علي حسين ماذا نسمي معركة شارع المتنبي، اعتقد أنها بروفة لمعارك قادمة تقودها دولة "الحجاج" ضد كل مظاهر الحياة المدنية. وأطراف المعركة تشكلت.. نظام سياسي يريد العودة الى عصر الاستبداد والتسلط، ومافيا الفساد التي ترى في المثقفين والإعلاميين خطرا على مصالحها الخاصة، وفيلق حجاج المؤسسات الرسمية الذين يصورون شارع المتنبي على انه بؤر لنشر ثقافة الانحراف والرذيلة، جميعنا يتذكر خطاب المالكي الذي القاه قبل أكثر من عام والذي تضامن فيه مع قرارات مجلس محافظة بغداد،
معتبرا أن معركة الحريات ما هي معركة من اجل إشاعة الفحش والفجور والانحراف.. ولم ينس المالكي آنذاك من أن يحذر المشتغلين في حقول الثقافة، من أن عليهم احترام الآداب العامة لهذه الأمة ولهذا الشعب المسلم على حد تعبيره، مضيفا "أن الشارع الثقافي يعج بكتب الإلحاد وكتب إشاعة الرذيلة وكتب الجنس الرخيص"، عند ذاك كتبت مقالا تساءلت فيه عن أي شارع ثقافي يتحدث السيد رئيس الوزراء، فالثقافة والمثقفون العراقيون كانوا ولا يزالون يبشرون بثقافة التنوير ومقارعة الظلم والاستبداد، وتمنيت عليه أن يقرأ المشهد الثقافي جيدا ليكتشف، أن الثقافة الحقيقية يمثلها رواد شارع المتنبي ومكتبات السعدون الذين تربوا على قيم ومبادئ نادى بها علي الوردي والجواهري ومدني صالح، وجواد علي وكوركيس عواد وحسب الشيخ جعفر ويوسف العاني، وعبد العزيز الدوري وابو كاطع، وهادي العلوي ومصطفى جواد، الأثري واحمد سوسة ونازك الملائكة، وهي عكس الافكار التي يروج لها أمراء الطوائف، الذين يشيعون ثقافة دولة الظلم والاستبداد واكل مال الفقراء والمساكين، والسعي إلى خراب واحدة من أهم وأغنى عواصم العالم واعني بها بغداد، فمسؤولونا الاشاوس أصحاب صولة النوادي الاجتماعية واجتثاث أبو نواس والتضييق على الحريات المدنية في معظم المحافظات، وفي فرض أزياء معينة على موظفات وطالبات البلاد وأخيرا مطاردة المتنبي في عقر داره، هؤلاء السادة يعتقدون أنهم حرروا البلاد من الأمريكان، وعليه لابد للعراقيين جميعا والذين يعيشون بفضلهم أزهى عصورهم السعيدة أن يحملوا لهم هذا الجميل ويعاونوهم على تحقيق رغباتهم، وهي بسيطة لا تتعدى محاولة تحويل مدن العراق الى ولايات قندهارية، يحكمها "شلاتيغ" مجالس المحافظات، ولأن الناس تعيش عصر قرقوش السياسي، فلا أحد يعرف ماذا يجري ولماذا كل كل هذه الصولات على ما تبقى من مظاهر الدولة المدنية، فاصحاب "بسطات الكتب" اناس مسالمون لا يعرفون طريقا إلى لغة السلاح، ولا ينتمون إلى المليشيات ولم يشهروا يوما كواتم الصوت بوجه احد. فلماذا تصر امانة بغداد ومعها جيوش المحافظة على فتح ساحة حرب تعلن فيها الاحكام العرفية، فالامانة قررت وفي لحظة الهام وخوفا منها على شارع المتنبي من عيون الحساد وحرصا على ان يبقى الشارع جميلا في عيون زواره، فلا يجوز ان نجد على ارصفته كتبا مشاغبة للملحد ماركس الذي هزمه رئيس الوزراء، ولا ديوان الجواهري لأنه كتب ذات يوم قالت:rnأي طرطرا، تطرطري.. تقدمي، تأخري.. rn تشيعي، تسنني.. تهودي، تنصريrnتعممي، تبرنطي.. تعقلي، تسدريrnوطبلي لكل من يُخزي الفتى، وزمريrnوالبسي الغبي والاحمق، ثوب عبقرrnولا مكان لروايات غائب طعمة فرمان لان، صاحبها كان يحلم ببغداد لا وجود لزعاطيط السياسة فيها. rnأعرف أن بعض الرسميين يغضبهم كثيرا أن يكون ملف الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان حاضرا في الإعلام، على اعتبار أنهم يرون أن العراق يسبح بالديمقراطية وبأنهار وبحور من الحريات، وان المسؤولين هم أناس عاديون لا تنتابهم بين الحين والآخر لوثة القائد الرمز والزعيم الضرورة..rnاليوم الناس تدرك انها تعيش عصر "الطرطرا"، عصر تضيع فيه حقوق البسطاء، عصر الهيبة فيه للقتلة والمفسدين، عصر العدل فيه غريب، عصر تحشد الدولة فيه كل إمكاناتها ممن اجل مطاردة بائعي الكتب. rnللأسف ما جرى أمس في شارع المتنبي، وما يجري في معظم مدن العراق يؤكد أننا نعيش في ظل نظام "طرطرا"، يقوم على تبادل المنافع والمحسوبية والانتهازية ومن ثم فإن معيار الحكم فيه يعتمد على التكيف والتعايش التام مع الفساد الذي نرى طلائعه كل يوم في معارك "الطراطير".rn rn
العمود الثامن :قوات "طرطرا" تهاجم "عمنا" المتنبي
نشر في: 18 سبتمبر, 2012: 09:27 م