TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > الظاهراتية، مسرحياً

الظاهراتية، مسرحياً

نشر في: 17 سبتمبر, 2012: 06:45 م

بشار عليويإن التأسيسات الأولى للظاهراتية كانت على يد "هوسرل"  حيث أكدت الظاهراتية على الفعل القصدي في إنتاج المضمون، بوصفه المعنى الموضوعي للشيء كما هو معطى في فعل التكوين، المعنى الذي تحققه ذات عارفة، يتمخض عن وجود للشيء أو الموضوع مدار التأمل، 
rnوينتج بمقتضى التأويل، أي أن المعنى الموضوعي في العمل الفني هو المعنى الذي يقصده الفنان، كما أن الظاهراتية أقرت أن الإدراك الحسي ظاهرة، والتخيل ظاهرة، والانفعالات المختلفة ظاهرة، فيما شكل التأمل الباطني الانعكاسي أهمية في أسس تكوينها، وهو وصف لماهية تلك الخبرات القصدية للوعي، أو معناها وما تأكيدها للخبرات إلا تأكيد على التجربة العملية الإنسانية، ومن ثم التجربة الفنية.  هذه الخبرات التي أصبحت أساساً ومنطلقاً للفلسفة البراجماتية في ما بعد، والظاهراتية رأت أن الأشياء ذاتها لا تصورات عنها سوف تخبرنا بكل شيء، لذلك ينبغي أن ننصت إليها ونرهف السمع، إلى ما تقوله لنا . وأن كل وعي هو وعي بشيء ما، وأن فكرة القصدية هذه، هي محاولة لتحقيق اتصالنا بالعالم الخارجي ليست منفصلة عن الذات الواعية، وأن العالم لا يمكن أن يحيا مستقلاً عن الوعي، وهذا يعني أن الذات ليست منفصلة عن العالم، من هنا نجد أن الظاهراتية تجاوزت ثنائية الذات والموضوع، وحاولت تحقيق وحدة اندماجية بين تلك المقولتين، كذلك هي منهج محايد بين المثالية والواقعية، وحاولت أن تجد مسوغات الربط بين الداخل والخارج، بين الذات والموضوع، بين المثال والواقع من خلال أساسيات شكلت محور التفكير الظاهراتي، وهي (قصدية الوعي) (والرد الظاهراتي /الماهوي)، أي تعليق الحكم على الأشياء والأعمال والمعتقدات، فضلاً عن فكرة العالم المعيش، ووصف ما هو معطى، وإدراك العلاقات الماهوية، ومشاهدة أساليب ظهور الظواهر وملاحظة تأسيسها، وهناك اتجاهان لتعريف الظاهراتية ، الاتجاه الأول ،  يشير إلى أنها المبدأ الفلسفي الذي ينكر معرفة الشيء، ولكن لا ينكر وجوده خارج حدود عالم الظاهرة، محدداً مدى المعرفة إلى الموضوعات الممكنة للإدراك الحسي والتي هي موضوعات للاستبطان، والاتجاه الثاني يشير إلى أنها (علم الظاهرة) الذي يميز بين الأنطولوجيا (علم الوجود) في نظام " هوسرل" ، والظاهراتية منهج فلسفي متعال وقصدي، يؤكد مبادئ المثالية الذاتية التي تتجه لدراسة الشعور والكشف عنه بهدف دراسة ماهيات الظواهر، وكيفية كشف ظاهرة الرسم عن نفسها، من خلال العودة إلى الأشياء ذاتها وردها إلى حقيقتها الأولى انطلاقاً من الخبرة المباشرة أما بالنسبة للاتجاه النقدي الظاهراتي/ الفينومينولوجي، فقد تأسس على فلسفة هوسرل حيث تطورت آراؤه في ما بعد إلى نظرية نقدية على يد مجموعة من المفكرين منهم الفرنسيان ميرلو بونتي وغاستون باشلار والبولندي رومان انغاردن، وكذلك بالإضافات النظرية والتطبيقية التي أسهم بها من أمثال مارسيل ريمون وجان روسيه وجان بيير وجورج بوليه والأمريكي جوزيف هيللس ميلر قبل انضمامه إلى التقويضيين، ومن أشهر المدارس التي وظفت النقد الظاهراتي بشكل مكثف مدرسة جنيف. لقد وجدت الظاهراتية صداها في الخطاب المسرحي بوصفه يهتم بعمليات التفكير والوعي لفهم التجربة الإنسانية التي تشكل التجربة المسرحية احد فضاءات هذه العمليات، لأنها تعمل على ان تلج الذات الداخلية للوعي الإنساني من خلال تقديم فعل ذهني مستتر في الظاهرة المرئية والمقروءة في الخطاب المسرحي، ولان الخطاب المسرحي والظاهراتية يتلازمان فلسفياً من خلال منطلقهما الانطولوجي في الكشف عن ماهيات الأشياء وإكسابها ماهيات جديدة، وبما أن الظاهرة الجمالية وفق رؤية برغسون للفن، والخطاب المسرحي هو نتاج لتجربة مباشرة تُحدثها ذات فاعلة بقصدية واعية متعالية لتهب المعنى الجديد المؤسس جمالياً من خلال إعادة إنشاء الأشياء بفرض ماهية خاصة بها كأن يكون نصاً مسرحياً او عرضاً مسرحياً بوصفها منهج فلسفي يحاور الوجود بتجاوز الثنائيات بقصدية مثالية، فهذه الذات تؤسس مادتها الجمالية من مادة معطاة اصلاً لتهبها معنى ودلالة ولهذا فكل من الظاهراتية والخطاب المسرحي يعملان في فضاء الخلق والتكوين لخلق ظاهرة أخرى جمالياً مستعارة من الوجود الإنساني بكل تجلياته الظاهرة والباطنة، فقراءة الخطاب المسرحي على وفق مفهوم الظاهراتية القصدي يفترض ترك اشتراطاً على الوعي وتحريك مدركاته المعرفية برفض أي استباق معرفي مؤسس على الإدراك القبلي لوعي الذات الإنسانية إذا يشترط عزلها عما هو قبلها وبعدها بقصدية واعية لها تأسيسها الخاص بها، فضلاً عن أن الظاهراتية تشترط أن تكون هذه الفاعلية القصدية منزاحة ومنفية عن الذات الفاعلة والمنتجة لماهية هذا التأسيس الظاهراتي المحدث عنها لأنها تتعامل مع الظاهرة بذاتها ولذاتها حصراً بحيث تكون لها معطياتها الدلالية الخاصة أي أنها ترفض أي إسقاط للذات الفاعلة على المنتج الجمالي، والظاهراتية في الخطاب المسرحي تعارض مبدأ الظاهراتية في المعرفة لأنها الخطاب المسرحي، إدراك جمالي ذو تراكم خاص، وهو تأسيس لذات لها تراكم معرفي باتجاه التأويل وتساؤل باتجاه المستقبل لا بالانعكاس نحو الواقع أو الارتداد نحو الماضي ولا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بالحوارِ أم بـ"قواتِ النخبة".. كيف تمنعُ بغدادُ الفصائلَ من تنفيذِ المخططِ الإسرائيلي؟

تحديات بيئية في بغداد بسبب انتشار النفايات

العراق بحاجة لتحسين بيئته الاستثمارية لجلب شركات عالمية

الكشف عن تورط شبكة بتجارة الأعضاء البشرية

مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 %

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

بغداد/ المدى تنطلق فعاليات الدورة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، في الفترة (4 – 14 كانون الأول 2024)، على أرض معرض بغداد الدولي.المعرض السنوي الذي تنظمه مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، تشارك فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram