علاء حسن ميزان العدل بوصفه معيار إنصاف المظلوم، كان منذ فكر البشر في سن قوانين لتنظيم حياتهم موضع جدل وشكوك، وخاصة لدى من يشعر بان القانون لم ينصفه، في معاقبة الآثمين والجناة، بمعنى ان الميزان لم يكن دقيقا وعادلا، فالبعض يراه مجرد كبان لوزن الركي عياراته من الاحجار والحصو، وحينما تكون العدالة بمقياس البكال يحصل خلل في تطبيق القانون.
rn ابو نعيم كان يزاول نشاطه في مناطق التاجي والطارمية شمالي العاصمة، قبل عشرات السنين، في الصباح الباكر يتوجه الى القرى حاملا كبانه وعياراته من الصلابيخ ليشتري الباذنجان والخيار والخس ومحاصيل اخرى، لقاء مبالغ زهيدة تقدر بالدراهم، ثم يعود بالبضاعة ليبيعها لزبائنه، ومع ممارسة البيع والشراء باستخدام الكبان يقسم بأغلظ الأيمان بان الميزان دقيق جدا، وعياراته مضبوطة، وهو يعلم بان ميزانه يحقق العدالة بالنيات الحسنة، وطالما طلب من الزبائن التأكد من الوزن بالاستعانة بميزان اي عطار في السوق.rnلدى ابو نعيم صلابيخ بأوزان مختلفة بدءا من اجزاء الكيلو ومضاعفاته، وفي احد الايام وعندما كان يعالج مسمارا في نعله بدقه بصلبوخ ابو الكيلو فقد العيار جزءا من وزنه، فنبهه احد معارفه لذلك لكنه لم يستجب لاشارة التنبيه، واصر على ان عياراته دقيقة جدا وليست بحاجة الى تأييد جهاز التقييس والسيطرة النوعية، او موافقات الاجهزة الرقابية المسؤولة عن هذا الامر، عيارات ابي نعيم بمرور الزمن فقدت اوزانها لانها مسخرة لدق بسامير النعل لمن يحتاج الى هذه الخدمة، او لتعديل عجلة عربانة، او استخدامها بالتراشق بين المتشاجرين من البقالين والعطارين في السوق.rnكبان ابو نعيم وعياراته المستخدمة في العصور السومرية لم تكن تحظى بثقة الزبائن، وعلى الرغم من ذلك لم يعترض المتعاملون معه على طريقته في تحقيق العدل بين البائع والمشتري، لان الرجل صاحب عائلة كبيرة ، ولا يتقصد الغش فضلا عن ذلك انه يسمح للمشترين باقتناء ما يرغبون من الطماطة والخيار، وهذا الامتياز لا يحصل عليه الزبون من البقالين الاخرين.rn القضاء اختار الميزان شعارا ونهجا له ، يوضع في قاعات المحاكم في جميع دول العالم ليكون امام انظار المتهم وصاحب الشكوى، وفوق رأس القاضي ومساعده الايمن والايسر، وليس ثمة ادنى شك في اصدار قرار باستخدام "كبان البكال ابو نعيم "، والاشقاء المصريون في افلامهم ومسلسلاتهم، وعندما يصرخ احدهم في المحكمة "مظلوم يابيه " او "يحيا العدل" كأنما يرغبون في تشخيص خلل في تحقيق العدالة، نتيجة التخلي عن الميزان المعروف والاستعانة بكبان البكال.rnابو نعيم غادر الحياة قبل تشكيل ما يعرف بمحكمة الثورة في زمن النظام السابق، وسيطرة السلطة التنفيذية على القضائية، واصدار الاحكام بطريقة استخدام الصلابيخ من العيار الثقيل الاعدام والمؤبد، ويحيا العدل.rn
نص ردن:"كبان" العدالة
نشر في: 1 أكتوبر, 2012: 07:41 م