TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > مناهج التعليم وسياسات الصراع

مناهج التعليم وسياسات الصراع

نشر في: 6 أكتوبر, 2012: 07:21 م

(3 ـ 3 ) د.يحيى الكبيسيقلنا في مقال سابق أن المناهج الدراسية القائمة في الكتب المدرسية، والذي يراد له أن يمثل منهجا وطنيا A National Curriculum يعكس ما تعده الجهات المسؤولة عن وضع المناهج ثقافة مشتركة Common Culture، ليست في الحقيقة سوى تغطية على مناهج خفية Hidden Curriculum  يتم استعمالها عمليا في عملية التعليم
rn خاصة فيما يتعلق بالمسائل ذات البعد الطائفي في ظل الصراع الطائفي الذي يحكم العراق اليوم. وقد كشفت دراسة ميدانية (مقابلات مع معلمات ومعلمين في مدارس ابتدائية ومتوسطة واعدادية في أربع محافظات عراقية: بغداد وكركوك بوصفهما مدينتين مختلطتين، والأنبار وكربلاء بوصفهما مدينتين تكاد تكونان صافية طائفية) أن الغالبية العظمى ممن تمت مقابلتهم لا يقومون بتدريس المواد كما ترد في الكتاب المدرسي. كما عكست اجابات المعلمين في المناطق السنية وجود شعور عام بوجود عامل مذهبي في تغيير المناهج مما يضطرهم إلى التعاطي معه بسلبية. يقول أحد معلمي الأنبار : "لا يمكن لمدرس أن يدرس منهجا وضعت بعض فقراته من طائفة واحدة". ويبدو تأثير العامل الطائفي حاضرا أيضا في المناطق الصافية في كركوك، يقول أحدهم: "بالنسبة لي في قرى الحويجة يذهب المدرس للتدريس حسب رأيه ... وبالتالي ادرس ما أراه يفيد طلابي ولا أخاف لعدم وجود امتحان وزاري". rnويعد العامل المذهبي السبب الأول فيما يتعلق باعادة تكييف المناهج الدراسية، خاصة في المناطق الصافية طائفيا، ولا يقتصر الأمر على المواد ذات الطبيعة الدينية، وإنما يتجاوزه إلى المدونة التاريخية التي تخص كلا الطائفتين (الشيعية والسنية). يقول أحد المعلمين في الأنبار: "أنا كمدرس للتربية الإسلامية أعيد دائما تكييف المواد حسب مرجعيتي وديني، ولا أعطي أهمية لما يأتي في المنهج". ويقول آخر في المحافظة نفسها: "أعمل بكل جهدي كمدرس تاريخ أن أعيد تكييف المنهج مع الحقائق التي أؤمن بها، وهي حقيقية، لأن بعض التعديلات في المناهج فيها مغالطات وتفسيرات بعيدة عن الحقيقة فأقوم بتكييف المنهج بما يرضي ضميري لأن المسألة أمانة في نظري". ولا يقتصر الأمر هنا على قرار المعلم نفسه، يقول أحد معلمي كربلاء: "في المواد التي تتعارض مع المذهب تدرس هذه المواد بحسب رؤية المذهب وهذه مشكلة بالنسبة للتدريسين لاننا ندرك اننا نخرق المنهج بذلك ولكن اعتقد انه مطلوب من واضعي المنهج ان يحلو هذه المشكلة لا المدرس يقع تحت ضغوطات  متعدة منها مايتعلق بنفسية المدرس ومنها مايتعلق برجال الدين الذين يتابعون طريقة التدريس لمثل هذه المواد وان هناك تغاضي من التربية والوزارة لتدخل رجل الدين في التعليم والسبب ان رجل الدين هو المؤثر الاول في المنصب الذي يتسلمه مسؤل ما".ـ كما أجاب اغلبية المعلمين في المناطق الصافية بأنهم لا يقومون مطلقا بتدريس المواد التي لا تتفق مع مرجعياتهم، وفي أحسن الأحوال المرور عليها بشكل سريع. ولا يخفي المعلمون تأثير المجتمع المحلي في هذه المسألة، أي أن المعلم يجد نفسه ملزما في عدم تدريس المواد التي يعتقد أنها تتعارض مع رؤية المجتمع المحلي، تقول أحدى المعلمات في كربلاء:"في الحقيقة نحن نشعر بالحرج من هذه المواد ولذلك اطالب وزارة التربية بازالة اي مادة خلافية ... وفي حال درسنا مادة ما مقررة بطريقة لاتتلائم مع مرجعياتنا الدينية وتسربت الى رجال دين فان ذلك يسبب مشكلة ليست باليسيره ... ليس من السهل تدريس مادة تخالف ما متعارف عليه عند رجال الدين قبل الوزير او التربية بذلك او لم يقبلا".rnوكشفت الدراسة عن ظاهرة خطيرة جدا فيما يتعلق بالمواد المختلف عليها طائفيا في المراحل الخاضعة للامتحانات العامة، فقد كانت هناك اجابتان مختلفتان تبعا للمكان وطبيعة او انتماءات المعلمين والطلبة! ففي محافظتي الانبار وكربلاء الصافيتين طائفيا كانت غالبية الاجابات تتحدث عن منهج مزدوج، أي تدريس المنهج بعد إعادة تكييفه، ومطالبة الطلبة بالالتزام بما ورد في المنهج الرسمي حرفيا في الامتحانات العامة! يقول أحد المعلمين من محافظة كربلاء: "المراحل المنتهية هي مهمة للطالب وهي تحدد مستقبل الطالب وفي نفس الوقت تكشف التلاعب بالمنهج امام الدولة في حالة الاجابة بشكل يغاير ما هو موجود في المنهج ولذلك الجميع في الجهتين الشيعة والسنة يدركون هذه الحقيقة المعروفة والمسكوت عنها انها خطرة وتكشف النفاق في عملية التدريس والتلاعب في المنهج". أي أننا عمليا أمام عملية تعليم تكرس الانقسام الطائفي من خلال إشعار الطالب بأن ما يدرسه في الكتاب المدرسي غير صحيح ولكنه ملزم بالالتزام به لأسباب طائفية وليست علمية، وهذا يعني أيضا أن المدرس يعلم الطالب الكذب والنفاق والتدليس من أجل النجاح مع كل ما ينتج عن ذلك من تأثيرات سايكلوجية واجتماعية على سلوك الطالب.rnوقد كشفت الاجابات عن هذا السؤال عن مدى تأثير العامل الطائفي في العملية التعليمية بشكل عام، وصولا إلى الشعور بأن كشف طبيعة الانتماء الطائفي للطالب عبر اجابته على الأسئلة يمكن أن تؤثر على درجاته، يقول أحد المعلمين من محافظة الأنبار: "إن أغلب الطلاب أصبح الأمر واضحا عندهم

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram