باسم عبد الهادي حسنمنذ فترة ليست بالقصيرة وموضوع حذف الأصفار من العملة العراقية يأخذ حيزا كبيرا من النقاش والجدل على الصعد كافة الاقتصادية والسياسية والشعبية وعندما أقول الشعبية يجب أن لا ننسى "الصالونات الثقافية المتنقلة" المكروباص او ما يعرف لدينا بـ (الكية) فما أن تمر باختناق مروري حتى يبدأ احدهم بالتذمر ليجيبه آخر لتجد في النهاية أن الركاب قد انقسموا إلى فريقين، احدهم مؤيد لما قاله الأول والآخر معارض غير مستفيدين من فكرة التوافق المطبقة على المستوى السياسي.
rnوبالعودة إلى موضوعنا، فعملية حذف الأصفار ليست بالجديدة وإنما هي مطبقة منذ زمن بعيد، وهناك الكثير من التجارب الدولية التي مرت بها البلدان من الشرق والغرب، وربما تكون التجربة الألمانية هي الأبرز تاريخيا، وما أصاب المارك الألماني من ضرر نتيجة التضخم الجامح الذي أصاب الاقتصاد الألماني بعد الحرب العالمية الأولى، وكثيرا ما يذكر الاقتصاديون مثل السيدة الألمانية التي ذهبت للتسوق حاملة معها سلة مليئة بالماركات وما أن وضعتها على الأرض لشراء بعض الخضراوات حتى أقدم احد اللصوص على سرقة السلة تاركا الماركات على الأرض وهذا المثل يبين تدهور قيمة العملة حتى أصبحت قيمة السلة اكبر من كل الماركات التي بداخلها.rnوعلى الرغم من أن الدينار العراقي لم يصل الى حالة المارك أو غيره من العملات الأخرى إلا أن العقود الثلاث العجاف التي أرهقت اقتصادنا تركت ملامحها على الدينار لتراجع قيمته من دينار مقابل كل ثلاثة دولارات في أواسط السبعينيات إلى أكثر من ثلاثة آلاف دينار لكل دولار في أواسط عام 2003، ورغم التحسن الذي طرأ على العملة خلال السنوات الماضية واقتراب قيمتها إلى حدود ألف ومائتين دينار مقابل كل دولار إلا أن التضخم ما انفك يطارد العملة وان كان بنسب اقل من ذي قبل بكثير.rnإن حالة الفراغ الأمني التي شهدتها السنوات الماضية أثرت بشكل كبير على مسارات النمو الاقتصادي وعلى الرغم من التحسن الملحوظ في الوضع الأمني إلا أن السوق لا تزال بعيدة عن الاستقرار وبالتالي فهي معرضة الى ما يعرف بصدمات العرض والتي تؤثر بشكل كبير على الأسعار، وذلك بفعل عوامل مثبطة للاستقرار الاقتصادي تتصدرها عملية المضاربة لاسيما في سوق العقارات والتي توفر حواضن لعمليات غسل العملة في إطار المكاسب السريعة التي تولدها المضاربة.rnوفي هذا السياق نحن نرى أن عملية حذف الأصفار قد لا تأتي أوكلها في الوقت الحاضر وهي بحاجة إلى المزيد من الوقت وذلك اعتمادا على معطيات السوق وحالة الاستقرار، ولا بد من التأكيد على ان اختيار الوقت المناسب لهذه العملية سيكون احد أهم عوامل نجاحها والتي يجب أن تعتمد على دراسات علمية دقيقة وليس كما اقترح احد المسؤولين في اختيار حل وسط بين توقيت البنك المركزي وتوقيت الحكومة، فالمشاكل الاقتصادية يا سيدي لا تحل بالأساليب العشوائية وإلا لكانت "نظرية قالة بالة" هي الحل ونحسب من واحد للعشرة وتنتهي المشكلة.rn
اوراق اقتصادية :"نظرية" قالة بالة
نشر في: 19 سبتمبر, 2012: 06:57 م