اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > سوريا.. دوّامة الخيارات السيئة

سوريا.. دوّامة الخيارات السيئة

نشر في: 2 أكتوبر, 2012: 07:00 م

وميض إحسانليس هناك من يرضى على كل ما يجري في سوريا..إن كان في ما يتعلق بالأساليب الهمجية التي يتبعها  النظام السوري في تصديه للانتفاضة الشعبية، أم في ما يخص حال المعارضة السورية، وطبيعة ارتباطاتها مع جهات خارجية أفقدتها الكثير من رصيدها الوطني.
ولعل أكثر ما يسبب تشابك خيوط المسألة السورية، ويزيدها تعقيداً، يتمثل في خروج الانتفاضة الشعبية عن الحدود التي أدت إلى اندلاعها، وظهور اشتراطات جديدة راحت تتحكم باستمرارها، ما جعل الحالة السورية تتأرجح بين أجواء الأهواء الإقليمية المحكومة بالمطامح الضيقة، ومطالب الدول الكبرى الملبدة بغيوم السياسة الدولية ومصالحها الواسعة، حتى باتت المسألة تبدو مستعصية على الحل، أو الحسم، على الأقل في المدى القريب.وما يدفع إلى الظن بصعوبة التوصل إلى الحل، أو الحسم على المدى القريب، أن النظام السوري ما زال متماسكاً، بالقياس إلى المقاومة التي يواجهها في الداخل، وبالنظر للضغوط التي يتعرض لها في علاقاته الدولية، فمؤسسات الدولة ما تزال قائمة تمارس أعمالها بشكل يومي، على الرغم من توتر الأعصاب البادي على أدائها، والتكاسل الذي أصاب بعض مرافقها،والجيش النظامي السوري ما زال متماسكاً هو الآخر، وقوياً، على الرغم من الانشقاقات التي حصلت بين صفوفه.وفي المقابل، فإن المعارضة السورية هي الأخرى تزداد خبرة مع مرور الوقت، وتكتسب تعاطفاً دولياً كل يوم،خصوصاً بعد انشقاق أعداد مهمة، كماً ونوعاً، عن النظام والجيش،والوقوف إلى جانب المعارضة، وتشكيل الجيش السوري الحر الذي خطف الأضواء بعملياته المسلحة ومنح الانتفاضة الكثير من عوامل الكفاح المسلح.هذه الحال تجعل من المبكر التفكير بأن مجريات الحوادث تتجه نحو حل قريب، تتكفل به حركة مساعي مبعوث أممي أو تحالف دولي، أو أن موعد الحسم بات قريباً، يتمثل بقرب سقوط النظام وانتصار المقاومة، فالطرفان قد تم ضبط حركتهما بطريقة توحي بوجود جهات تريد أن تصل بهما إلى الهلاك والتآكل قبل أن تحسم الأمور.من جانب النظام السوري فإن ما يساعد على بقاء المسألة متأرجحة في مختلف الاتجاهات، وخاضعة لكل الاحتمالات، هو التأييد والدعم الذي يحظى به نظام الأسد من قبل قوى دولية مؤثرة مثل روسيا والصين، الأمر الذي يزيد من خياراته على الأرض، ويوفر له القدرة على المطاولة،واللجوء إلى المناورات السياسية في التجمعات الدولية، ويمنحه الأمل في اللحظات المفاجئة التي تأتي بها تقلبات المواقف، ومتطلبات المصالح، وشروط الصفقات السياسية. أما من جانب المعارضة فإن الظروف الإقليمية، وطبيعة التحالفات في المنطقة، وارتباطها بسياسات، ولعلها بنزاعات، بين القوى المؤيدة للانتفاضة،والقوى المعارضة لسقوط النظام، كل ذلك أفسد طبخة المقاومة السلمية، وأوجد فجوات واسعة في المقاومة المسلحة، وسمح بتدخل جهات لها مصالح، ولها مطالب، أضعفت احتمالات الانتصار السياسي على غرار ما جرى في تونس ومصر، واختزلت إمكانات الحسم على الأرض عن طريق تدخل أجنبي مثلما حدث في ليبيا.كل هذا يجري وسط استغراب الكثيرين من عجز النظام العربي عن إيجاد حلول مناسبة للمأزق السوري، واقتصار المساعي العربية على تبني دور التابع،والاكتفاء بدور ساعي البريد الذي ينقل الرسائل ووجهات النظر متحملاً مصاعب الطريق وتكاليفه الباهظة، الأمر الذي أثار الشبهات حول انخراط بعض العرب في مشروعات خارجية تخفي في داخلها مقاصد بعيدة ومصالح مؤجلة، ما جعل تدخلهم المثير للدهشة في بداية الأزمة جزءاً منها، وداعياً لتعقيدها، وليس حلاً لها.  ليس هناك من يستطيع إقناع المواطن العربي بأن أميركا وفرنسا وبريطانيا يناصرون الشعوب المظلومة ويعملون على أن تنال حقوقها السياسية والاجتماعية، وأنهم يعادون النظام السوري من أجل أن يتمتع شعبه بالحرية والكرامة الإنسانية، وإلا لكان الشعب الفلسطيني أولى بمواقف تلك الدول قبل أي شعب عربي آخر.  ثم من يستطيع التصديق أن دولاً عربية مثل دول الخليج العربي، وفي مقدمتهم السعودية وقطر، تناضل من أجل أن يحظى السوريون بنظام سياسي ديمقراطي، يقوم على التعددية ويعتمد الانتخابات الشعبية أساساً لنظام حكم نيابي يتم تداول السلطة فيه بالطرق السلمية؟ هذه الأمور تجعل من الصعوبة تحديد صورة المستقبل، وتحيل مصير الصدام العبثي الحاصل في سوريا إلى مقادير مجهولة، وتكشف عن أن ثمة جهات لها مصالح في استمرار هذا الصدام إلى الحدود التي تؤدي إلى تآكل الدولة وتفتيت المجتمع.وهذه الحال باتت تضغط على مشاعر الشارع العربي بكل شرائحه السياسية والثقافية، وجعلته يدور في دوامة قلق الاختيار، الأمر الذي دفعه إلى أن يعيش حالة تمزق نفسي خطير. إذ ليس هناك من هو قادر على إقناع المواطن العربي بأن من حق النظام السوري أن يقتل شعبه ويشردهم لمجرد مطالبتهم بإصلاح النظام السياسي، وتحقيق العدالة الاجتماعية للناس. كذلك لا يمكن الاقتناع بحق المعارضة في تجريد انتفاضة الشعب السوري من دواعيه النضالية عن طريق مطالبة قياداتها بالتدخل الخارجي لإسقاط النظام، ومنحهم مقاعد الحكم جاهزة على غرار ما جرى في بعض الدول العربية، دون الأخذ بالحسبان حجم "الفاتورة&quo

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram