TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > مظاهر التيارات المعاصرة ومقتضيات الأمن الثقافـي

مظاهر التيارات المعاصرة ومقتضيات الأمن الثقافـي

نشر في: 3 أكتوبر, 2012: 06:49 م

عبد المجيد حسن شياعمن المفاهيم والمصطلحات التي ظهرت ونشأت حديثا في بلادنا العربية , وتحديدا في بداية السبعينات من القرن الماضي , هو مفهوم (( الأمن الثقافي )) , الذي جاء مكملا لعدة مصطلحات ومفاهيم نشأت في مجالات وحقول مختلفة مثل (( الأمن الاجتماعي )) و (( الأمن الاقتصادي )) و (( الأمن الغذائي )) وغيرها .
 rn ومن جانب آخر نرى حرباً ثقافية فعلية تشن على العرب والمسلمين بصورة خاصة من طرف الغرب والصهيونية بهدف استئصال كل ما يجمع العرب من تراث ديني وحضاري تجسده هوية العروبة الحضارية بتاريخها ،وذلك لإدخالنا في المتاهة .rnوقد قام مثلا بعض المحافظين الجدد وأشباههم في الوطن العربي من الليبراليين الجدد باستبدال تعبير (( العرب )) في الأدبيات السياسية والفكرية باصطلاح (( الناطقين بالعربية )) , وهذا الاستبدال لا هدف له , سوى تدمير فكرة وجود الأمة في وعي الإنسان العربي لنفسه , فهو بحسب زعمهم ليس عربيا بالأصل , بل هو كائن ناطق بالعربية شبيه بالإندونيسي الناطق بالهولندية , وبالتالي تكريس انطباع زائف في وعي الإنسان العربي لنفسه بأنه نتاج استعمار أمة أخرى تدعى العرب .rnوهكذا أيضا , ومن ضمن تخريب الأمن الثقافي العربي يجري نقد العروبة وتوصيف المشاعر التقليدية لدى جميع المواطنين الذين ينفعلون بالأحداث المأساوية في فلسطين ولبنان والعراق بأنها مرادفة للتخلف , أو هي تعبير عنه , يعكس نوع وطبيعة استراتيجيات الغرب القديمة والمستجدة لمحو العروبة .rnوإذا أرادت أمة أن تحقق لنفسها تقدما حضاريا مزدهرا , فلا بد أن توفر الأمن لديها على المستويين الفردي والجماعي , فضلا عن المستوى الثقافي لها , وذلك ما شهد به التاريخ وأكدته تجارب الشعوب والأمم ذات الحضارات العريقة , فلا إبداع من دون استقرار , ولا نهضة ثقافية أو علمية أو اجتماعية من دون طمأنينة   تلقح العقول وتعلي الهمم وتطلق الحريات .rnإن الأمن هو أهم الأسس وأبرز القواعد التي يقوم عليها صرح الحضارات , وهو اللغة الرسمية التي يتميز بها الفرد المتحضر والمجتمع المتقدم والأمة الواعدة التي تدرك ما ينطوي عليه المناخ الآمن من عوامل حضارية متينة تقود إلى صنع مجتمع حضاري متقدم يتميز بالاستقرار وينعم بالسكينة .rnوقد لاحظنا أن تطور الحياة وأسبابها أديا إلى استحداث أسماء كثيرة للأمن مثل، الأمن القومي , والأمن الجماعي , والأمن الإقليمي , والأمن الدولي , ويرى  هارولد براون  , وهو أحد وزراء دفاع الولايات المتحدة السابقين , أن الأمن القومي هو القدرة على صياغة وحدة الأمة , ووحدة أراضيها , والحفاظ على علاقاتها الاقتصادية مع جميع دول العالم , ولكن بشروط معقولة .rnوقد غلبت على مظاهر الثقافة العربية المعاصرة العديد من التيارات , التي من أبرزها هي , أولا , تيار الثقافة المستعادة , أو تيار الثقافة العربية الإسلامية , ويدعو هذا التيار إلى عودة الأمور إلى ما كانت عليه من الجانب حضاري إلى بداية نشأة الإسلام , إذ يعيد هذا التيار نموذج المدة المعاصرة , فضلا عن بعض ما لحق به من مراحل زاهية .rnوثانيا , تيار الثقافة المستعارة , أو تيار الثقافة الغربية المعاصرة , ويعتمد هذا التيار على معطيات ثقافية قديمة أو معاصرة .rnوأخيراً , هو تيار الثقافة العربية الإسلامية المنفتحة , وهذا التيار يدعو للوئام بين روح الإسلام ومعنى الحضارات الإنسانية , والاستفادة من كل ما من شأنه أن يقدم الحلول على قاعدة المعقول , ويسعى من خلال كل ذلك إلى تحقيق منظومة حديثة التنسيق مع المنظومات السابقة , ويستوعب حقائق العصر وجميع شؤونه .rnولعل أول ما يتبادر إلى الذهن عند الحديث عن الأمن الثقافي العربي والإسلامي , هو تفرد الثقافة العربية الإسلامية بخصائص وصفات معينة تكمن فيها خصوصية هذه الثقافة , وتميز المجتمع العربي عن باقي المجتمعات , ففي ظل النظام الدولي الجديد نجد إن هنالك توجها جديدا وشديدا نحو تحديد الهوية , وبينما تتحول حياة الفرد نحو العالمية , نجد أن الفرد نفسه يحاول أن يحافظ على ثقافته التي تمثل هويته وشخصيته المميزة , ومن ثم  فإن الهوية تظهر ويتأكد محورها في كل المجتمعات .rnلقد كانت المواجهة مع الغرب في عصرنا الحديث تعبر عن الرد على التحدي الخارجي الأكبر , فمع الأخذ من الثقافة الغربية , ومع فرضها علينا أحيانا , كان هناك خوف على الهوية العربية الإسلامية , وكان الغرب يرى أن حضارته وثقافته تمثلان نهاية التطور , وأن الحضارة البشرية انتهت إليهما , وما عداهما تخلف وركود , ومع كل هذا لم يغب عن أذهاننا إن هناك تعددا , وإن لكل أمة ثقافتها ولغتها التي تعمل على حفظها عبر توازنها لجميع الأجيال القادمة وحمايتها من الاندثار .rnوانسجاماً مع هذا النص , فإن الأمن الثقافي هو محاولة من المجتمع نفسه للحفاظ على عاداته وتقاليده وإرساء أسسه وتحصينها من جميع المؤثرات الخارجية , ويعتمد وجود الأمن الثقافي العربي الإسلامي على التفاعل الإيجابي والتعاون بين المواقف المختلفة للثقافات الوطنية والمحلية .rnوللأمن الثقافي وجهان على الأقل , إقليمي ودولي , فالإقليمي يتصل بالسياسات الثقافية للدول العربية ومؤسساتها المدنية ,

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram