TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > في الحدث:اغتصاب متكرر

في الحدث:اغتصاب متكرر

نشر في: 3 أكتوبر, 2012: 07:39 م

rn حازم مبيضين rnتطرح حادثة الاعتداء الذي تعرضت له شابة تونسية, من قبل ثلاثة من أفراد الشرطة اغتصبوها وابتزوا خطيبها, وأتت المحكمة بعد ذلك لتتهمها بالقيام بأعمال خادشة للحياء العام, العديد من الأسئلة المتعلقة بنظرة الحكومة التونسية الجديدة إلى المرأة وحقوقها, وهي التي تحاول في دستورها الذي يخلف دستور بورقيبه وبن علي, الانتقاص من مكتسبات المرأة وتهميشها, واعتبارها مجرد مكمل للرجل, مثلما تطرح السؤال عن النظرة الى المرأة المغتصبة, ليس في تونس وحدها, وإنما في عالمنا العربي بشكل عام.rn
rn rnابتداءً فان تلطي حكومة النهضة التونسية وراء المقدس, كانت تفرض عليها إيقاع أقسى العقوبات بحق رجال الشرطة الذين اعتدوا على الفتاه, حتى لو كانوا ضبطوها في وضع مخل مع خطيبها كما يزعمون, فهؤلاء أخلوا أولاً بواجبهم الوظيفي, ثم ارتكبوا الفاحشة رغما عن الطرف الآخر, وجريمتهم الأقل أهمية هي الرشوة التي فرضوها على الشاب, حتى أنهم اصطحبوه إلى أكثر من صراف آلي ليقبضوا ثمن خيانتهم لشرف وظيفتهم, وكان على المحكمة أن تبدأ بسؤالهم عن فعلتهم لا أن تتواطأ معهم, فتتوجه بالتهم البائسة إلى الفتاة التي مرت بتجربة ولا أقسى.rnالمحكمة التونسية تسببت في أذى نفسي للفتاة, يفوق الأذى الذي ألحقه بها مغتصبوها, فقد أخضعتها للاغتصاب مجدداً, ولكن هذه المرة في ساحة القضاء, وعلى مرأى ومسمع كل التونسيين والتونسيات, وبتغطية إعلامية غير مسبوقة, وكأن الرسالة المتوخاة تعني أن على من تتعرض للاغتصاب مستقبلاً الصمت, والانزواء في زاوية منزلها, خصوصاً إن كان المغتصب واحداً من أعوان السلطة, التي يبدو أنها تتكاتف اليوم بكل أفرعها, التنفيذية والتشريعية والقضائية, لتعود بالمرأة التونسية إلى القبول بثقافة وأد البنات.rnالسلطة القضائية التونسية اغتصبت بفعلتها كل التونسيات, حين تعاملت معهن بوصفهن مجرد أوعية للذة والمتعة, وليس مهماً إن كان ذلك حراماً أو حلالاً, وهي لم تقم وزناً حتى للاحكام الشرعية, كان همها تبرئة المجرمين الوحوش الثلاثة, المحكومين بغرائزهم البهيمية, والضرب بيد من حديد, على رأس كل من يظن أن تونس بلد يحترم حرية المواطن ذكراً أو أنثى, والتهديد الواضح والمكشوف بأن الفضيحة العلنية المؤيدة بهيبة القانون, ستكون جاهزة للرد على كل من تسول له نفسه التفكير بأنه ولد حراً, وأن حريته مقدسة عند حكامه, امتثالاً لتعاليم الدين الذي يتشدقون بأنهم يحكمون باسمه, ولإعلاء شأنه في المجتمع.rnفي بعض دولنا العربية يتم إجبار مغتصب الفتاة على الزواج بها, دون أي حساب لمشاعر وأحاسيس المغتصبة, ويعني ذلك أنها ستعيش بقية عمرها تحت وطأة تجربة الاغتصاب, إن قدر للزواج القسري أن يستمر, وستكون عرضة للكوابيس كل ليلة, وكلما دنا منها مغتصبها السابق وزوجها الحالي, ولا ندري كيف لايشعر المجتمع بالظلم الفاحش, الذي يوقعه على المرأة التي كان كل ذنبها أنها كانت ضحية لوحش بشري مهووس ومريض, فكان الحكم بأن تقضي معه ما تبقى من عمرها التعيس.rnمن يغتصب امرأة هو كمن يقتلها, ولا يجب أن تكون عقوبته " الفوز " بها, لتكون ضحيته في كل ليلة, وقد يقول بعض المتزمتين إن لباس المرأة أو تبرجها يشجع الرجل على اغتصابها, وهذا قول مردود, ونحن نعرف أن الكثير من مرضى النفوس لايتورعون عن التحرش بصبايا محجبات, أو نساء في عمر أمهاتهم, وهم يتركون عقولهم بغير وظيفة أو عمل, وينقادون وراء شهواتهم الحيوانية المنفلتة من كل عقال, ماداموا يعرفون أن العقوبة هي الزواج من الضحية, وواثقون أن الردع ليس بحال من الأحوال من حجم الجريمة.rnهل يدعو كل ذلك إلى الاحتكام لغير القوانين السارية, وترك الأمر لأهل الضحية للاقتصاص من المجرم, مع ما يعنيه ذلك من استقالة الدولة والجكومة من وظيفتها, ومع ما يعنيه ذلك من انفلات الأمور, وتغييب العدالة التي يجب أن تظل هاجس كل حكومة, سواء ادعت أنها تحكم باسم الدين, أو علمانية أو مدنية, سمها ما شئت, لكن واجبها أن لاتشرعن ظلم الضحية مرتين أو أكثر.rn

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram