TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > السطور الأخيرة: للاطّلاع لطفاً!!

السطور الأخيرة: للاطّلاع لطفاً!!

نشر في: 16 سبتمبر, 2012: 07:32 م

 سلام خياطاستدعى مدير مؤسسة ألمانية مرموقة، موظفاً مشهوداً له بالكفاءة وغزارة الإنتاج، وسأله إن كان يعاني من مشكلة يستطيع مساعدته في حلها. أجاب الموظف بثقة: أبدا  ما من مشكلة، وكل شيء يسير على ما يرام. عاد المدير يسأل بعتاب: لماذا – إذن – لم تتمتع  بالإجازة السنوية للعام الماضي ولهذه السنة؟
حجة المدير الواعي، إن الاعتياد الروتيني الوظيفي يصيب الموظف بالضجر والملل، ويراكم الصدأ حول إنتاجيته، ولا بد من شهيق عميق بين حين وحين، يجلو صدأ الروتين ويصعد الحماسة لزيادة الإنتاج،وما من فرصة كالإجازة السنوية ترتق ما وهن من عزيمة الموظف وتشحذ ما فتر من همته!هذه المعلومة في كفة  الميزان، فماذا في الكفة الأخرى؟نقرأ إحصائية عابرة صدرت بإحدى المقاطعات الألمانية ونقلتها الصحف البريطانية – للمقارنة – إن القهوة التي يعدها موظفو الإدارة العامة بأنفسهم، أثناء ساعات الدوام الرسمي تكلف (.......) ملايين اليورو (ات)، علما أن ثمن القهوة والحليب والسكر يدفعه الموظف من جيبه الخاص.كيف؟التفاصيل تليق بألمانيا، حكومة ومؤسسات وشعبا (الشعب الألماني يضم عددا من القوميات، والطوائف والملل). نقرأ تفاصيل رسالة وجهها رئيس  اتحاد رؤساء البلديات: إن عدد موظفي القطاع العام في ألمانيا يقدر بـ (.......) ملايين موظف، فإذا توقعنا إن موظفا واحدا من بين ثلاثة موظفين يحتسي فنجانا من القهوة أثناء الدوام الرسمي، وإن تحضيرها وشربها يقتضي إهدار (15) دقيقة لوجدنا أن (.....) مليون ساعة عمل قد ضاعت هدرا في السنة الواحدة. ولما كان ثمن  الساعة الإنتاجية (....) يورو، فمعنى ذلك أن  حوالي (....) يورو قد أهدر دون حق، ناهيك عن حساب الطاقة الكهربائية التي يستلزمها إعداد فنجان القهوة!من هذا المنطلق الحسابي الدقيق، صنعت ألمانيا مجدها: عمل جاد   إنتاجي مثمر،وأيام راحة  واجبة، محسوب حسابها لتحسين الإنتاج ومضاعفته.ألمانيا، باقتصادها المتين، وكثافة حضورها بين الدول الأوروبية، بصناعاتها المتطورة، بحجم صادراتها، بانضباط سكانها، تحصي على الموظف ربع ساعة زمنية، يعد ويرتشف قهوته، فتحسب حساب الدقائق، وتتحسب لخطورة إهدارها... هذه (الألمانيا) هي نفسها التي يستدعي مدير في إحدى مؤسساتها، موظفا، ليعاتبه ويذكره بموعد إجازته السنوية! هل من عتب على إهدار الوقت –في وطني -- وترسيخ التعطل في المناسبات  وبعثرة الأموال، وعدمية الإنتاج؟  بلى.. ولكن على من  العتب، والكل يستسيغ دور الضحية، والكل يستمرئ مهنة الجلاد. الكل يهتف سرا وجهرا:: يا أنا، يا أنا،، أنا أنا ومن بعدي الطوفان.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram