TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > قناديل :الياس كانيتي: انتهاك الحدود والبشر كتب تحترق

قناديل :الياس كانيتي: انتهاك الحدود والبشر كتب تحترق

نشر في: 29 سبتمبر, 2012: 07:18 م

 لطفية الدليمي إلياس كانيتي الكاتب الألماني الحائز على جائزة  نوبل للآداب سنة 1981. هذا المعني بالفلسفة والعلوم والسياسة والأدب، يتعرض في  سيرته الذاتية  المكونة من ثلاثة مجلدات - الى مرحلة من حياته من منظور ثقافي شامل لا يقر بحدود الأشكال الأدبية التقليدية، بل ينتهكها متجاوزاً أصول السيرة الذاتية 
rnعبر التداخل بين أحداث الواقع المعاش والحدث الذهني والحلم، مؤكداً توجهه ضد التخصص وتقسيم العمل في الإبداع  يقول كانيتي: "يمكن أن أصف حياتي كلها كمحاولة يائسة لتجاوز فكرة تقسيم العمل إلى أصناف" بمعنى انه يمزج بين في السيرة والرواية بين السيرة والسرد والتخييل والبحث النفسي والفلسفي والشذرات الشعرية والوثيقة ـ بنفس إبداعي، فكرت وأنا اقرأ فصولا بالانكليزية من سيرته:  هو ذا كاتب نوبلي كبير يرد على النقاد والروائيين من أصحاب (المساطر) والوصفات الجاهزة في كتابة الرواية.rn يقول  كانيتي "أعمل على إعادة التفكير بكل ما يحيط بي كي تلتقي أجزاؤه في رأس واحدة وتتحد هنا، ليس هدفي معرفة كل شيء وإنما تجميع الشظايا"، انشغل كانيتي حتى رحيله  في 1994 بظاهرة الموت الذي اعتبره في مجمل أعماله  وبحوثه عدونا الأول، لكنه لم يتمكن من إكمال مشروعه في كتابة بحث ثقافي وتاريخي وفلسفي حول الموت  الموضوع المركزي في خطابه الفكري كما كتب كتابا بحثيا عن سايكولوجيا الحشود وسلوكياتها وانمساخها أمام السلطة المهيمنة في كتابه (الجماهير  والسلطة).rnكتب كانيتي  مسرحيات عديدة ثم أنجز روايته الأولى المهمة ) Auto-Da- fe ) أو  (الإعدام حرقا)  يتناول فيها القطيعة بين العلم والواقع وعدم قدرة  بطلها الراهب  بيتر كاين على التواصل  مع العالم المعاصر والمتغيرات، ويشير عنوان الرواية الى  الحرق الجماعي  للهراطقة  الذين  تحكم عليهم سلطات محاكم التفتيش القروسطية  بالإعدام حرقا لأفكارهم الحرة  ويتحدث  كانيتي عن  تداخل مصير الإنسان والكتاب، فالراهب كان مهووسا باقتناء الكتب حتى  بلغ عددها  25 ألف كتاب وكان يحبها حبا استحواذيا، فيسجنها في مكتبته المغلقة ولا يقرأها ولا يدع أحدا يلمسها وعندما يطلب منه صبي صغير أن يسمح له  بقراءة  بعضها يزجره ويركله ليسقط أسفل السلم، وفي أحد فصول الكتاب يرى الراهب كاين كابوسا مخيفا : محرقة وقربانا  بشريا  يحترق وسط اللهب  وعندما  ينفتح صدر الضحية يظهر كتاب مكان القلب ويتبعه  كتاب آخر ثم آخر وكانت الكتب تتساقط في النار وتحترق وجن جنون كاين إزاء مشهد اشتعال الكتب، فطلب من الرجل المحترق أن يغلق صدره لينقذ الكتب ولكن بلا جدوى، ظلت الكتب تتدافع دون توقف من جسد الضحية وتسقط في النار ولرعبه من احتراق الكتب يندفع كاين إلى النار لينقذها   وكلما مد يده لينقذ كتابا أمسك به إنسان يصرخ. rn  وفي نهاية الرواية تبعث كل الكتب التي جمعها وسجنها طوال حياته وتثور عليه وتطالبه بإطلاق رسالاتها للبشر، فالكتب لابد أن تحيا بانتقالها من قارئ إلى قارئ حتى تبلغ رسالتها وعند ذاك يشعل كاين النار في الكتب لئلا يملكها سواه ويتعرف الى أسرارها ويلقي بنفسه معها وسط اللهب وبينما هو يحترق معها يسمع خلاصات الكتب تنطلق من مكتب الرسائل الميتة التي سجنها فيها لتجد طريقها إلى البشر، كتب الياس كانيتي روايته سنة 1935 أي بعد عامين من محرقة النازيين الشهيرة للكتب وسط برلين. إنها رواية عن انعدام التواصل البشري وفكرة الاستحواذ ودمار سلطة الراهب التي سجنت المعرفة وحظرت استخدام الكتب . rn

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram