علاء مشذوبيوماً بعد يوم تثبت الصورة جدارتها في تحريك مشاعر الإنسان وتهيجها، وهي أن أرادت أن تثبت شيئاً فإنها تريد القول إنها الأولى في تسيّد التعبير البصري، وحيثما كانت الصورة أداة تعبير ذات حدين، فبالوقت الذي يمكن أن تنتصر للإنسان من خلال تسليط الضوء على مشاكله المختلفة الطبيعية منها والاصطناعية فإنها في الوقت ذاته يمكنها أن تسيء له.
rnومثلما تعاطفت الإنسانية من خلال الصورة مع الكثير من الدول التي أصابتها البراكين والمجاعات والعواصف البحرية التي أتت على كل ممتلكات الإنسان إضافة إلى شخصه، وراح الكثير من الضحايا، فإنها (أي الصورة) اليوم توظف بطريقة خاطئة من خلال تصوير بعض الأفلام الرخيصة والاستفزازية التي تسيء إلى معتقدات أكثر من مليار مسلم موزعين على خريطة العالم.rnومثل هذه الأفلام المتطرفة في طروحاتها الازدرائية، تزيد من تطرف الجهات الإسلامية المتعصبة والمتطرفة في الجهة الأخرى، ففي الوقت الذي تعصف بالدول الإسلامية بالعموم والدول العربية بالخصوص رياح التغيير الذي تتبطنه بعض تشكلات القاعدة الإرهابية، فإن أغلب الحكومات التي أتت بعد الربيع العربي، هي من بطانة التيارات الإسلامية المختلفة، وحيث ما راحت تقدم الكثير من التعهدات للدول الغربية في محافظتهم على مدنيّة مجتمعاتهم وإبعاد -قدر الإمكان- التيارات السلفية بكل توجهاتها، عن مراكز القرار السياسي، فإن مثل هذه الأفلام بصورها المسيئة ستعطيهم ذريعة، للطعن بمصداقية تلك الحكومات ومن ثم إنشاء تيارات إسلامية متطرفة بمختلف توجهاتها، بعد إعطائها الذريعة الشرعية من خلال الاعتداءات المستمرة من قبل الدول الغربية على رموزهم، وأيضا تعطي مثل تلك الصور ذريعة أكبر لتوجه الشباب نحو تلك التيارات السلفية التي تغلغلت في أغلب الدول العربية.rnوهنا يجب إضاءة نقطة جوهرية، ربما فيها تعارض كبير تحملها الديمقراطية التي تعتبر الحرية أحد أوجهها، في أن حرية التعبير مكفولة في الدستور الأمريكي، وهذا يبيح للجميع أن يعبر عما يريد دون أي حرج، ومنها إنتاج فيلم يسيء لرسول ونبي لدين أكثر من أربعين دولة إسلامية، ولكن في مقابل هذه الحرية (حرية التعبير)، ألا يوجد نص يجرم حرية الاعتداء على رموز الأديان السماوية والأرضية، التي في أحد أوجهها محافظة تلك الأديان على أعراف وتقاليد المجتمعات التي تبنتها حتى أصبحت الكتب السماوية دستورها في بعض أوجهه.rnوبالرجوع إلى الصورة المسيئة في فيلم براءة المسلمين من الناحية النفسية نجد أن هذا الفيلم يحمل قصدية الإساءة مع سبق الإصرار والترصد، فإنتاجه بهذا الشكل المقزز، لا يسمح له الاشتراك في المهرجانات مثلما لا يسمح له العرض في المنتديات الاجتماعية الترفيهية الضيقة، لأنه ببساطة يدعو إلى الكراهية، وبالتالي فإن القصد من ورائه هو الاستفزاز والتقليل من قيمة معتقدات لأكثر من مليار مسلم، ومن الناحية الجمالية، فإنه لا يرقى إلى مستوى فيلم لكونه ببساطة عبارة عن إسفاف متواطئ مع من أنتجه، غايته هو إثارة النعرة الدينية في المجتمعات الدينية التي تحترم دينها ورمزها ومقدساتها.rn