حازم مبيضينجمعتني الصدفة بالتظاهرة التي نظمتها جماعة الإخوان المسلمين بعد صلاة الجمعة, وانطلقت من المسجد الحسيني في وسط العاصمة, وكان لافتاً عند انطلاقها حجمها الكبير, غير أن من تابعها اكتشف أن الأعداد الكبيرة لم تكن معنية لابالمظاهرة ولا بالمتظاهرين, كانوا مصلين أدوا الفرض وانطلقوا إلى الأسواق المجاورة لقضاء حاجياتهم, والتسوق بأسعار مخفضة,
هنا يبدو واضحاً حجم الانتهازية التي يلجأ إليها التنظيم الإخواني, باختياره المسجد منطلقاً لمظاهراته, وبحيث يتوهم البعض حجم جماهيريته في الشارع, وهي جماهيرية وهمية, اكتشفنا أنها تتضاءل كلما انفض عنها المشاركون في المظاهرة بالصدفة, فهي عند وصولها خط النهاية لم تكن تضم أكثر من بضع مئات, يتحلقون حول شاحنة زرقاء يعتليها خطباء يصرخون, فيردد هتافاتهم أبناؤهم وأفراد عائلاتهم المشتركين في هذا البازار, الذي ينوي العودة ليكون أسبوعياً, نتيجته الأساس الضرر الذي يقع على تجار المنطقة المنكوبة فيه. كان لافتاً في التظاهرة الأخيرة أن معظم هتافاتها كانت باللهجة المصرية, وليس مفهوما الدافع لذلك, هل هو سهولة تطويعها, أم شعبيتها الناجمة عن متابعة الأفلام والمسلسلات التلفزيونية المصرية, وقادتني هذه الهتافات إلى تخيل فرسان الشاحنة, وهم يهتفون باللغة التركية, بعد سيادة المسلسلات التركية على شاشات فضائياتنا, أم هي تعبير عن الإفلاس, حد عدم القدرة على تطويع اللهجة الأردنية لما يقول الإخوان إنه مطالب الأردنيين, صحيح أن بعض ما يرفعونه من مطالب محق, ويتمنى الأردنيون تحقيقه, لكنهم للأسف يتبنون هذه المطالب في إطار "حق يراد به باطل " وهم يقومون بذلك خدمةً لأهداف أجندتهم الحزبية, ورغبتهم في القفز إلى مواقع السلطة, بتفصيل قانون للانتخابات النيابية, يضمن لهم الأكثرية التي تمكنهم من التحكم في مفاصل السلطة والدولة.لفت نظري بعض أفراد الدرك المكلفين بحماية التظاهرة والنظام, وهم يستجيبون للنداء المتكرر بين الهتافات " تكبير ", ومشهد بعض ضباط الشرطة وهم يحملون سجادة يصلون عليها في الشارع حين تقام الصلاة, كان ذلك دلالة على أن الإيمان والإسلام ليس محصوراً في هذا التنظيم, وأن المشاعر الدينية ليست وقفاً عليهم, دون سواهم من مكونات المجتمع, التي لاتتوافق مع فكرهم السياسي, فضباط الشرطة ورجال الدرك وتجار وسط البلد, أكثر تمسكاً بدينهم من الكثيرين من أعضاء هذا الحزب, وهو إيمان يبتغي وجه الخالق, وليس مجرد شعارات ترتفع في مناسبات معينة, ويتم التراجع عنها حين تقتضي مصلحة الحزب, لا الدين ذلك التراجع.كنت منيت نفسي بحضور تظاهرة تضم خمسين ألف شخص, كما وعدنا بذلك القيادي الإخواني الصاعد الشيخ زكي بني ارشيد, ولو حصلت لكنت استنكفت عن ممارسة حقي وواجبي بالمشاركة في الانتخابات النيابية, واعتبرتها تراجعاً عن الخطوات الإصلاحية المتدرجة, وهي مطلب الجميع, ولقلت إن الإخوان هم ضمير هذا الشعب, ما داموا قادرين على هذا التحشيد, أما تظاهرتهم التي انتهت ببضع مئات يهتفون باللهجة المصرية, فقد دفعتني إلى أول مكتب للأحوال المدنية, للحصول على البطاقات الخاصة بي وبمن لم يحصل عليها من أفراد عائلتي, مصمماً على بذل كل جهد ممكن, لمنع وصول الإسلاموين إلى موقع القدرة على اتخاذ القرار نيابة عن أبناء الوطن, المؤمنين دون تحزب, والمنتمين فعلاً إلى وطن اسمه الأردن.
في الحدث: الإخوان والعودة إلى الشارع
نشر في: 15 سبتمبر, 2012: 08:35 م