TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثامن :الهاشمي "يصارع" ماركس بدلاً من المالكي

العمود الثامن :الهاشمي "يصارع" ماركس بدلاً من المالكي

نشر في: 28 سبتمبر, 2012: 10:04 م

 علي حسينمسكين طارق الهاشمي.. فقد اكتشف ولو متأخرا أن مكانه الحقيقي هو عالم الفكر والفلسفة، وان السياسة التي دخلها في سن متأخرة لم تجلب له سوى المتاعب، فقد حولته طريدا، بعد أن كان نائبا لرئيس الجمهورية يصول ويجول، ولأن عالم الفكر لا يحتاج هذه الايام الى مجهود ولا ميليشيات.. فقط المطلوب منك أن تتوهم انك في مهمة مقدسة، وان تكثر من الظهور الإعلامي فهو وحده الكفيل بان يصنع منك مفكرا إستراتيجيا، ولنا في عزة الشابندر او عالية نصيف، ناهيك عن محمود المشهداني نماذج لمفكري العصر العراقي الجديد. 
rn جميعا يعتقدون أنهم منظرو الإستراتيجية العالمية الحديثة، حين يمسكون الميكرفون، فتصبح متعتهم الوحيدة أن يقدموا للناس خلطة مثيرة للضحك اشبه بوصايا القائد الضرورة، تتجمع فيها نثار الكلمات التي لا تنتمي الى عصر وزمان، هكذا نصحو كل يوم على خطاب منتهي الصلاحية بلا لون ولاطعم ولارائحة، نوع من العبث يمارس مع شعب سرقت احلامه وثرواته ومستقبل ابنائه.rnالمفكر الاستراتيجي طارق الهاشمي، فاجأنا بالأمس فقط بانه ترك المالكي جانبا وقرر ان يكون خصما عنيدا لماركس ونظريته، فالرجل يلوم الجميع لأنهم اسرى لطروحات المرحوم ماركس ففي مقال نشرته صحيفة الشرق الأوسط يوم الخميس الماضي وتحت عنوان "نظرات في الربيع العربي" كتب المفكر طارق الهاشمي: "لا يزال كتابنا الى اليوم اسرى التفسير المادي في قراءه الأحداث وتحليلها، لا شيء فيها للروح، للغيب، للقضاء والقدر،، نتحدث بإسهاب عن دور هذا الطرف او ذاك ونبالغ فيه، استنادا لما نلمسه ونشاهده ونسمعه ونقرأه بحواسنا القاصرة، لا ما نتأمل فيه، على افتراض انه –ذلك الطرف- يصنع الحدث بملء إرادته وخياراته، وكأن مقادير الأمور قد تركت في هذا الكون، هكذا ليعبث فيها من يشاء ومتى يشاء وبأي طريقة يشاء، كأن هذا الكون غير محكوم أزليا بالسنن، التي كانت وراء التغيير الحقيقي في الاقوام والامم"، طبعا لا اعتراض عندي على حالة الدروشة التي أصابت الهاشمي ولكنني لم امنع نفسي من أن اردد: "وشر السياسة السذاجة.. وفي الساحة السياسية العراقية الكثير من المضحكات التي تستحق أن نذرف الدمع تعاطفاً لا سخرية، حزناً على بعض السياسيين وتصرفاتهم، واكتئاباً من مواقفهم غير الناضجة، ورفضاً لسلوكهم الذي لا يحترم الناس، فالناس في النهاية تريد سياسيين حقيقيين يسعون لخدمة العراق وليس سياسيين يصنفون على خانة "البلية". rnلا أريد أن ادخل في جدل مع الفيلسوف الهاشمي، حول موضوعات تخصص بها المفكرون من أمثاله، لكن أريد أن اسأل سؤالا: هل يعتقد ان القضاء والقدر كانا بالمرصاد للقذافي ومبارك وبن علي وعلي عبد الله صالح، وان الشعوب لم تكن ترزح تحت نير الظلم والدكتاتورية والفقر والعوز، لكنها ثارت لأن ساعة القدر تحددت ولابد أن يرحل هؤلاء، ليفسح القدر وليس لعبة السياسة المجال إلى الأحزاب الدينية التي قفزت على الثورات ووضعتها تحت عباءة الشيخ القرضاوي. rnلا أملك دليلا دامغا على أن الهاشمي ربما كان "ينكّت"، لكن أعرف أن طريقة كتابة المقال توحي بان الرجل يؤمن بكل كلمة قالها، وتلك هي المصيبة التي تحاصرنا فقد اكتشفنا أن الذين يقودون البلد هم مجموعة من "الروزخونية" تنتابهم حالة من الدروشة كلما سمعوا كلمات من عينة ماركسية، او علمانية، او دولة مدنية.rnلا اريد للهاشمي ان يقرأ التاريخ جيدا فهذه ليست مهمته، فهو منذور لمهمة اكبر وهي إرشاد الشعوب للطريق المستقيم، ولكن أحيله الى مقولة الفيلسوف الألماني هربرت ماركيوز حين يفسر تطور الثورات في المجتمع فيكتب "إن الذي نضعه امام أعيننا دوماً هو أن الإسهام الأعظم لكارل ماركس كان اكتشافه للمفهوم المادي لحركة التاريخ او بمعنى أدق في توسيع مواعين المادية الفلسفية لتدخل ميدان تفسير الظواهر الاجتماعية. rnفالمرحوم ماركس صاحب النظرية المادية التي يفتري عليها طارق الهاشمي، لم يضع خارطة طريق للمسير نحو الثورة، و لم يرسم حدود التيار الثوري، المرحوم لم يفعل اكثر من انه وضع ملامح عامة واثقاً من التراكمات الكمية لتجارب الشعوب بأنها كفيلة بصنع القالب المناسب لظروف كل مرحلة ثورية. وهذا المفهوم الواعي لماهية الثورة هو الذي يصنع الفرق بينها وبينا أنواع ظواهر اجتماعية أخرى، على الهاشمي أن يشرح لنا أولا كيف يرى أن ما يحدث في الثورات العربية هو قضاء وقدر والأهم؛ ما المقصود بالضبط بعبارة "دور هذا الطرف او ذاك"  وإذا كان يقصد أمريكا وأوربا فأتمنى أن يجيبني، هل سقطت دولة "قائد الجمع المؤمن" بسبب القضاء والقدر أم بسبب تعنت صدام وجبروته ودكتاتوريته؟ والسؤال الأهم؛ إذا كان ساستنا لا يصنعون المآسي والجرائم وسرقة المال العام، بملء ارادتهم وخياراتهم، لان المقادير هي التي حددت كل شيء، فهل حصول الهاشمي على المنصب كان قدرا مكتوبا على العراقيين. rnوإذا اتفقنا معه في هذا التصور فإن الأقدار قد انتقمت من العراقيين جميعا لآنها وضعت في طريقهم طارق الهاشمي ونوري المالكي والجعفري وعلاوي وحيدر الملا، أليس هذا تفسيرا مضحكا لما يجري على الأرض بما جرى من جرائم بحق العراقيين.rnهل سيخبرنا بانه مثل معظم ساستنا يعاني من مرض الانفصال عن الواقع، ويعتبر وجوده في المنصب تكليفا سماويا على العراقيين جميعا أن يؤمنوا به، وانه مثل الج

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram