مرورية قاتلة في بغداد وعلى مشارفها، فالإرهابيون ليسوا بالغباء الذي تتصوره قيادات قواتنا الأمنية والعسكرية، فهم بعد كل عملية لهم يخلدون إلى الراحة والاستجمام ولا يحملون الأسلحة والذخائر ولا ينفّذون عملياتهم في الأيام التالية... إنهم يعرفون كيف ومتى يتحركون ويعرفون بمن يستعينون.. حتى بأجهزة ووسائل وعناصر أمنية مخترقة. وبمناسبة ذكر "صولة" النوادي الجديدة، فان ما كشف عنه مصدر أمني منذ يومين هو السبب الحقيقي لهذه "الصولة" وسابقاتها. فقد أفاد هذا المصدر بان مهاجمة النوادي الثقافية والاجتماعية وعدد من الملاهي يعود إلى "لجوء بعض الضباط والعناصر الأمنية إليها (الملاهي) خلال ساعات الليل وعودتهم مخمورين إلى منازلهم ما يؤدي إلى سهولة استهدافهم من الجماعات المسلحة بكواتم الصوت".مثل هذا الكلام كنت قد سمعته العام الماضي من مسؤول عالي المقام في دولتنا (نائب رئيس لإحدى السلطات الثلاث) عندما كنت مع مجموعة محدودة من الزملاء في لقاء معه. ناقشته في موضوع استهداف نادي اتحاد الأدباء وسواه من النوادي الثقافية والاجتماعية، فقال انه لا توجد لديهم مشكلة مع هذه النوادي، لكن المشكلة مع الملاهي التي يرتادها ضباط في القوات المسلحة، وبخاصة الأجهزة الأمنية، الذين تستدرجهم العصابات الإرهابية والإجرامية عن طريق العاهرات. يومها قلت للمسؤول المحترم ان المشكلة إذن ليست في النوادي وروادها ولا مع المشروبات الكحولية التي تقدمها وانما في ضباطكم الذين لم تُحسنوا اختيارهم وتربيتهم وتوجيههم. هذه هي الحقيقة.
شناشيل: ومن يثبت وجود قواتنا المسلحة؟
نشر في: 10 سبتمبر, 2012: 09:11 م