TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > أحلام الكاتب

أحلام الكاتب

نشر في: 14 سبتمبر, 2012: 07:34 م

أحمد خلفتبدأ أحلام الكاتب عندما تنطلق مسيرته الأدبية، ولعل أبرز ما يحلم به، هو تغيير العالم، أي أن يقدم فعالية ثقافية فوق الطاقة التي قد يحتملها البشر العاديون.. الكاتب يريد أن يتميز عن الآخرين بتسديد ضربات موجعة لخصومه السياسيين والطبقيين،
وكذلك أصحاب نزعة الدفاع عن الذوق العام، انه قد يأخذ كارل ماركس أطروحته الفريدة، الداعية الى تغيير العالم لا تفسيره.ما الذي يغير العالم القوة أم المعرفة؟تبدأ أحلام الكاتب بالنمو عضوياً وتتطور بصورة حثيثة يحدث ذلك، في أول الأمر، لكنها ما تلبث أن تتعقلن أمام اندفاع التجارب الحياتية، كان الجميع يفعل هذا في العقد الستيني من القرن العشرين، هنا في بغداد أو في بيروت وحتى القاهرة أو في أنحاء أخرى من العالم، لا بد من التغيير والتخلص من هيمنة الأفكار البرجوازية التي تضرب أطنابها الأخلاقية والسياسية في كل أنحاء حياتنا، في ذلك الوقت لعبت الفلسفة الماركسية وكلك الوجودية دوراً حاسماً في صراع الأفكار التي تدعو إلى التغيير وكانت الدعوة صريحة وواضحة في مرماها البعيد، فقد كانت الأفكار التحررية تتجسد في الفعل الإبداعي تحديداً، وكان ذلك يجد صداه بفعل الاتجاه السريالي الذي راح يخترق الحجب والحدود في النصف الثاني من ستينيات القرن العشرين، إذ كانت السريالية تطمح هي الأخرى في أن توصل باعتبارها فلسفة مغايرة وتدعو إلى التخلص من هيمنة العقلانية الجامدة، تلك الأيام أصبح الجميع سرياليين ووجوديين يؤمنون بالحرية الفردية إلى أقصى مدياتها وبتغيير الجماعة وتهديم أركان الدولة الفاسدة، وتجسدت الدعوة بضخ الحياة عبر دماء جديدة في جسد الثقافة السائدة آنذاك التي تعاني الإهمال والنسيان المقصود كما هي اليوم وفي هذا العهد والعهود الأخرى، حيث الثقافة في نظر الدولة العراقية (على مر العصور والعهود تقريباً) مجرد لهو لا وجود لمعنى يخصه قط، في حين يرى المثقفون في معظم أنحاء المعمورة، أن ما ينجزونه من أفكار وإبداع وآراء وفنون هي لتطوير الإنسان وتغيير دواخل النفس البشرية، أي أن تجعله الثقافة وكذلك المعرفة أكثر مقدرة على فهم الحياة الحضارية واستيعابها، بل والمساهمة بهما بحيث يكون دورا فاعلاً في سير الحياة اليومية المتطورة، لذا، لا ينقطع حلم الكاتب بالتغيير، لأنه يرى الواقع وكم يبدو مزرياً ومؤلماً (ما مرّ عام والعراق ليس فيه جوع) وفي هذا التناظر، بين الخير والشر وبين السكون والثبات وبين التغيير والتطوير، يرى بعض المفكرين تقدمي النزعة، أن على المبدعين التوجه إلى المعضلات الاجتماعية لانتقادها والتصدي إلى الجوانب السلبية فيها والتي تعيق حركة المجتمع، وينبع هذا المعتقد أو الرأي من إحساس المفكرين بأهمية الثقافة والإبداع الأدبي سواء في الرواية والقصة القصيرة أم المسرحية والمقال الأدبي الذي ينبغي أن تمتزج فيه رائحة الأرض بطيف الأحلام الكبيرة للمبدعين الجادين التي ترمي إلى التغيير دائماً.وينشغل معظم المفكرين المعاصرين والقدامى في تطوير سياقات المجتمع الذي قد يعاني الفوضى الاجتماعية واستفحال الفئات الطفيلية عديمة النفع، لذا، نرى المطابع تضخ لنا عشرات بل مئات المؤلفات التي تتصدى للظواهر التي تشير إلى الجوانب المعتمة في حياة الإنسان الحديث، وعمل من هذا النوع يتطلب صبراً ودأباً طويلين، حتى تستقيم الفكرة وتأخذ مجراها المقدس، ولكن وحين تستفحل الفوضى أو تستمر دوافع الخراب الاجتماعي والاقتصادي لفترات طويلة من الزمن يرتد البعض من المفكرين أو يتقاعس عن أداء دوره المفترض به، وذلك لإحساسهم بعدم وصول أفكارهم أو عدم تغلغلها في عقول الناس و حياتهم، ونعتقد أن في ذلك التراجع أو الشعور بالخيبة، ما يرجع إلى أن تكون هناك ثمة قطيعة بين الأديب وواقعه وبين المؤلف والسلطة، ويعتبر معظم الأدباء والمفكرين الأحرار أن السياسي أو رجل الدولة (صاحب الايديولوجيا المنغلقة على نفسها) يقف عائقاً في أفكاره تلك للعملية الثقافية، لأن الأخير لا يرى في الثقافة إلا لغواً  أو هي حكر على نفر من المتبطرين، وفي هذا الصدد يقول الأستاذ فاضل ثامر في كتابه: (إشكالية العلاقة بين الثقافي والسياسي، ص70): ((وإذا كان بعض السياسيين يشعر بفوبيا حقيقية إزاء الثقافة، فهناك سياسيون آخرون يخشون فتح صناديق باندورا أخرى مثل صناديق الديمقراطية أو حقوق الإنسان أو حقوق المرأة وغيرها لأنها بالنسبة لهم، ملفات مخيفة يفضل أن تبقى والى الأبد مغلقة ومختومة بالشمع الأحمر)). وبالقدر الذي تثير فيه بعض الكتب المعرفية، الكثير من السجال الثقافي حيث تتصدى هذه الكتب إلى الراهن اليومي، مثلما تتناول المعضلات والإشكالات الروحية والأخلاقية للناس، فان عدداً محدوداً من الروايات الحديثة تتعرض في سردياتها إلى أخطر ظواهر المجتمع، ولقد وجدت بعض الروايات، في موضوعة المخفي والمستور والمحجوب عن العين، موضوعات مناسبة للارتقاء بالفن الروائي إلى مصاف المواجهة والتحدي، وعملت بعض السرديات على فضح العديد من المحرمات أو ما يسمى بالتابوات الاجتماعية الثابتة، وحلم كاتب هذه الروايات هو الوقوف على جوهر الحقيقة أو إماطة اللثام عن جملة من الحقائق التي يعاني منها المجتمع برمته كالفسا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بالحوارِ أم بـ"قواتِ النخبة".. كيف تمنعُ بغدادُ الفصائلَ من تنفيذِ المخططِ الإسرائيلي؟

تحديات بيئية في بغداد بسبب انتشار النفايات

العراق بحاجة لتحسين بيئته الاستثمارية لجلب شركات عالمية

الكشف عن تورط شبكة بتجارة الأعضاء البشرية

مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 %

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

بغداد/ المدى تنطلق فعاليات الدورة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، في الفترة (4 – 14 كانون الأول 2024)، على أرض معرض بغداد الدولي.المعرض السنوي الذي تنظمه مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، تشارك فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram