قحطان جاسم جوادتعد قضية الترجمة من القضايا الشائكة في الادب لما يتحمله المترجم من مسؤولية في نقل النص الأدبي، سواء كان شعرا أم نقدا أم رواية أم قصة، من اللغة الأصلية إلى اللغة المراد الترجمة لها. ولأهمية ذلك اتهموا المترجم بأنه خائن للنص حين تكون الترجمة غير أمينة. أما ابرز الأدباء الذين برعوا في مجال الترجمة، لغة وأفكاراً وأمانة، هو غائب طعمة فرمان، وعبد الواحد محمد، وسامي محمد، وفاضل ثامر، وسامي الدروبي، وكاظم سعد الدين وغيرهم.
ولأهمية الترجمة وأمانتها عقد نادي الترجمة في الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق أصبوحة ثقافية استضاف فيها مجموعة من الأدباء والمترجمين لتسليط الأضواء على قضية (التلقي والنص السردي المترجم).أدار الندوة الأديب حسين الجاف (قاص ومترجم)، وقال في بدء الندوة: إن القارئ كان يفهم قدرة المترجم على اختلاف المترجمين. بدليل أننا قرأنا رواية (ابنة الضابط ) بترجمتين، الأولى لسامي الدروبي، والثانية للروائي غائب طعمة فرمان . وكان هناك بون شاسع بين الترجمتين، إذ كانت ترجمة فرمان أكثر دقة وانسياب العبارة وشاعريتها وأناقتها، على عكس ترجمة الدروبي التي شابها الضعف والارتباك.وتحدث بإسهاب الدكتور عبد الواحد محمد، الذي يعد أهم مترجم في العراق، وقام بترجمة الكثير من أمهات الكتب بترجمة دقيقة وبلغة متقنة، تحدث عن قضية اختيار النص اختيارا جيدا حتى يجني المتلقي فائدة كبيرة من الكتاب وقال:إن اختيار المنحى في الترجمة يعتمد على المترجم نفسه. وهذا الاختيار نابع من خبرته وتجاربه المتكررة ومدى تلقي الآخرين لنتاجاته المترجمة ومدى متابعتها، لاسيما في مجال النصوص السردية حصراً . ويضيف: ولابد أن أشير إلى أن بعض المترجمين بكل ما يتحلون به من خصائص أصلية وأساسية في تقديم ترجمة جيدة ، تنقصهم خصيصة مهمة واحدة هي الاختيار .وفي مداخلة قال البروفيسور والأستاذ في كليات اللغات محمد علاوي: هل من الضروري أن يتطابق النص المترجم مع النص الأصلي؟ فيجيب :ـانه خلال متابعته في كلية اللغات وجد أن النصوص المترجمة والأصلية تختلف من شخص إلى آخر ولا تتطابق مع بعضها . وهذا يعود الى ثقافة المترجم في اللغتين (المترجم منها والمترجم إليها) وامتلاكه المفردات والاستعارات المناسبة التي تصل بالنص للنضوج في المعنى والمفردة.الروائي عبد الرزاق المطلبي قال: هناك نوعان من الترجمة، الأول للمترجم والآخر للمتلقي. المترجم له تجربته الشخصية الخاصة بالترجمة. والمتلقي له شخصيته الخاصة بتلقي النص المترجم. إن جيلنا تتلمذ على ما ترجم له من أعمال أدبية، من جيل الستينات وما قبله وما بعده. وكانت التراجم تأتينا من سوريا ولبنان ومصر. وابرز المترجمين آنذاك سهيل أيوب، وفؤاد أيوب، وسامي الدروبي، ود. محمد منذور، و د. طه حسين، وال البعلبكي .وكنا من خلال تجربتنا نميز بين ترجمة وأخرى، بحيث نندمج مع المترجم الذي يجعل قارئه وكأنه يقرأ بلغته الأم. وهنا تكمن إجادة المترجم المتمكن من أدواته. الناقد فاضل ثامر رئيس اتحاد الأدباء والكتاب في العراق قال:ـ- يعتبر د. عبد الواحد واحداً من أهم الأدباء وله فضل كبير على حركة الثقافة في العراق والوطن العربي (باحثا وقاصا ومترجما) وهو موسوعة متنقلة وعالم لغة . وقد بدأ عبد الواحد مشواره قاصا في مجموعة (باتريشا)، لكن يبدو أن الجانب الأكاديمي في عمله أخذه بعيدا عن القصة. وأنا أوافقه في قضية الترجمة والمتلقي لها، وضرورة تحلي المترجم بلغة سليمة وإجادة للغتين الأصلية والمراد الترجمة لها وكذلك نقل الأجواء النفسية والطقسية في النص إلى المتلقي.وأضاف: لكني لا اتفق معه باستشهاده بما قاله سعيد يقطين بأن النقاد في العراق لم يقدموا في مجال نقودهم إلا مقالات صغيرة ومتابعات شحيحة للأدب العراقي. إذ أن حركة نقادنا منذ السبعينيات والثمانينيات واضحة جدا وموازية لحركة الأدب العراقي.
فـي نادي الترجمة ..التلقي والنص السردي المترجم
نشر في: 23 سبتمبر, 2012: 06:14 م