علي حسينأن يسهم السياسيون بخداعنا فهذا أمر تعودنا عليه، ولكن أن تحاول منظمة بحجم الأمم المتحدة في تضليل عقولنا، فاعتقد أن الأمر يثير الغرابة.وحتى لا نتكلم في المطلق وفي الفراغ، سأتحدث عن الرسالة التي وجهها السيد مارتن كوبلر ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق في اليوم العالمي للديمقراطية، حيث يبدو فيها السيد كوبلر وكأنه يريد انه يضفي على الجو السياسي الكوميدي في العراق مسحة من الجدية، على هذا الاعتبار قرأت رسالته المعنونة: لا ديمقراطية من دون انتخابات، ولعل هذه هي المرة الأولى التي يخوض، فيها السيد كوبلر بهذا الوضوح في موضوع شائق هو العملية السياسية في العراق، ويلفت النظر هنا توقيت رسالته المثيرة للدهشة،
rn فالرجل ومن خلال لقطات وردية رسمها للواقع العراقي، يعتقد أن السنوات الماضية أثبتت ان أصوات العراقيين قد وجدت لكي تبقى، ولهذا فالمسؤول الأممي قلق على المسيرة الديمقراطية في العراق، لأن الساسة لم ينتهوا من اتخاذ قرار بشأن المفوضية العليا للانتخابات.. طبعا لا اريد ان أصادر فرحة السيد كوبلر بما يعتقد انه تحقق من انجازات ديمقراطية، واعرف حجم القلق الذي ينتابه بسبب الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد، ولعل ما فاجأني في رسالته هو تخليه عن النظر إلى الواقع العراقي بصورة كاملة -وأقصد النظرة العلمية والواقعية والأخلاقية - حيث يصور الأمر بهذا الشكل: "خلال السنوات القليلة الماضية، كان الملايين من العراقيين رجالاً ونساءً يعودون إلى منازلهم من مراكز الاقتراع المنتشرة في أنحاء البلاد مستعرضين، بفخر، أصابعهم المصبوغة باللون الأرجواني الزاهي الذي يرمز إلى مساهمتهم الفعالة في العملية السياسية، في إشارة إلى انتخابات مجالس المحافظات التي جرت في شهر شباط/ فبراير 2009".rn مبدئيا لا اريد ان أصادر اصرار السيد كوبلر على ان ما تحقق هو انجازات عظيمة من وجهة نظر الامم المتحدة.. ولكنني اسأله هل نحن نعيش اليوم مع ساسة يؤمنون بالديمقراطية، يعلم السيد كوبلر وهو الخبير بالشأن العراقي، ان النخب المثقفة والمتعلمة كانت من أكثر الناس حماسا لكل شيء فيه رائحة الديمقراطية، وظلت أمنيتهم ولا تزال هي في رؤية العراق، وقد أصبح أنموذجا يحتذى في مجال هذه الممارسة السياسية، لكن ما الذي حدث بعد الانتخابات التي يرسم لها السيد كوبلر في مقاله صورة وردية، الذي حدث أن الانتخابات وقوانينها العرجاء جاءت بسياسيين يتعوذون بالله، كلما سمعوا لفظة ديمقراطية، وعدالة اجتماعية.rn كانت الناس تمني النفس أن تكون انتخابات عام 2005، فاتحة خير لبلاد يقودها سياسيون سيبدعون في الإعمار وإدارة شؤون البلاد أكثر، لكنهم وجدوا أن القادة مهمتهم الوحيدة الوعظ والإرشاد وتعليم الناس الفلسفة والأخلاق الحميدة، كانت الناس تعتقد أن الانتخابات ستأتي بمسؤولين يدافعون عن المحرومين والمظلومين فإذا نحن امام طبقة سياسية صدعت رؤوسنا بخطب عن دولة القانون، فيما هي تهرب أموال الشعب، وتدمر الحياة السياسية لتقيم بدلا بديلا عنها تجمعات شعارها المحسوبية والانتهازية.rnالسيد كوبلر دعني اسألك: اي ديمقراطية تبشرنا بها؟، هل هي ديمقراطية اللصوص والمزورين، أم ديمقراطية التفاهة والسفاهة والتخلف وقمع الناس، سيد كوبلر ساستنا اليوم يتصورون أنفسهم في مهمة مقدسة، غايتها الأساسية هداية هذا الشعب ونقله من عصر الجاهلية الى عصر الإيمان.. ساستنا يعتقدون بأن كل من يؤمن بالدولة المدنية، فهو علماني وكافر، ساستنا مهمتهم تحويل الدولة المدنية إلى جثة متعفنة. rnانهم دعاة شرطة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر،، يريدون شعبا ميتا باردا ينتظر دار الآخرة، فيما هم وعوائلهم يتمتعون بكل ثانية من ثواني الدنيا. rn سياسيون أشبه بكائن خرافي متوحش يريد إحكام السيطرة على العقول، ومنع خيط النور والأمل من الوصول إلى نفوس الناس.rnالسيد كوبلر.. العراقيون يستحقون حياة أفضل، وهم في حاجة إلى ديمقراطية حقيقية، لا ديمقراطية، غير تلك التي أنهكتهم وأهانتهم، وبددت أحلامهم بمستقبل أفضل لهذه البلاد. rnrn
العمود الثامن :ديمقراطية السيد كوبلر !!
نشر في: 16 سبتمبر, 2012: 09:43 م