اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > فـي مسرح برودواي..نمر بنغالي في حديقة حيوانات بغداد

فـي مسرح برودواي..نمر بنغالي في حديقة حيوانات بغداد

نشر في: 18 سبتمبر, 2012: 06:38 م

ترجمة: عبد الخالق عليدراما ميتافيزيقية عن العواقب المأساوية – الكوميدية للحرب كتبها راجيف جوزيف. رؤية مفزعة على مسرح برودواي. مسرحية يرويها نمر ميت يمتلئ بالغضب بسبب الاجتياح الأميركي للعراق. انجذب الجمهور إلى المسرح لوجود اسم النجم روبن وليامز الذي يلعب دور النمر في
قام بالأدوار :روبن وليامز – النمر / غلين ديفز – توم  /براد فليتشر – كيف/موسى – عريان مؤيد/المرأة العراقية–نيكار زاديكان /الرجل العراقي – عدي حسين/الفتاة العراقية – هاديا/ راش – تيتيزيان /شيلا – فاند /تأليف – راجيف جوزيف /إخراج - موسيس كوفمان المسرحية. ربما يكون النمر استعارة دراماتيكية لكنه وحش رائع، وان هذه المسرحية الغريبة الخلابة – التي كانت المرشح الأخير لجائزة البوليتزر في العام الماضي – تدين بسحرها للحضور المهيب لروبن وليامز . يقف هذا الوحش الأشهب العجوز منتصبا في قفصه في حديقة حيوانات بغداد ويتحدث بلغة انكليزية ممتازة، مرتدياً الخرق البالية ولم يتبقَ له من غريزة الغابة إلا تلك اللحظة التي راح يقضم فيها ذراع احد جنود المارينز أثناء خفارته . يندب النمر حظه بعد أن أطلق عليه احد الجنود النار وارداه قتيلا "اشعر باني أحمق عندما أجوع". لكن شبحه يبقى يذكّرنا – بلهجة وليامز التهكمية الجميلة – بأنه حيوان في كل الأحوال . عندما يكتشف النمر أن الموت يمنح معرفة لانهائية، فان هذا الوجودي يشق طريقه إلى ما يعتقد بأنه جنة عدن لمواجهة خالقه الذي اعترف به مؤخرا. في إشارة الى تثبيت قضية الوجودية في صميم المسرحية، يسأل خالقه غير المرئي قائلا "أي تناقض هذا أن تخلق وحشاً ثم تطلب منه أن لا يفترس؟".بشكل أو بآخر فان كل شخصيات المسرحية يواجهون نفس المعضلة الواقعية لطبيعة البشر الحيوانية، خاصة أولئك الذين أصبحوا فلسفيين في الحياة الآخرة . توم ( وهو نموذج لبوسترات التجنيد العسكري) يعيش ويموت بروح الجشع الأميركية، لكن (كيف) جندي المارينز الأحمق المتعطش للدماء الذي قتل النمر يتحول إلى متحدث طليق باللغة العربية ويفهم الناس الذين سبق أن أرعبهم. موسى ، الرجل الحساس ومترجم المارينز العراقي والفنان الذي يأس من إنسانيته عندما التقى بشبح سيده السابق – عدي حسين . يقذف الكاتب سؤالا وجوديا بعد الآخر على لسان شخصياته: ما الذي يجعل الإنسان أنسانا وليس وحشا؟ هل نفقد إنسانيتنا عندما نرتكب القتل؟ وأين هو الله في كل هذا؟ حتى النمر – الذي يتباهى بذكائه المتفوق ويواجه هذه الأسئلة بلا خوف – يرتبك من سلوك الإنسان في زمن الحرب.الكاتب لا يثق تماما بالقوة الدرامية لأفكاره وهو يبالغ في رسم شخصياته مثل الجنديين الأبكم والجشع وفي المبالغة في كتابة مشاهد العمل.إن عرض هذا العمل المسرحي الجديد الذكي والرؤية التي تمتزج فيها الفكاهة بالوحشية، يدعو إلى مقارنة خيالية مع الوحش الذي لا يشبه اسمه. إن مسرحية " نمر بنغالي " تشبه قطة مهيبة تمشي بهدوء و لطف بين قمامة من القطيطات الصغيرة التي تستعد للتصوير على يو تيوب. هذه المسرحية  – التي افتتحت ليلة الخميس على مسرح ريتشارد روجرز – تطلب منا أن نفكر ونشعر كبالغين ، ونستوعب السخافات المظلمة في رؤية السيد جوزيف عن الفوضى التي عمت بغداد بعد وقت قصير من الاجتياح الأميركي العراق. حثها الهادئ على مراقبة المشاكل الأخلاقية التي تحيق بعالمنا، يتناقض بشكل صارخ مع الدعوات الحماسية السائدة التي تصرخ من سرادق برودواي. النجم وليامز مضحك جدا، انه يمثل دور نمر له فم كريه الرائحة وسلوك مثل ذلك، محبوس في حديقة حيوانات بغداد منذ سنوات، يهدر بأعلى صوته عند بدء المسرحية. لا يرتدي وليامز ملابس نمر، وإنما مجرد لحية كثة وشعر أشعث يشيران إلى انه حيوان .يجب أن نقر بأن مسرحية " نمر بنغالي " ليست مسرحية من نوع الدروس المدنية التي يجب حضورها كواجب ثقافي. مواضيع الإنسان والوحش، وإنسان يتحول إلى وحش، توصف خلال المسرحية بفكاهة خيالية فيها مجال للتعاطف. الاجتياح الأميركي للعراق حصل توا، وبغداد يعصف بها الصراع و الارتباك. جنديان يحرسان قفص النمر ويقتلان الوقت في تبادل قصصهما عن تجربة الحرب. النمر يشارك في الحديث أيضا، ويشمت بغباء الأسود التي فرت من بيئتها لتموت تحت القصف المدفعي. الجندي الحدث (كيف) يفتخر ببراعته التي لم يثبتها لحد الآن، يبدو انه يعتقد بان الحرب هي مجرد لعبة من العاب الفيديو. أما (توم) فقد كان حاضرا عندما وصلت القوات الأميركية الى قصر عدي وقصي ابني صدام، وكانت غنيمته من النهب مقعد تواليت مطلي بالذهب ومسدس خبأه في حقيبته. هذا السلاح اللامع ، الذي يبذر الفوضى وهو ينتقل من يد إلى أخرى، هو رمز قوي للجشع الفاسد وأيضا للوحشية التي يسببها، كما انه يمثل طلسما  لنظام صدام، بالإضافة الى انه يصبح  بمثابة قطعة أثرية ثمينة يسعى إليها – وربما يموت من اجلها – جندي أميركي ينوي

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

طقس العراق.. أجواء صحوة وانخفاض في دراجات الحرارة

أسعار صرف الدولار تستقر في بغداد

تنفيذ أوامر قبض بحق موظفين في كهرباء واسط لاختلاسهما مبالغ مالية

إطلاق تطبيق إلكتروني لمتقاعدي العراق

"في 24 ساعة".. حملة كامالا هاريس تجمع 81 مليون دولار

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram