TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثامن:بوتين عراقي

العمود الثامن:بوتين عراقي

نشر في: 7 أكتوبر, 2012: 09:18 م

 علي حسينسؤال: ما هي أفضل طريقة للهروب من مواجهة المشاكل والقضايا العالقة؟ جواب: أن تركب الطائرة الخاصة، وتحط الرحال في مطار موسكو لتبحث مع الرئيس بوتين الأزمة السورية، فالواجب يحتم طرح هذه المسألة الحيوية على حد تعبير رئيس الوزراء نوري المالكي. وسؤال آخر: إذا كان على المالكي أن يختار بين مناقشة الأزمة العراقية التي بسببها تعطلت حياة الناس ومصالحهم، أم البحث عن نهاية آمنة لبشار الأسد، فماذا سيختار؟ قد يبدو السؤال عبثيا وقد يسارع البعض ليقول ، إن حكومتنا تسعى لمساعدة الأشقاء السوريين في تجاوز محنتهم، وإنها غير معنية ببشار الأسد ،
rn  كما يصرح المقربون من رئيس الوزراء كل ثانية.. لكن الكلام والبيانات شيء والأفعال والنوايا شيء آخر.rnمناسبة أسئلتي الساذجة ربما والسطحية بنظر البعض هي أنني اشعر في كثير من اللحظات أن بعض صانعي القرار عندنا يخلطون بين ما هو شخصي وما يهم مصلحة الوطن، فتراهم يجاهرون شركاءهم السياسيين العداء ويتلمسون الأعذار لمن يقتلون شعوبهم. rnغالبية مسؤولينا مصابون بداء الزعامة، يحلمون بان يستيقظوا فيجدوا انفسهم وقد صاروا مثل بوتين او اردوغان، الكل يتحدث عن الديمقراطية ودولة المؤسسات والقانون، لكنه لا يفرق بين ادارة دولة وإطلاق تصريح، ويعتقد أن الشعارات والهتافات هي التي تبني اقتصادا قويا ونظاما اجتماعيا متماسكا،  rnتخبرنا تجارب دول مثل روسيا وتركيا والبرازيل ، كيف أن قادة هذه البلدان وبسنوات قليلة استطاعوا أن ينقلوا بلدانهم  من دول تعاني أزمات اقتصادية وسياسية واجتماعية، إلى قوى اقتصادية كبرى، قادة كانت فكرتهم تتلخص في الاهتمام بجوهر المشاكل لا بقشورها، لم ينشغلوا بحملات الحشمة والفضيلة كما هو حال ساستنا، والنتيجة ان نجاحهم جذب لهم الملايين من الأنصار. rnالمواطن الروسي او التركي او حتى البرازيلي يمنح صوته لقادته مطمئنا، لأنهم في سنوات معدودة رفعوا دخل البلاد إلى مئات من المليارات، من يصدق ان دولة بحجم روسيا كانت حتى عام 1999 تعاني من نقص في السيولة يتجاوز حجم مخزونها النقدي اليوم الـ600 مليار دولار، وان تركيا التي تعرضت ليرتها عام 2004 إلى كارثة يصبح ناتجها القومي هذا العام 780 مليار دولار.. وتستقبل اسنطول التي يحكمها حزب إسلامي أكثر من ثلاثين مليون سائح كل عام ، لا تطاردهم شرطة الآداب ولا يتعرضون لصولات مكتب السيد فاروق الاعرجي. rnالأرقام تنعكس  على حياة الناس وأمنهم واستقرارهم، لتجعلهم يشعرون بأن هذه البلاد صار لها دور ومكانة حقيقية في هذا العالم. rnسينشغل المالكي ويشغلنا معه في البحث عن مستقبل الأسد وينسى انه جاء إلى بلاد قرر رئيسها قبل مدة معاقبة ثلاثة مسؤولين كبار، لأنهم لم يفوا بوعودهم بإصلاح انقطاع التيار الكهربائي في إحدى المدن الصغيرة.rnشجاعة وجرأة تحسب لمسؤول ، حين يظهر على الملأ ليؤكد المنهج الذي تخطط حكومته ، السير عليه وهو منهج محاسبة كبار المسؤولين ، حتى وان كانت أخطاؤهم خارج حدود قدرتهم، الهدف من ذلك كله هو أن تشعر  البلاد أنها تسير في الطريق الصحيح ، وان سياسة حكامه تصب في خدمة الازدهار والتطور والأهم خدمة الناس جميعا، وان المسؤول عليه أن يتصرف بمسؤولية كاملة حتى مع الأزمات البسيطة.rnهل سيقتدي المالكي بهذا النموذج ام سينشغل بالبحث عن منظومة صواريخ يهدد بها عملاء أميركا؟rnهل سيعود لنا بتجربة حكم قريبة من تجربة بوتين ، فيضع امامه  ملفات هامة يناقشها ،ماذا سيقول لوزراء يريدون إعادة  نظام التربية والتعليم في العراق إلى القرون الوسطى، وماذا سيفعل حين يجد أمامه وزيراً تبخرت في عهده البطاقة التموينية ، وتحولت إلى مواد لا تصلح للاستخدام الآدمي ، ومع هذا خرج على الناس يشتم الإعلام والفضائيات ، ماذا سيكون موقفه من  وزير يرفض محاسبة مسؤولين استوردوا أجهزة لا تنفع حتى في الكشف عن الصراصر، أو عن وزير لم يجلس في مقعده ثلاثة أيام متواصلة وفاقت رحلاته المكوكية إلى دول العالم  ، رحلات جلفير والسندباد البحري، أو عن نواب ومسؤولين لم تطأ أقدامهم ارض بغداد ومع هذا تمتعوا بكل امتيازات المنصب بما فيها رواتب للحمايات والسكرتارية وإيجار البيت في عمان أو بيروت او دبي، ماذا سيقول عن مشاريع وهمية  يشرف عليها مكتبه الخاص وتبخرت أموالها في الهواء، وعن صفقات بلغت العمولات فيها أكثر من قيمة المشروع نفسه، عن بطالة قاتلة، وظلام دائم، وخوف واستهانة بحريات الناس، ماذا سيفعل مع مستشارين لا يفرقون الحاء من الجيم، ماذا سيقول عن مسؤولين لم يحصلوا على الابتدائية لكنهم يحملون شهادات عليا مزورة بموافقته ومعرفته، ماذا سيقول وهو يشاهد الوزارات والمؤسسات الحكومية وقد تحولت إلى ملكيات خاصة يدير شؤونها الأقارب والأصحاب؟ rnتحصد روسيا اليوم ثمار حلم بوتين بدولة مستقرة اقتصاديا وسياسيا، فقد رفع الرجل شعار "كل سارق مصيره السجن" فكان أن ارتفع الدخل الحقيقي للسكان إلى أكثر من 80 بالمئة مع انخفاض للتضخم والبطالة،  في المقابل نحصد نحن مع  ثمار احلام المالكي ست سنوات من الخيبات والازمات   توبلدا مريضا  تفتك به أمراض السرقة والرشوة والتزوير والانتهازية والمحسوبية، والأخطر مرض الزعامة الزائفة.rn

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بالحوارِ أم بـ"قواتِ النخبة".. كيف تمنعُ بغدادُ الفصائلَ من تنفيذِ المخططِ الإسرائيلي؟

تحديات بيئية في بغداد بسبب انتشار النفايات

العراق بحاجة لتحسين بيئته الاستثمارية لجلب شركات عالمية

الكشف عن تورط شبكة بتجارة الأعضاء البشرية

مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 %

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram