عدنان حسينمضاعفاً كان غضبنا ممّا فعله مجلس النواب أول من أمس. وما فعله ليس بالهيّن ولا يمكن لمن في رأسه ذرة من عقل وفي نفسه ذرة من ضمير وفي كيانه ذرة من وطنية، أن يقبل بهذا العدوان الصارخ على العقل والضمير والوطنية ممن يُفترض فيهم درء العدوان من هذا النوع بوصفهم نواباً للشعب يمثلونه ولا يمثلون عليه.
rnالمسرحية التي عُرضت بالصوت والصورة في الأيام الماضية بشأن تشكيل مجلس المفوضية العليا "المستقلة" للانتخابات كانت مؤسية حد البكاء الحارق، فمن دون حياء خرق مجلس النواب علناً وصراحة أحكام الدستور الذي بموجبه وبفضله أصبح النواب أعضاءً في البرلمان، وتجاوز على قانون المفوضية الذي شرّعه النواب بأنفسهم، وعمل بالضد من إرادة ورغبة الشعب العراقي في أن تكون لديه مفوضية مستقلة تماماً لضمان أن تجري الانتخابات المحلية والنيابية القادمة بشفافية ونزاهة. rnنصت المادة (102) من الدستور على الآتي: "تُعد المفوضية العليا لحقوق الانسان، والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، وهيئة النـزاهة، هيئات مستقلة، تخضع لرقابة مجلس النواب، وتنظم أعمالها بقانون". بوضوح تام تعني هذه المادة أن الهيئات المستقلة، ومنها مفوضية الانتخابات، تخضع فحسب لرقابة مجلس النواب، ولا توجد أي كلمة هنا تخوّل المجلس تعيين أعضاء المفوضية وموظفيها من أي مستوى. وما تمّ أول من أمس أن الكتل السياسية في مجلس النواب اختارت بنفسها أعضاء مجلس المفوضية. وهذا خرق دستوري واضح وان كان وارداً في قانون المفوضية الذي أكد في مادته الثانية على أن المفوضية "هيئة مهنية حكومية مستقلة ومحايدة تتمتع بالشخصية المعنوية وتخضع لرقابة مجلس النواب".rnفيما نصت المادة الثالثة على أن "يتألف مجلس المفوضين من تسعة أعضاء اثنان منهم على الأقل من القانونيين يختارهم مجلس النواب بالأغلبية بعد ترشيحهم من (لجنة من مجلس النواب) على أن يكونوا من ذوي الاختصاص والخبرة والمشهود لهم بالكفاءة والنزاهة والاستقلالية مع مراعاة تمثيل النساء"، فهنا لا ترد أية إشارة إلى أن أعضاء مجلس المفوضين يجب ان يكونوا ممثلين للشيعة والسنة والكرد والتركمان والمسيحيين كما حدث في بازار مجلس النواب أول من أمس.rnكما ان القانون نفسه نص على الشروط التالية لاختيار أعضاء مجلس المفوضين:rn"1. ان يكون عراقيا مقيما في العراق إقامة دائمية. 2. ان يكون حاصلا على الشهادة الجامعية الأولية على الأقل. 3. أن لا يقل عمره عن خمسة وثلاثين عاما. 4. أن يكون حسن السيرة والسلوك. 5. أن يكون من ذوي الكفاءة والخبرة في مجال العمل الإداري. 6. أن يكون مستقلا من الناحية السياسية. 7. ان لا يكون مشمولا بإجراءات المساءلة والعدالة أو من أثرى على حساب المال العام أو ارتكب جريمة بحق الشعب أو من منتسبي الأجهزة القمعية للنظام السابق. 8. أن لا يكون محكوما بجريمة مخلة بالشرف".rnوهنا أيضاً لا يخول هذا النص التحالف الوطني والقائمة العراقية والتحالف الكردستاني وأحزابها وزعماءها أن يعينوا ممثلين عنهم في المجلس كما حدث أول من امس في البازار البرلماني المقرف.rnأما عدم اختيار أي امرأة في مجلس أول من أمس، وهذا هو المصدر الثاني للغضب على ما يسمى زوراً وبهتاناً بالبرلمان، فهو عار كبير جديد على أعضاء البرلمان الذين صوتوا والذين سكتوا، فالقانون الذي شرعوه هم نصّ على وجوب مراعاة تمثيل النساء، فيما أظهروا احتقاراً لا مثيل له الا لدى القاعدة وطالبان لأكثر من 15 مليون عراقية كل واحدة منهن تشرّف مئة مرة كل أعضاء البرلمان الذين شاركوا في بازار أول من أمس.rnاقرأوا الفاتحة ورددوا الترانيم الجنائزية على الديمقراطية.rnrn
شناشيل:الفاتحة!
نشر في: 18 سبتمبر, 2012: 09:01 م