عضو دولة القانون سعد المطلبي يزور وزارة الداخلية.. المقرب من رئيس الوزراء يلتقي محافظ البصرة.. سيادته يستقبل عددا من شيوخ العشائر، هكذا نقرأ أخبار سعد المطلبي من دون أن يقول لنا أصحاب هذه الأخبار، هل هذه الزيارات والمقابلات جولة ترفيهية أم جزء من نشاط لسياسي لم يستطع أن يحصل على 500 صوت في الانتخابات البرلمانية.. فقرر ان يتسلى بنا على اعتبار أن البرلمان لم يصدر تشريعا يمنع سياسيي الصدفة من اللعب على مشاعر الناس وأمنهم واستقرارهم.
ليس اعتراضاً على أن يتحرك السيد المطلبي بالمساحة المسموح له بها كرجل سياسة، ولكن من غير المعقول أن يتحرك طوال الوقت باعتباره مرة ناطقاً باسم ائتلاف دولة القانون، ومرة أخرى مقرباً من رئيس الوزراء، وفي المرة الأخيرة وجدناه ناطقا باسم الطائفية، وفي كل مرة يمدّ حبال أحلامه أكثر من اللازم.
للأسف اليوم نشاهد نوابا وسياسيين غير مؤهلين والبعض منهم يرتكب أخطاء قد تقود إلى كوارث مثل موجة الشحن الطائفي التي مارسها ويمارسها الكثير منهم كل يوم، مصحوبة بحملات استعداء منظمة ضد الآخرين، حيث يصل الأمر أحيانا بنائب أو سياسي أن يقرر محاكمة الجميع باعتبارهم إرهابيين وخارجين على القانون في الوقت الذي يخشى فيه الاقتراب من نادي اللصوص والفاسدين وسارقي أموال الشعب، ومروجي شعارات الطائفية.
بالأمس خرج علينا السيد المطلبي بدعوة اقرب إلى عالم الكاريكاتير منها الى السياسة، فالرجل اكتشف ان رئيس الوزراء مسكين يقف وحيدا يذود عن حياض الحقيقة، ويدافع عن مظلومية هذا الشعب.. ومن هنا مطلوب من الشعب ان يخرج حاملا أكفانه للدفاع عن المالكي في وجه من يريدون النيل من منجزات الحكومة.. ويبدو ان المطلبي لا يطيق الحياة دون أن يقدم لنا كل يوم مشهدا جديدا من دراما المفاجأة، وهو في كل مرة يؤكد قدرته في صناعة أسباب الغضب وتنميتها في صدور الناس. ففي مشهد كثير التشويق طالب سعد المطلبي العراقيين إلى تظاهرات مليونية حاشدة لنصرة حكومتهم وردع أعدائها وفي كلمات تنضح طائفية مقيتة كتب على صفحته في الفيسبوك: " ليروا أننا قادرون على إقامة خميس حاشد يرهبهم ويقمع ضلالهم وبغيهم وليرى العالم أن هؤلاء الشراذم ماهم الا أقلية خاسئة حاقدة.. هبوا يا عراقيين لنصرة دولتكم يوم الخميس القادم – مضى الخميس ولم يتحقق حلم المطلبي المليوني - وان شاء الله تظاهرة مليونية تستمر ليوم الجمعة نشارك فيها جميعا" وفي محاولة بائسة لخلط الأوراق يقدم لنا المطلبي طبخة لإنقاذ حكومة المالكي.. لكنها طبخة مرتبكة برغم التوابل التي حاول ان يضيفها من عينة ان "الدفاع عن المالكي فيه نصرة لله ولرسوله ولأهل بيت نبيه.. فلا تتركوه وحيدا"، اذن نحن امام طبخة تجعل من رئيس الوزراء هو الوطن.. وحبه والدفاع عنه هو حب للدين والمذهب وللوطنية.. طبخة يريد من خلالها المطلبي ومعه عدد من المقربين والمنتفعين الغاء المسافة بين المسؤول والوطن.. من اجل ان يستمر العراقيون في العيش في عصر القائد الضرورة الذي سيعبر بنا كل المصاعب والمحن ومعه قلوب كل العراقيين.. وهي طبخة طالما استخدمت من قبل في ظل نظام صدام.
هكذا وببساطة يصبح الاختلاف مع رئيس الوزراء ليس اختلافا مع مسؤول حكومي يخطئ ويصيب.. لكنه اختلاف مع الدين والمذهب والعقيدة على حد بيان المطلبي.
وإذا كان رفع أعلام نظام صدام وترديد شعارات طائفية أمرا مستهجنا ومرفوضا على النحو الذي قام به بعض متظاهري الأنبار، فإنه مرفوض بالقدر نفسه محاولة البعض ومنهم المطلبي إضفاء طقس كربلائي له من التقدير والاحترام في وجدان العراقيين كافة على نشاط سياسي يراد منه تصوير المختلفين مع رئيس الوزراء بأنهم كفرة ومجرمون وإرهابيون للاسف. اليوم حين يريد ان يفتحوا نوافذ للحرية وان يتخلوا عن "القائد الضرورة"، نجد من يقف بإصرار ضد هذه الفكرة المجنونة، مصرين على أن نبقى نردد مثل الببغاوات "بالروح بالدم".
إن ما ورد في دعوة سعد المطلبي يصلح لمداعبة حواس وغرائز جمهور طائفي، لكنه لا يليق أبدا بزائري الإمام الحسين الذي لم ينتم إلى طائفة.. بل كان وما يزال امة للمستضعفين السائرين على طريق الحق والعدل والحب والتسامح.
سعد المطلبي لم يربح المليون
[post-views]
نشر في: 6 يناير, 2013: 08:00 م
انضم الى المحادثة
يحدث الآن
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...
جميع التعليقات 4
هادي فوزي
تحياتي للأستاذ علي حسين .... ربما ماتفضلت به عن النائب سعد المطلبي يحمل وجهة نظر محترمة ... أتمنى فقط لو أنكم تفضلتم بعقد مقارنة بين المطلبي والأنسة ميسون الدملوجي من ناحيتين فقط ... أولا : من حيث عدد الأصوات التي حصل كل منهما عليها في الأنتخابات ... وثا
ابو علي الزيدي
الاخ العزيز علي حسين المحترم اتمنى ان ينشر تعليقي هذا على صفحة الجريدةللرد على الاخ هادي فوزي .لماذا دائما الشخص الواقع في دائرة الشبهات والمدافعين على شاكلته يبحثون عن المقارنه بشخص اخر يتصورونه هم انه على خطأ( صدق المثل القائل الأقرع يعييب على ابو حباي
هادي فوزي
تحياتي للأستاذ علي حسين .... ربما ماتفضلت به عن النائب سعد المطلبي يحمل وجهة نظر محترمة ... أتمنى فقط لو أنكم تفضلتم بعقد مقارنة بين المطلبي والأنسة ميسون الدملوجي من ناحيتين فقط ... أولا : من حيث عدد الأصوات التي حصل كل منهما عليها في الأنتخابات ... وثا
ابو علي الزيدي
الاخ العزيز علي حسين المحترم اتمنى ان ينشر تعليقي هذا على صفحة الجريدةللرد على الاخ هادي فوزي .لماذا دائما الشخص الواقع في دائرة الشبهات والمدافعين على شاكلته يبحثون عن المقارنه بشخص اخر يتصورونه هم انه على خطأ( صدق المثل القائل الأقرع يعييب على ابو حباي