اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > امرأة.. شفق البحر..فيض المخيلة واشتراطات الواقع

امرأة.. شفق البحر..فيض المخيلة واشتراطات الواقع

نشر في: 5 أكتوبر, 2012: 07:13 م

أحمد خلفيرسم لنا القاص والروائي سعد محمد رحيم في روايته (ترنيمة امرأة.. شفق البحر) حدود معرفته الذاتية بأبرز الظواهر والمعضلات الاجتماعية والسياسية بإدراك من يريد تحديد موقفه بعيداً عن الصراخ أو العويل العاطفي،
ويضعنا بنباهة العارف بخصائص الفن الروائي، لذا تعتمد فقرات الرواية ومحطاتها وفصولها على مجموعة لقاءات يتم بعضها بمحض المصادفة والبعض الآخر بترتيب مقصود منه التوصل الى جملة حقائق، ونلاحظ أن أبرز لقاء بين سامر بطل الرواية وساردها، وبين حنان حين تسأله عن مرآب البياع لكي تذهب إلى الديوانية حيث تعيش هناك، أما اللقاء الثاني بكلوديا الايطالية الذي يتم هو الآخر مصادفة، حين يقول في مطلع روايته:"تعرفت عليها على ساحل سوسة في تونس، يومها دارت موجة عنيفة مباغتة وقربتنا من بعضنا، ونحن في عرض اللجة ألفيتها على حين فجأة الى جانبي" ص7 وسوف نعلم ان هذا اللقاء قد ارتفع على مستوى ما توفره المصادفة الى درجة تجعل منه لقاءً مصيرياً تتحدد به حياة سامر، ومن خلال هذه العلاقة الثنائية بينه وبين كلوديا، يروي لنا حياته الماضية في العراق أو في ليبيا حيث عمل مدرساً للغة الانكليزية هناك، سوف نعرف ايضاً انه خاض سنوات الحرب العراقية الإيرانية وخرج منها محطماً ويائساً، وبناء على مقترح من شيماء شقيقته يذهب للعمل في ليبيا لكي يوفر بعض النقود ويسافر الى أوربا عن طريق تونس، وحين يلتقي كلوديا، كأنه التقى بمصيره الضائع بين الأحراش وظلام ليل الحرب أو المجهول أو الآمال المحطمة والذكريات المتداعية، وتستند أحداث الماضي لديه، أو الأفعال الدراماتيكية التي تتوارد إلينا عبر التداعي الحر الذي يتدفق عادة، كلما التقى بكلوديا، والتداعي الحر يستلزم مرسلا يعلم كل شيء عن الماضي ومرسلا إليه يجهل أبجديات تلك الحياة الماضية، وليس مثل كلوديا الايطالية، الأوربية، التي تجهل كل شيء عن حياة سامر في العراق، وتعطينا كلوديا بدورها نظرة استشراقية محدودة الآمال، لكنها كافية لمعرفة كيف يفكر الغرب بنا وكيف نفكر نحن الشرقيين بهم، تقول كلوديا الايطالية الجنسية:"أنت ماسوشي لا يرتاح لك بال إلا إذا وجدتك عالقاً عن لا أعذار والمواساة".. ص27 ويلخص هذا القول النظرة الشخصية لحبيبته كلوديا، لكنه ايضاً يوفر انطباعاً شبه عام لدى الأوربي في نظرته الكلية الى رجل الشرق، سليل ألف ليلة وليلة، والذي تربى على حكايات شهرزاد في تلك الليالي التي أذهلت الغرب وما زالت حتى اليوم.ولعل قارئ (ترنيمة امرأة.. شفق البحر) يتساءل عن الغاية التي يذهب لأجل تحقيقها سامر الى أوربا ثم يعود الى بغداد عبر ليبيا وتونس ثانية.. ماذا أراد المؤلف أن يقول لنا عبر صفحات روايته؟ فقد عرضت عليه كلوديا البقاء في ايطاليا لكي يعيش ويكتب روايته التي كانت أبرز مشاريعه الحياتية، أو يكمل دراسته الجامعية للحصول على الدكتوراه، وكل هذا يتم بمساعدة والدها الثري الذي يستطيع أن يفعل له المزيد من أجل البقاء مع كلوديا إذا وافق سامر على طلبها في البقاء، لكنه في نهاية الرواية يقرر العودة إلى بغداد ويغادر أوربا بعد أن كافح طويلاً من اجل الوصول الى بلاد الغرب خصوصاً ونحن نعلم انه دخل ايطاليا بجواز سفر مزور.. ولعل الشيء الوحيد الذي بقي له في هذا العالم الدامي والحياة الصاخبة، هو أن يكتب روايته لكي يتخلص من ثقل الذاكرة وضغطها عليه، ولكن هل تستطيع الرواية أن تمحو أو تغطي على صفحات من الماضي؟ فقد اصيب سامر بست وثلاثين شظية في الحرب، كما فقد حبيبته في بغداد (حنان) بعد اصابتها بالمرض الخبيث نتيجة اليورانيوم المنضب في مدينة البصرة، اذ اكملت حنان دراستها الجامعية هناك، كما انه غادر طفولته وافترق عن أحبابه، ولعل صديقه خالد من أبرز الأسماء الحية التي بقيت تضغط على جدران الذاكرة ونهايته المأساوية.. ان شخصية سامر وهي رديف لشخصية المؤلف، تحمل على كاهلها الكثير من الهموم، العذاب والذكريات الدامية، لذا، لا يجد حلاً للخلاص من ماضيه إلا بتفريغ ذاكرته مما تكدس فيها من ذكريات وأحداث. وعن ذلك العذاب يتساءل: "هل ستخرجني منه روايتي هذه؟ شدو اللغة المتمنعة هذه؟ وهذا السعي الموجع الحثيث من اجل الذاكرة/ ذاكرتي، وهي كائنة على الشفير".. ترى هل يمكن للرواية أن تقدم لنا حلولاً ناجعة؟ ماذا يحدث حين نكتب رواية؟ وأي نوع من الروايات نريد كتابته؟ وهل يبلغ الاعتقاد بإمكانية الرواية على تقديم الحلول إلى درجة اليقين القاطع بحيث لم يعد أمامنا من بدٍ إلا كتابتها، وهل ينبغي أن نضمنها كل ما نعانيه وكل ما نفكر به؟ أي نبوح بكل عذاباتنا دون تردد؟ إذاً أي شكل روائي يمكن ان يتجاوب ويتناغم مع سيل الذكريات المحطمة على حد تعبير لويس اراغون؟ هل الرواية التقليدية التي تعتمد معظم قوانين الملحمة الارسطية وقواعدها أم الرواية الحديثة؟ وما هي أبرز صفات الحداثة في الرواية التي نريد ان نكتبها ونكون راضين عن تقديمها للآخرين لكي يتعرفوا على الحياة العسيرة التي عشناها دون عون من أحد؟هل نأخذ بمقولة مارت روبير التي ترى "أن الرواية فن يدخل على كل الممكنات، وهي حرة ومنفلتة" أي أن ا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram