TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > نقطتين شارحة: حزب الدعوة: نسخة منقحة

نقطتين شارحة: حزب الدعوة: نسخة منقحة

نشر في: 1 أكتوبر, 2012: 08:36 م

 مازن الزيديفي منتصف شهر تموز الماضي حزب الدعوة الاسلامية الذي يتزعمه حاليا رئيس الوزراء نوري المالكي، بلغ سن الـ 54 حسب اصح الروايات عن تاريخ تأسيسه في العام 1959. وبذلك يصبح ثالث اعرق الاحزاب التي حكمت او لعبت دورا بارزا في تاريخ العراق الحديث بعد الحزب الشيوعي والبعث العربي الاشتراكي المحظور.
بعد خمسة عقود من عمر حزب لعب ادوارا مختلفة في الحياة السياسية، منذ الجمهورية الاولى وانتهاء بتسلمه الحكم لثلاث مرات في عراق ما بعد صدام، فقد ظل طي الكتمان الكثير من ملابسات لحظة تأسيس الدعوة وعلاقاتها بانظمة الحكم في العراق وعلاقتها بدول الجوار، فضلا عن علاقتها بالمرجعية الدينية والحوزة العلمية التي لازال يشوب نظرته اليها شيء من الريبة بسبب غموض مرجعيات الحزب الفكرية والتنظيمية.اقول بعد خمسة عقود يتفق ان يطلع الرأي العام العراقي على وثيقتين غاية في الاهمية تسلطان الضوء على بدايات ومآلات هذا الحزب الذي حكم النظام السابق على اعضائه في ثمانينات القرن الماضي بالاعدام وباثر رجعي، ويرى البعض انه لازال ساريا من الناحية القانونية على الاقل.اولى هاتين الوثيقتين تلك الشهادة التاريخية التي ادلى بها السيد طالب الرفاعي في اماليه ونشرت في حزيران الماضي. ويعتبر الرجل من زملاء المرجع محمد باقر الصدر في تأسيس الدعوة الذي بقي مرشدا له مع اخرين حتى لحظة مغادرته العراق بالرغم من انشقاق الصدر عنه بعد عام واحد فقط  من التأسيس اي في 1960.الرفاعي يسرد في شهادته، التي دونها الباحث العراقي رشيد الخيون، تفاصيل الحقبة الممتدة من 1959 الى 1969 تاريخ مغادرته الى القاهرة ممثلا عن المرجع الاعلى انذاك محسن الحكيم، فيؤكد ان الحزب تأسس كرد فعل على المد الشيوعي في الحقبة القاسمية، كما يذكر ايضا تعاون الدعوة مع التيار القومي، بما فيه حزب البعث، لمواجهة الفكر الشيوعي عبر نشر فصول كتاب "فلسفتنا" في اعداد صحيفة الحرية التي كان يترأسها البعثي قاسم حمودي.يتحدث صاحب الامالي ايضا عن اول انشقاق شهده حزب الدعوة بعد عام واحد من التأسيس، وبعد خروج الصدر نفسه،  بسبب صراع بين عمائم الحزب وافنديته للسيطرة على مقاليد القرار ، فيما ظل ابرز حزب شيعي آنذاك يراوح بين الاعتراف بدور المرجعية كولي فقيه من خارج التنظيم وبين فقيه الحزب الذي يخضع لاشتراطات الحزب ذاته كما حصل باجتثاث المرجع كاظم الحائري.ويشير الرفاعي الى الموقف السلبي للدعوة من الخميني المقيم في النجف انذاك والذي رفض الحيلولة دون اعدام قبضة الهدى، عارف البصري وزملائه، بحجة انه "لا يدافع عن جواسيس". كما تتحدث امالي الرفاعي عن تنسيق الحزب مع ضباط في المؤسسة العسكرية تمهيدا لتنفيذ انقلاب واستلام الحكم.الاوساط السياسية والاعلامية في العراق منشغلة هذه الايام ايضا بشهادة من نوع اخر ينشرها المفكر غالب حسن الشابندر عن عقود من العمل الحزبي في سلسلة حملت اسما مقصودا "خسرت حياتي". الشابندر يسجل شهادته المهمة عن حزب الدعوة، في فترة المطاردة وحقبة المهجر، كاسرا بذلك سياق النقد الذاتي الداخلي والتكتم الذي كان يعتمده الحزب بعيدا عن وسائل الاعلام.وبعيدا عن اجترار الماضي، مع اهميته طبعا، فان الرفاعي والشابندر يلتقيان في نقطة واحدة تتمثل بابداء الخوف على مستقبل الحزب الذي اريقت بسببه دماء الالاف من شباب العراق وما جره من استنزاف لموارد العراق المادية وغير المادية التي مهدت الطريق لوصول حكم ديكتاتورية خاضت حروبا داخلية وخارجية كان بالامكان تفاديها بطريقة واخرى لو كان هذا الحزب يمتلك قيادة عقلانية.وبين الشهادة التي يقدمها الرفاعي عن ولادة حزب الدعوة الى فترة مراهقته السياسية، وبين الشهادة التي يقدمها الشابندر عن الدعوة ايام "الجهاد" وتسلم الدعاة مقاليد السلطة في بغداد بعد التدخل الاميركي، تبدو الصورة واضحة عن بدايات أدت الى هذه النتائج التي نعيشها في ايامنا هذه. الرفاعي والشابندر حاولا في شهادتيهما المقارنة بين ما آلت اليه حال حزب البعث الذي كانت الملايين تهتف له وبين حزب الدعوة الذي لم يكن يقل بريقا ايام الثمانينات وحتى قبل 2003.لا نملك ونحن نضع الشهادتين في سياقهما الطبيعي الا ترديد بيت السيد طالب الرفاعي: اما الدعاة فحالهم يرثى لهم... والقول فيهم والعراق يطول.كما لا يسعنا، والحال هذه، الا ترديد حديث الشابندر الممزوج بشيء من المرارة عن "اليد التي تتوضأ لا تسرق".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بالحوارِ أم بـ"قواتِ النخبة".. كيف تمنعُ بغدادُ الفصائلَ من تنفيذِ المخططِ الإسرائيلي؟

تحديات بيئية في بغداد بسبب انتشار النفايات

العراق بحاجة لتحسين بيئته الاستثمارية لجلب شركات عالمية

الكشف عن تورط شبكة بتجارة الأعضاء البشرية

مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 %

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram