اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > فقراء مدن النفط والذهب حمّالون وباعة (كلينكس)

فقراء مدن النفط والذهب حمّالون وباعة (كلينكس)

نشر في: 23 سبتمبر, 2012: 06:46 م

 بغداد/ فرات إبراهيملا ادري متى أتخلص من مشهد أراه يومياً عند ذهابي إلى عملي أو عودتي منه، وأنا أشاهد شباباً بعمر الورد، وهم يحملون علب الأكلينكس أو قناني المياه المعدنية ليبيعوها على أصحاب السيارات والراكبين المارين في تقاطعات المرور .
 أمر اشعر معه كل يوم بالحزن والكدر ويبدو أنني لن أتخلص من هذا المشهد إلا إذا جلست في بيتي وقاطعت الخروج، لكن الأمر لا ينتهي بمقاطعتي أو عدم رؤيتي هذا المشهد المؤلم لأنه صار يطاردني حتى في مشاهداتي لقنوات (الستالايت)، فهم يظهرون كخلفية لكل مراسل يقدم تقريره عن بغداد، لا ادري متى أنتهي من مشاهدة ألم الجنوب الذي صار وكأنه يدفع ضريبة غناه بفقر أبنائه!rnالخسارات متلاحقةفي فندق مخبوء تحت زقاق معدم حتى من التهوية، يعيش هؤلاء ليلهم،  يتسامرون ويضحكون ويبكون في أحيان كثيرة لواقعهم، كل غرفة من هذا الفندق الآيل للسقوط ينام أكثر من خمسة أفراد، ويدفع كل واحد منهم ألفي دينار لصاحبه لكي يصحو صباحا، شاكرين الله على بقائهم في هذه الحياة، ليتقاسموا ما ورد إليهم من بضاعة تاجر يعطيهم أجرهم على القطعة. حسين عبد الله قادم من مدينة العمارة يروي حكايته وكأنه يريد أن يبوح بكل أسرار الدنيا حيث يقول : يئست من وجود عمل في مدينتي المكتظة بآبار النفط الأسود والحقول العملاقة، وحاولت جاهدا ان أجد عملا أعيل به زوجتي وأهلي، بعدما خسرنا كل أراضينا الزراعية، نتيجة غياب مياه الري، فمنذ سبع سنوات والحكومة تعدنا بان المياه ستأتي ولكن لا شيء كلها وعود. في فترة النظام السابق وبعد تجفيف الأهوار ذهبنا باتجاه المدن التي فيها بيوت المسؤولين، وكنا نعمل في مزارعهم وكأنها عودة إلى أيام الإقطاع الأسود، كانوا يعطوننا مبالغ زهيدة وكنا نقبل بكل ذلك لعدم وجود عمل بديل.صاحب الفندق حسين عواد يقول بأنه يستقبل في فندقه الكثير من أبناء تلك المناطق، وذلك لان فندقه رخيص، وفيه بعض الخدمات، ويقول بأنه يشعر بالحزن على حالهم، فهؤلاء لا يستحقون كل هذا الوضع، وهم أبناء مدن النفط، حرام أن يتمتع الآخرون بنعم محافظاتهم الغنية دون أن يصيبهم شيء من هذه النعمة، أما عن بعض الحالات التي أثرت فيه، فقال كثيرا ما لا يحصل هؤلاء على فرص عمل، وفي أحيان كثيرة تترتب عليهم أجور الفندق لأسابيع، وبعضهم من حملة الشهادات، واحزن حينما أرى الحيرة والقلق في عيونهم، ولهذا فأنا أتنازل عن أجرة بعض الأيام لمن اشعر بأن حالته صعبة جدا.rnمدن الخير تئن من الفقر!!البصرة وذي قار وميسان هذه المدن كانت مصدراً للزراعة  والنفط والصناعة والثروة الحيوانية بمختلف أنواعها وصولاً للطيور المهاجرة  ولكن ميسان أدرجت من ضمن المدن الأكثر حرماناً في العراق، حيث أيديها العاملة معطلة لتوقف الصناعة والزراعة الأكثر أهمية، كون أراضيها إما تعيش الجفاف أو لا تزال تحت رحمة حقول الألغام، ووجود ما يزيد على خمسة ملايين لغم ومقذوف، وما يرافق ذلك من إشعاعات  التي تسبب اخطر الأمراض، وقد مات الكثير بسبب تلك الأمراض، وكذلك نتيجة الفقر واختفاء وسائل العيش حيث لا تزال خدمتها متردية  ومدارسها من القصب والطين ولا تملك المستشفيات التي تكفي  للأمراض المنتشرة، فانعدام وسائل العيش أجبرت الكثير على الهجرة  والعمل في أعمال أخرى في مدن أخرى  لا تتناسب  مع حجم التضحيات  وكرامة  أهالي تلك المناطق  لتدفعهم للعمل حمّالين  في الأسواق البغدادية. محمد عبد الزهرة جاء من ميسان محملا بثقل السنين الغابرة وسياط الجمهوريات السابقة، وجد نفسه بعد ان اخذ منه الكبر مأخذا بعيدا عن التعيين وانه لم يعد يجدي نفعا لخدمة وطنه فذهب باتجاه (الشورجة) الكبيرة الغنية حيث يجر عربته الطويلة يحمل (كارتون) البضاعة يقول: اعمل منذ سبع سنوات واذهب إلى محافظتي حسب الظروف والعطل ، هنا احصل على اجري من تحميل هذه البضاعة والتي يتم حسابها لنا على أساس القطعة، فكل قطعة بـ500 دينار، ويتم جمع المبلغ مع جمع عدد الكارتون. ويؤكد محمد ان محافظته التي يسكنها هو وأهله منذ مئات السنين لم يعد يشعر بها محافظته لأنها برأيه أعطت خيرها لغير أبنائها، فشباب المدينة اغلبهم جاءوا إلى بغداد ليعمل حمالا او يبيع الماء المقطر تحت أشعة الشمس اللاهبة ويسكن اغلبهم في فنادق من الدرجة الخامسة بسبب رخص أجور الليلة الواحدة، وودعنا محمد بعدما قال: عملنا في زمن صدام مزارعين لدى رجال النظام السابق واليوم نعمل حمالين لأصحاب الملايين لم يتغير شيء.وأكد عباس عبد الله مهودر الذي يعمل هو الآخر حمالاً في الشورجة وهو من الناصرية: نحن هنا بسبب عدم وجود فرصة في محافظاتنا الجنوبية حيث يعيش غالبية الشباب تحت ظروف البطالة والتي ساهمت في ازدياد أعداد الحمالين في الأسواق المعروفة كالشورجة وجميلة والسنك، فعند ذهابي إلى البيت في إجازة أجد أن بعض أصدقائنا وأقربائنا  قد رغبوا بالعمل معي في بغداد في هذا المجال نتيجة للظروف الصعبة التي يعيشونها مع عوائلهم وعدم الحصول على فرصة عمل في محافظتهم، فنقوم بجلبهم&nbs

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

طقس العراق.. أجواء صحوة وانخفاض في دراجات الحرارة

أسعار صرف الدولار تستقر في بغداد

تنفيذ أوامر قبض بحق موظفين في كهرباء واسط لاختلاسهما مبالغ مالية

إطلاق تطبيق إلكتروني لمتقاعدي العراق

"في 24 ساعة".. حملة كامالا هاريس تجمع 81 مليون دولار

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram