أحمد عبد الحسين أكثر السياسيين العراقيين وضوحاً وصراحة وعدم تكلّف النائب محمود عثمان، بهدوء وسكون ملامح وخفوت صوت ينتقي كلماته بعناية ليوجز بها ما يريد دون مواربة. كلّ ما يحجم عن قوله الساسة تجده عنده، ربما لأنه يستحق اسم السياسيّ دون سواه ممن اختلط لديهم العمل السياسيّ بالعمل الدعووي، والدبلوماسية بالباطنية، ومن تثقل عليه عقيدته التي يحاول إخفاءها بألف صيغة وصيغة فينتهي إلى أن يكون هاذراً ثرثاراً متكلفاً ينثر القاموس كله دون أن يقول شيئاً ذا لبّ. محمود عثمان نمط آخر لا يشبه ساساتنا في شيء.
rn الرجل وصراحته، أمس تحدث للمدى عن قانون البنى التحتية، وقال ما يدركه أغلب النواب لكنهم لا يستطيعون قوله، فهم لم يعتادوا أن يكونوا واضحين لئلا يكون وضوحهم سبباً لتمشكلهم مع ذوي النفوذ. عثمان لم يغمغم كما يفعل سواه، فالغمغمة سمة جبان لا يريد أن يبدو كذلك، وبعض الخائفين يكثرون الكلام واللتّ والعجن ونحت المصطلحات لتمويه مواقفهم غير المشرّفة.rnقال محمود عثمان بالحرف "إن الكتل السياسية تتخوّف من قانون البنى التحتية لأنها تعتقد أن المالكي سيستخدم أموال المشاريع لتوسيع نفوذه" وقال رأيه الشخصي في ذلك صراحة "إن تخوّف هذه الكتل منطقيّ". rnولزيادة التوضيح قال "إن المالكي بدون أي مال يمارس الاعتقالات والمداهمات المستمرة بحق القوائم والكتل، فكيف إذا امتلك مالاً يمكن أن يستخدمه لأغراض عسكرية أو لحماية منصبة ويوسّع من دائرة نفوذه؟".rnوتابع الرجل الصريح "المالكي يحاول التعاقد مع شركات لا تهتم بالبنى التحتية بقدر التعاقد مع شركات ودول لاستيراد الأسلحة ومعدات عسكرية أخرى".rnبوضوح كهذا يمكن أن يكون لدينا حراك سياسيّ مثمر، أما إذا اقتصر الأمر على حكومة تريد تأبيد رئيسها على كرسيّ الحكم، ومعارضين للمالكي يريدون ابتزازه لتحقيق مصالحهم الخاصة، فسوف نستمر في الخطاب المغمغم، في هذه التأتأة السياسية التي يتداولها الطرفان "دولة القانون والعراقية مثلاً ،فكلاهما مغمغمان يكرهان الوضوح ويريدان كسباً سريعاً بأي ثمن حتى لو احترق العراق بمن فيه".rnهذا الخطاب الواضح غريب على الخطاب السياسي العراقي، وربما هو الذي حرّض التيار الصدري أمس على مطالبة المالكي بتوضيح نوعية الشراكات التي سيتعاقد معها قبل، فقد اشترطت كتلة الأحرار أن تعرف نوعية المشاريع والشركات قبل تصويتها عليه في البرلمان، فمن المخزي لمجلس النواب وللكتل أن يعطى 40 مليار دولار ثم نجد أنها أصبحتْ خزينة لدولة داخل دولة، معسكرات وأسلحة خاصة وجيوش خاصة، وكلّ ذلك يتمّ باسم الإعمار الذي يكفي أن ترفع لافتته لتنتخب مرة ثالثة من أجل إقرار مشاريع أخرى تجلب لنا مليارات ومليارات تدفعها الأجيال العراقية القادمة بالآجل لتثبيت كرسيّ كان يمكن إصلاحه عند نجّار! rnالواضح قويّ وصريح دائماً. فلماذا أيها السادة تغمغمون؟ اخرُجوا من وراء مصالحكم الشخصية وكونوا واضحين!rn
قرطاس:وضوح
نشر في: 24 سبتمبر, 2012: 06:18 م