اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > في ندوة بلندن صلاح نيازي يتساءل: هل نحن غرباء جغرافياً أم مغتربون؟

في ندوة بلندن صلاح نيازي يتساءل: هل نحن غرباء جغرافياً أم مغتربون؟

نشر في: 28 سبتمبر, 2012: 05:38 م

لندن / عدنان حسين أحمدنظّمت مؤسسة الحوار الإنساني بلندن أمسية ثقافية للشاعر والناقد صلاح نيازي تحدث فيها عن "تجربته في الغرب"، كما ساهم كاتب هذه السطور بتقديم المُحاضِر وإدارة الندوة التي أثارت لدى الحاضرين العديد من الأسئلة والمداخلات التي حَرِصنا على أن لا تشتط بعيداً عن جوهر المُحاضَرة وسياقها الفكري العام.
وقد جاء في معرض التقديم بأنَّ نيازي "أديب متعدد الاهتمامات يجمع في كتاباته بين الشعر، والسيرة الذاتية، والنقد الأدبي والفني، والترجمة". وبغية إحاطة الحاضرين علماً بموسوعية هذا المفكر، والباحث الكبير، الذي نعّده واحداً من بين الرموز الثقافية العراقية المهمة التي تركت بصمتها في المشهد الثقافي العراقي فقد ارتأى مُقدّم الندوة أن يقسم اهتمامات الدكتور صلاح نيازي إلى أربع محطات رئيسية، الأولى هي محطة الشعر، وقد أصدر خلال تجربته الشعرية الطويلة عشرة دواوين من بينها "كابوس فضة الشمس" الذي أشاد النقاد بعمقه وتأثيره في شعراء جيله والأجيال الشعرية اللاحقة، ثم توالت دواوينه الشعرية الأخرى مثل "الهجرة إلى الداخل"، "الصهيل المعلّب"، و "ابن زريق وما شابه" وغيرها من المختارات الشعرية، لكن الشيء المهم في تجربته الشعرية برمتها أنّ صوت الشاعر صلاح نيازي هو صوت موضوعي، وليس صوتاً ذاتياً، وهذه ميزة قد لا يتوفر عليها الشعراء العراقيون أو العرب الذين تتسيّد ذواتهم على قصائدهم وتهيمن على تجاربهم الشعرية". أما المحطة الثانية في حياة نيازي فهي السيرة الذاتية، إذ كتب "غصن مطعّم بشجرة غريبة" والذي يعد واحداً من أجمل السير الذاتية العربية وأعمقها لأنه مختبر حقيقي للشخصية العراقية التي تقف أمام المرآة وترى كل عيوبها وأخطائها واضحة صريحة من دون رتوش. النقد الأدبي والفني والفكري هو محطته الثالثة ولعل القرّاء يتذكرون كُتبه المهمة في هذا المضمار لعل أبرزها "الاغتراب والبطل القومي"، "فن الشعر في ملحمة كلكامش"، "نزار قباني رسّام الشعراء" وغيرها من الكتب النقدية المعروفة. أما المحطة الرابعة فهي الترجمة، إذ ترجم نيازي حتى الآن ثلاث مسرحيات لشكسبير، ومسرحية "ابن المستر ونزلو" لترنس راتيكان، و"العاصمة القديمة" لكواباتا، كما ترجم خمسة عشر فصلاً من يوليسيس، ونأمل أن يُنجز الفصول الثلاثة المتبقية.استهل نيازي محاضرته بطُرفة خلَقَها من المحطات الأربع التي ذكرْتها في معرض التقديم فقال: "أود أن أتقدم بالشكر إلى الأستاذ عدنان على هذه المقدمة الضافية ولكثرة المحطات التي ذكَرها تصورتني قطارا" ثم مضى إلى القول بأنه "يوّد أن يفرِّق بين الغريب والمغترب، فالشخص الغربي الذي يُعنى بالآداب الشرقية يسمى المستشرِق، بينما لم نستطع نحن أن نواكب هذه التسمية فنقول المستغرِب، لذلك نقول المغترب". أمّا أفضل شاعر، من وجهة نظر نيازي، فرّق بين الغربة والغريب والمغترب فهو سيدنا الأكبر المتنبي الذي يقول: "مَغاني الشِّعْب طيباً في المغاني/ بمنزلةِ الربيعِ من الزمانِ / ولكنَّ الفتى العربيَّ فيها / غريبُ الوجهِ واليدِ واللسانِ"، قال هذا عن نفسه وهو يمدح عضد الدولة  في بلد لا يعرف لغته فهو غريب من هذه الناحية، ثم استشهد ببيتين آخرين للمتنبي أيضاً يقول فيهما: " منْ مُبلغ الأعراب أني بعدهم / عاشرت رسطاليس والإسكندرا / وسمعت بطليموس دارس كتبه / متملكاً متبدياً متحضرا"، وشرط المتنبي هنا هو الثقافة التي ينهل منها الشاعر لكي تصبح بالنتيجة مادة كيمياوية. أما أول مغترب أو غريب في الشعر العربي، كما يذهب نيازي، فهو اليشكري وقيل إنه أُتهم بحب أخت النعمان أو زوجته فطلب دمه فغادر إلى اليمن وهناك كتب قصيدة رائعة يقول فيها: " ولقد دخلتُ على الفتاة الخدرَ في اليوم المطير / الكاعب الحسناء ترفل بالدمقس وبالحرير / فدفعتها فتدافعت مشي القطاة إلى الغدير / فرنت نحوي وقالت / يا منخّل ما بجمسك من فتور"، إلى أن يقول: " وأحبها وتحبني ويحب ناقتَها بعيري / فإذا سكرت فإني ربُّ الخورنق والسدير / وإذا صحوت فإني ربُّ الشويهة والبعير". يعتبر نيازي هذه القصيدة من أجود ما قرأ من قصائد، كما يعتبر اليشكري أول غريب تقريباً قرأه في الشعر العربي، ونحن نعوّل على ذائقة نيازي الشعرية وحسِّه النقدي المرهَف. أما الغريب الثالث فقد اختاره نيازي من العصر الحديث وهو الشاعر عبد المحسن الكاظمي الذي يعتبره من الغرباء الحقيقيين، كما يرى فيه موهبة شعرية كبيرة لا يدري لماذا أهملها النقاد وأساتذة اللغة والأدب، وتأكيداً لهذه الموهبة استشهد نيازي بالأبيات التالية: " جوىً بقلبكَ أودى أم وجيبُ / غداة حدا بك الحادي الطَروبُ / بَعُدت عن دياري وصرت تدعو / على البُعد الديارَ ولا مُجيب / وفي مصر أراك وأنتَ لاهٍ / وقلبك في العراق جوىً يذوب / فلا حُلوان في عيني تحلو / ولا طيب الجُنينة بي يطيب". يعتقد نيازي أنّ الكاظمي كان غريباً جغرافياً، لكنه التفت إلينا، نحن المبثوثين في المنافي الأوروبية، وتساءل: "هل نحن غرباء جغرافياً أم مغتربون

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram