عامر القيسياللغة تعني الثقافة والتواصل الحضاري والمعرفة والتميز أيضا.. يعتقد البعض ولا يزال، ان تعلم لغة أخرى يعني الهيمنة الثقافية والفكرية، وينظر الى عدم تدريسها من منظار شوفيني ضيق، خصوصا اذا كان نوع الترابط بين أكثر من شعب ومكون داخل الاطار الواحد في الجغرافيا والتأريخ من النوع العراقي.
للكرد فضل كبير على اللغة العربية وأسماء بارزة ومهمة ساهمت مساهمة فعّالة في اغناء المكتبة العربية بدراسات ومشاريع تخص اللغة العربية، مثل محمد كرد علي، ابن حاجب،خيرالدين زركلي والبيتوشي وغيرهم ممن لاتحضر اسماؤهم في هذه العجالة من معالجة موضوع بهذا الوزن. والكرد ربما من أكثر الشعوب التي تتحدث لغات المكونات الاخرى بفعل التداخل الاجتماعي والاقتصادي فضلا عن السياسات المعادية للشعب الكردي والتي كانت من مهام هذه السياسات فرض لغة بعينها على الكرد. ومع كل التحولات في التجربة العراقية ما زال هذا الواقع يؤكد حضوره بهذا الشكل أو ذاك. على العكس من ذلك تنطلق في كردستان العراق حملة برعاية لجنة عليا برئاسة وزير التربية لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها في الاقليم ورغم انطلاقتها التي واجهت الكثير من الصعوبات، كما في التحقيق المنشور في هذه الصفحة، الا ان الحملة تسير بخطى حثيثة لتثبيت مبدأ حضاري في ان تعلم اللغات هو جزء من متطلبات النهوض الحضاري لاي شعب خصوصا مع تحول العالم الى قرية صغيرة والتسهيلات التي يقدمها عالم التكنولوجيا للتواصل بين الشعوب. وما يجري في الاقليم ليس مشروعا لتعلم اللغة العربية فقط بل هناك مناهج مترجمة الى اللغتين السريانية والتركمانية لتأكيد مبدأ انطلاق الحملة.وتعلّم اللغة العربية في الاقليم يأخذ بعدا آخر في ان السياسيين الكرد في البرلمان العراقي، من المنطقي أن يكونوا على معرفة كافية في اللغة العربية للتواصل والحوار والتفاهم على المستوى السياسي في خضم الصراعات السياسية الجارية في البلاد في مختلف الشؤون والتي يكون فيها للمكون الكردي دور في التعديل والتطوير والاقرار. وفي السياسة يضيّع الجهل بلغة الآخر الكثير من الحقوق، كما في القضية الفلسطينية التي حوّلت مفردة " اراض فلسطينية " الى أراضي من فلسطين " في الترجمة وما صاحب هذا التحول من تمسك الطرف الآخر بحرف الجر "من " لانه يعني الجزء وليس الكل!ومن حاجات المشروع ان جيلا كاملا من الكرد،خصوصا بعد انتفاضة 1991 وتخلص الشعب الكردي من هيمنة الدكتاتورية، يجهل اللغة العربية قراءة وكتابة، وربما يعود الفضل الى التحدث باللغة العربية في سنوات ما بعد التغيير عام 2003 الى تواصل الحركة بين الكرد والعرب العراقيين في مجال السياحة والاقتصاد.والحاجة تبقى قائمة ليس للكرد فقط وانما لكل المكونات الاخرى لتعلم لغة المكون الآخر وهي من مهام وزارة التربية الاتحادية للاعتناء بهذا الموضوع، الذي ربما تعتبره عاديا،من خلال تدريس اللغة الكردية ببرامج واضحة ومناهج متصلة للطلبة العرب لتأكيد التواصل الحضاري والثقافي والعلمي والاجتماعي بين الكرد والعرب والتركمان باعتبارهم مكونات أساسية للعراق.والموضوع مفتوح للنقاش والاغناء من قبل المختصين وصفحة " كردستان " تستقبل كافة الآراء التي تغني الموضوع وتتبنى نشره لاغناء التواصل الحضاري بين مكونات الشعب العراقي.
كتابة على الحيطان: اللغة والشعوب المتحضرة
نشر في: 6 أكتوبر, 2012: 09:47 م