بغداد /علي الكاتب تعد التغييرات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تلت سنة 2003 وتسارع الاحداث في العراق والدعوات التي تبنت نهج اقتصاد السوق في التعاملات التجارية وما رافقها من انفتاح كبير على الأسواق العالمية ، وممارسة نشاطات تجارية واقتصادية لم تكن معروفة في العراق أو كانت محصورة بفئة معينة وفي نطاق ضيق
، شهدت حاليا شيوعها بين جميع الشرائح الاجتماعية، كالبيع بالتقسيط لشركات تعلن لزبائنها سلعاً معينة أو عقاراً وغيرها . -(المدى) التقت بعدد من الخبراء والمختصين بالشأن الاقتصادي ومواطنين للحديث عن ظاهرة بدأت تنتشر هذه الأيام لشركات وهمية تتعامل بالنشاطات التجارية عبر الانترنت أو من خلال البيع بالتقسيط وما شابه .الخبير الاقتصادي فلاح السعدي يقول إن شركات التوظيف المالي ظاهرة موجودة في كثير من الدول منذ حقبة السبعينات من القرن الماضي ، وهي كانت بنحو محدود في العراق إلا أن الملفت انتشارها بشكل واسع بعد سنة 2003 ، التي شهد العراق فيها تحولاً غير مسبوق من النهج الحكومي المسيطر على مفاصل العملية الاقتصادية نحو اقتصاد السوق ، وانتشار الكثير من التعاملات التجارية والنشاطات الاقتصادية وفسح المجال أمام عدد كبير من الشركات للعمل من دون ضوابط أعطى الفرصة لبعض ضعاف النفوس للصيد بالماء العكر تحت لافتات تجارية وإعلانات تعرض سلعاً معينة ،كالسيارات بالتقسيط أو الشقق والأراضي السكنية بالتقسيط .ويضيف :إن تلك الشركات تتسلم مبالغ مالية كبيرة من المواطنين كمقدمات لأقساط شهرية ، وتغلق تلك المكاتب التي تتوضح أنها شركات مكاتب وهمية بعد فوات الأوان يهرب أصحابها إلى جهات مجهولة بغية عدم كشف أمرهم ، ولايبقى بحوزة المواطن سوى وثائق مزورة لشركة وهمية ، التي يستغل أصحابها حسن نية المواطن العراقي بها . بينما يقول التدريسي هاشم الفلاحي إن المواطن في بعض الأحيان يكون عرضة للتحايل من قبل بعض الشركات الوهمية بالرغم من معرفته بوجود مثل هكذا شركات إلا أن رغبته في الحصول على المال بشكل سريع يدفعه للتعامل مع تلك الشركات التي تتعاطى بمهنة توظيف الأموال وتجارة العقارات وغيرها ، سواء عبر وسطاء أو من خلال مكاتب لشركات وهمية التي تجمع آلاف الدولارات وتغلق مكاتبها ،ليبقى من وقع في فريستها في حال لا يحسد عليه .ويشير الفلاحي إلى أن سياسة الدولة المعلنة بعد سنة 2003 التحول نحو اقتصاد السوق والانفتاح على الأسواق بشكل حر وإتاحة الحرية الكاملة للقطاع الخاص للعمل من دون محددات للعمل في المجالات الاقتصادية والتجارية والصناعية والمصرفية ، انتهز ذلك بعض الذين قاموا بتأسيس شركات وهمية للتحايل على المواطنين بذرائع شتى كتحقيق الربح السريع أو توفير بعض مستلزمات الحياة الضرورية كالسكن وواسطة النقل بآليات التقسيط . أمير عدنان موظف بمكتب لشركة ويسترن يونيون للتحويل المالي يقول إن أغلب الشركات والمكاتب الوهمية تقوم بأسلوب الاستثمارات للترويج عن أعمالها للناس ، إلا أن أسلوب الاستثمار غير واضح المعالم يضعهم في مأزق شديد ، التي يراها البعض أنها أعمال للنصب بسبب تعرضها للخسارة بسبب قلة الخبرة أو قلة الأموال التي لا تكفي لممارسة النشاطات التجارية ، مما يجعلهم يقومون بغلق مكاتبهم والتواري عن الناس . وتقول أم مصطفى إن زوجها تعرض لاحتيال شخص ما ادعى أنه صاحب شركة استثمارية ، حيث أقنعه بتشغيل أمواله التي هي عبارة عن مدخرات الأسرة لسنوات طويلة لتوظيفها بالاستثمار في العقارات والمشاريع التي ينفذها مع الدولة ، بوثائق وأوراق مزورة ، لتتضح الصورة في ما بعد ونكتشف تلاعبه بنا وبأشخاص آخرين تحايل عليهم أيضا وجمع منهم آلاف الدولارات ليهرب بها إلى إحدى دول الجوار .وعلاء عبد الله موظف بوزارة السياحة ضحية أخرى لعمليات احتيال الشركات الوهمية ، إذ يقول انه باع بيته ليستثمر أمواله في شركة بناء على نصيحة مقدمة من احد أقاربه الذي يعمل وسيطاً لتلك الشركة ، الذي لم يدرك هو الآخر أن الشركة ليست سوى شركة وهمية تحتال على المواطنين تقوم باستغلال رغبة الناس في تنمية أموالهم . ويقول المحامي والخبير القضائي مجيد العزاوي إن المحاكم العراقية تشهد وجود الكثير من الدعاوي والقضايا تنتظر القول الفصل من القضاء العراقي للبت فيها بشكل سريع للحد من نشاط تلك الشركات الوهمية وتوعية المواطن وتثقيفه بخطورة التعامل معها ، لاسيما أن بعض تلك الشركات عابرة للحدود ، تنشط في الدول المجاورة وتمتد للعمل في العراق مستغلة بذلك الإجراءات غير المشددة التي تقوم بها الحكومة للحد من نشاطات تلك الشركات ، والأجواء العامة في العراق التي تشجعها للعمل في ظل الحرية في ممارسة النشاطات التجارية .
الشركات الوهمية تغيّب ثقة المواطن بالتعاملات التجارية
نشر في: 21 سبتمبر, 2012: 07:25 م