TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > لو كان المتنبي حياً ـ جسدياً ـ لأعلن احتجاجه!

لو كان المتنبي حياً ـ جسدياً ـ لأعلن احتجاجه!

نشر في: 28 سبتمبر, 2012: 05:43 م

يحيى السماويلا يمكن تبرير الحملة الأخيرة  التي استهدفت باعة الكتب وأكشاكهم على أرصفة شارع المتنبي إلا بكونها  حرب الجهل على الفكر والأدب والمعرفة ، وحرب المتخمين على الفقراء ، وأن القائمين بها ومَنْ وراءهم أعداء للثقافة بقصد أو دون قصد.
لقد شعرت بالقرف حين قرأت خبر الحملة وشاهدت صور الكتب الممزقة والأكشاك المحطمة، إثر قيام  مفرزة من " الأشاوس الجدد " وقد دُجِّجَ أفرادها بالأسلحة يقودها  أكثر من " خير الله طلفاح جديد " داهموا يوم الإثنين الماضي شارع المتنبي مستهدفين باعة الكتب على الأرصفة ، فحطموا الأكشاك ونثروا محتوياتها  مُطلقين الكلام البذيء على أصحابها مما خلق حالة من الذهول والهلع حوّلت شارع المتنبي من حديقة معرفة وبستان ثقافة إلى مكبّ كتب ممزقة ونفايات أكشاك محطمة ! مثل هذا العمل لا يمكن تبريره بحجج واهية كالزعم مثلا بأن الكادحين ـ أصحاب بسطيات وعربات الكتب  ـ قد تجاوزوا على القانون " المُتجاوز عليه أساسا  بمثل هذه الحملات " باحتلال الأرصفة ، فشارع المتنبي يكتسب أهميته من وجود الكتب وباعتها، وما كان هذا الشارع سيبقى قِبلة الأدباء العراقيين والسيّاح العرب والأجانب لولا  مكتباته وباعة الكتب فيه بمن فيهم الباعة الذين افترشوا الأرصفة أمام بسطياتهم وعرباتهم .. إذا كانت الذريعة هي التجاوز على الأرصفة ،فالمفروض تبليغ الباعة من قِبَل أمانة العاصمة وإلفات نظرهم والعمل على إيجاد بدائل كفتح سوق جديد للكتب المستعملة واستيعاب هؤلاء الباعة وجميعهم ذوو عوائل فقيرة ، وليس رمي  بضاعتهم والاعتداء عليهم بالكلام البذيء .لهؤلاء الباعة فضل كبير في توسيع القاعدة الثقافية من خلال توفير الكتب  بأسعار  زهيدة  ، إضافة لكون الكثير منها  كتباً غير متوافرة في المكتبات قد لا تتواجد حتى في دار الكتب القديمة..     بالأمس القريب فوجئ الجميع بحملة المداهمات التي طالت بعض النوادي ومنها نادي اتحاد الأدباء والكتاب العراقي ، والعبث بموجوداتها والاعتداء الجبان على بعض المتواجدين ـ  كما ظهر ذلك جليا في أشرطة الفيديو ـ  ... والآن حملة أخرى على باعة الكتب الجوّالين في شارع المتنبي ...فهل سنشهد في الغد القريب حملة جديدة على السينمات والمسارح ودور العرض الفنية لتحويلها إلى تكايا  ؟ وعلى افتراض أن الحملة كانت للحيلولة دون احتلال هؤلاء الكادحين  لساعات محددة من كل نهار مساحاتٍ من الأرصفة دون إيجار ، فإن مثل هذا الافتراض يوجِب على قادة الحملة أن يُداهموا  أولاً النواب البرلمانيين الذين يتقاضون بدلات إيجار بينما هم احتلوا  بيوت الدولة شهورا وسنوات مجانا وليس بضع ساعات من كل نهار ... أن يداهموا  أصحاب الشركات الوهمية الذين سرقوا أموال الشعب العراقي  وليس مداهمة هؤلاء الكادحين والعبث بممتلكاتهم البائسة ... لا نريد لبغداد أن تكون " قندهار جديدة " .. نريدها بغداد القديمة الآمنة المطمئنة .. بغداد  الكتاب والمحراب وزرياب والمتنبي والكاظم وأبي حنيفة وأبي نؤاس ..لو كان المتنبي حياً لأعلن احتجاجه واستنكر الحملة  .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram