TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > عالم آخر :3 مواهب

عالم آخر :3 مواهب

نشر في: 30 سبتمبر, 2012: 09:43 م

 سرمد الطائيحيرتني اليوم ثلاث مواهب. موهبة السيد نوري المالكي في المراوغة، وموهبة البرلمان في الصبر على فشل الحكومة بعد فضيحة تكريت، وموهبة الشباب في ايقاظ روح الخير لدى العراقيين الموصوفين حاليا بأنهم اكثر الشعوب سلبية وابتعادا عن جو المبادرات العامة.
rnالمرافعة الطويلة العريضة للمالكي جاءت بعد حجزه وقتا ذهبيا على قناة العراقية وسرده حكايات طويلة عريضة عن حكومة تحب الخير للشعب متورطة ببرلمان غير متعاون. حكومة تريد انقاذنا من البؤس وبرلمان يريد ابقاءنا بائسين اذلاء. وكنت اود ان احصل على مداخلة تلفونية كي اقول للسيد المالكي انني وملايين العراقيين مستعدون لاقناع البرلمان بأن يترك الحكومة وشأنها سنة كاملة تصول وتجول كي تحقق احلامنا بالرفاهية والسعادة. لكن المشكلة اننا لم نر ما يشجعنا على ذلك، ففشلكم دولة الرئيس في رفع الازبال يمنعنا من ان نتخيل قدرتكم على بناء ناطحات سحاب لاسكان الفقراء. وانفاقكم اكثر من 300 مليار دولار من 2010 حتى اليوم دون اضافة ساعة كهرباء في الصيف، يجعلنا نشعر بشفقة كبيرة عليك وانت تذهب الى الانتخابات بلا اي منجز سوى محاولة غير موفقة لاعدام هذا واتهام ذاك.rnلكن ما حيرني اكثر هو حديث المالكي عن الدولة المدنية. يسأله كريم حمادي: ما هو ردك على من يرفض قانون البنى التحتية لانه سيتضمن فوائد ربوية محرمة في الاسلام؟ فيجيب سلطاننا: هذه الامور لها تخريج شرعي وايضا نحن نعيش في دولة مدنية! ان كلام المالكي هذا يأتي بعد ايام قلائل من صولة فيالقه على نوادي المسيحيين في بغداد، واعلان دولة طالبان في منطقة المسبح. انها موهبة رهيبة في النفاق لحاكم امضى في منصبه سبعة اعوام، امام جمهور مل من الشكوى.rnاما موهبة البرلمان فتتمثل بقدرته الفريدة على "بلع" سقطات حكومتنا الرشيدة. وخلال اخر شهرين كنا امام خرق رهيب في بغداد حين احتل المسلحون بناية الجرائم الكبرى ست ساعات متواصلة وقفت خلالها الحكومة عاجزة بالكامل وظلت المعلومات متضاربة بشأن حصيلتها النهائية، مع الاعتراف بأن هذا المكان يضم اعتى عتاة تنظيم القاعدة. ولم يتحرك البرلمان لمساءلة احد كي نفهم نحن الشعب على من ننفق اموالا طائلة في المجال الامني.rnولان القائد العام وأمير الجند يشعر بالامان من البرلمان فقد استمر التسيب وتواصلت الخطط الفاشلة التي ينفذها فريق اداؤه سيئ داخل البطانة الامنية لسلطاننا. وهكذا شاهدنا بألم كيف هرب عشرات السجناء الخطرين من معتقل تكريت بعد ان جعلوا المدينة تعيش ليلة سوداء. ضابط كبير يقول لي: بالكاد ننجح في اعتقال اخطر قادة التنظيم، بعمليات بطولية للمخلصين من اجهزة الامن. بينما يفشل كبار الضباط في الاحتفاظ بهم!rnوايضا يلزم البرلمان الصمت ولا يستجوب احدا. بل ان المالكي هو الذي استجوب البرلمان قبل ايام حين ذهب مطالبا بمنحه 40 مليارا اضافية. ومع ذلك فالمالكي يطالب البرلمان بالمزيد من الرضوخ. وهي موهبة فذة للطرفين اي السلطان ومجلس المبعوثان.rnاما ثالثة المواهب فهي معنى ايجابي اخاذ عشناه مع الاف العراقيين على حدائق ابي نؤاس مساء السبت ضمن مهرجان القراءة. الفعالية نظمها شباب متطوعون كانوا انفسهم نجوم مظاهرات ساحة التحرير ونجوم مظاهرات الحريات المدنية وفي طليعة المعترضين على محاولات الحكومة لجم حرية التعبير. وما لفت نظري هو ان مبادرات كهذه تنجح في ايقاظ الجزء الخيّر من نفوس البشر. مبادرتهم حرضت اشخاصاً من خارج الوسط الثقافي على التبرع بالكتب. والاكثر من هذا ان صاحب معمل تبرع لهم ببضعة الاف قنينة ماء. وصاحب معمل آخر تبرع بمولد للطاقة. ولو استمرت المبادرة فسنشاهد مساهمات اخرى تشيع الامل في النفوس.rnوعدا هذا فإن ما فعله الشباب بمهرجان القراءة يجعلنا نتوقف طويلا للتفكير بتيار الحداثة والاساليب الجديدة التي يمكن ان يقوم بابتكارها لمواجهة تيار التشدد الذي نسي كل شيء وتفرغ لمحاربة اسلوب الحياة الحديث ومحاولة عزلنا عن العالم.rnولذلك فإن انصار الحداثة جاؤوا مع عوائلهم من كربلاء وديالى والرمادي وسواها، ليشاركوا الشباب تلك الوقفة. لم تكن موهبة تنظيم وحسب، بل قدمت لنا جميعا فرصة لنحلم بأن الخير في نفوس الناس يمكن ان يظهر بشجاعة ويحدث فرقا في حياة الكثيرين. rnrn

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram