احمد المهناالكاتب الساخر والصديق العزيز علاء حسن نبهني، في مقاله ليوم أمس، الى أن صورتي الفوتوغرافية المعلقة على رأس عمودي قد تغيرت قبل ايام، من لقطة بعيدة الى أخرى قريبة. ويبدو ان البعد والقرب كان مثار نقاش، في "دوائر محدودة"، شأن الاختلاف بين وضع زملاء صورهم مع اعمدتهم وامتناع البعض الآخر منهم عن مثل "هذا الوضع".
rnوالامتناع شخصي على ما يبدو، وخلافه سياسة ادارة التحرير. فهي التي طلبت منا الصور واستجبنا راضين. وهكذا درجت العادة في الصحافة خلال العقد الأخير او حتى قبله. ولا أعرف الحكمة منها. ولكن ربما كانت نوعا من تعزيز العلاقة بين القراء والكتاب، أو ربما استجابة لنبض "عصر الصورة"، أو تماشيا مع "الشفافية" الشاملة لـ "السفور"، والله أعلم.rnعلى أن تبديل صورتي لم يكن من اختياري، كما قال علاء، وانما بمبادرة مشكورة من ادارة التحرير. فهي أفضل من التي سبقتها، رغم انها ملتقطة في مرحلة تعد من أعلى مراحل سمنتي. وهذا أمر لا يهم غير شخصي وأهلي، لأنه يتعلق بصحتي. وقد ابتليت به عن وراثة ومعزة للطعام. كما كنت ابتليت بالدخان عن قلة ارادة وكثرة محبة. ولكن أجراس انذار الصحة دقت، ففرضت فسخ العلاقة مع الدخان، كما فرضت تقنين العلاقة مع الطعام. وهذه أثمان ندفعها لتسديد فواتير الصحة، طلبا للاستزادة من دار البقاء، وتأجيلا لتلبية نداءات دار الفناء.rnوكانت دكاكين التصوير تحث الناس على بضاعتها بشعار"الحياة فقاعة صوِّرها قبل أن تنفجر". وهي دعاية غليظة، تجعل العيشة عابرة والصورة خالدة. ولربما كانت تلك الدعاية سببا في قلة المودة بيني وبين عالم الصور. وأذكر أن شقيقي العزيز فاروق جاء من عراق الحصار زائرا لي وانا في ابو ظبي. وفاجأني بالسؤال عن كيفية جمعي بين العمل في التلفزيون وعدم امتلاكي كاميرا فوتوغرافية. فاشتريت له واحدة ولكنني بقيت على العهد خلوا من اي واحدة.rnوشئنا أم أبينا فقد أصبحت الصورة موجة كاسحة. وبقيت الفرقة الوحيدة الناجية منها المنقبات. وقد كان الحجاب هو النقاب في وقت ما. بينما حجاب اليوم هو المقصود بالسفور في زمن قاسم أمين والزهاوي. فكانت القضية عند اولئك الرواد تحرير الوجه من الحجاب وابقاءه على الشعر. وهذا هو ما يعرف بـ "الحجاب الشرعي". ولعله صار مربحا هائلا لتجارة التصوير الفوتوغرافي. فنصف المسلمين المغطى انكشف، وأصبح طعاما سائغا للصورة.rnوبلدنا ما غيره هو أصل النقاب وهو من دوخ العالم به. فقد اخترعه الآشوريون. وفرضوه على المتزوجة والعاهرة المقدسة، ومنعوه عن غير المتزوجة وعن المومس العادية. وكانت العقوبات قاسية على مخالفة ذلك الفرض. فإذا تنقبت المومس العادية،مثلا، تعاقب بخمسين جلدة، مع ثقب اذنيها وتمرير خيط بينهما يعقد خلف ظهرها، والعمل من اجل الملك شهرا كاملا. واقتبس الفرس النقاب من الآشوريين، ثم أخذه العباسيون عن الفرس، الى أن دارت الدوائر عليه، واصبح مقصورا اليوم على فرقة صغيرة تصم اذنيها صما عندما يغني عبد الحليم "كلنا كدة عايزين صورة". أما أمثالي فيسمعون لكل ما يقال أو يغنى في مصر: "من القاهرة لبغداد تسري العاصفة" كما هوَس علاء حسن عندما سرت الرعدة فينا من انتفاضة 25 يناير. وتلك كانت أياما عزيزة شأنك يا علاء!rnrn
أحاديث شفوية:علاء حسن في الصورة
نشر في: 30 سبتمبر, 2012: 09:45 م