بالأمس اشتريت تمرا سعوديا، سعر الكيلو الواحد أربعة آلاف دينار، تعمداً للتأكد من أن البضاعة مستوردة ولها "اكسباير" لمدة سنة وتم توريدها بموجب إجازة استيراد ودفع عنها 5% في المنفذ الحدودي وتبلغ الضريبة بذلك لأغراض التحاسب الضريبي. فقد تشاءمت بصراحة ألا يكفي استيراد ماء الشرب وشينية اللبن في الصيف مع الموطا؟
إنها مواد لم تأت تهريباً بل عبر منافذنا الحدودية لأن التهريب له أهله إذ أنه عبر التصدير وليس عبر الاستيراد لأننا لا نحتاج تهريب مستورد لأننا مفتوحون على الآخر.
قوائمنا الانتخابية في مجالس المحافظات تحث الخطى نحو كسب أكبر عدد ممكن. فهل الفقرات المستوردة عدوانا تمس الناخب العراقي ونخشى عدم رضاه؟ أم أن الموضوع ليس بالبال ولا بالخاطر؟ إذ يبدو أن القوائم الانتخابية مشغولة جداً بقانون البنى التحتية والنفط والغاز والكهرباء ومدارس الطين والدوام المزدوج والثلاثي ومشكلة ارتفاع أجور الأطباء والأدوية باهظة الكلفة التي هي أكثر مستورداتنا تأثراً بالتضخم وبعداً عن الدعم الذي نخاف من ترصدات صندوق النقد الدولي.
وناخب مجالس المحافظات لعله أكثر اهتماماً بالاقتصاد من ناخب البرلمان إذ تدخل هناك السياسة الخارجية والداخلية والمحاصصة والاستقطاب الطائفي وما يترتب على ذلك.
لذلك فإن مرشح القائمة في المحافظة هل هو لديه تصور عن الإنتاج الزراعي أو مشكلة المياه أم مشكلة البنية التحتية عموماً وما هو برنامجه مثلاً للأربع سنوات القادمة؟ لا شك في أنه يداري الجهات المتنفذة في العالم التجاري وتعتبر هناك محطات حمراء عليه الابتعاد عنها رغم علمه الأكيد أن استيراد التمر والماء واللبن هو المعوق الأساسي لإنتاجها في العراق واستمراراً في دعم القطاع الثالث (مقاولات تجارة مصارف سياحة) فإنه سوف لا يكون حاداً مع المشاريع الفاشلة أو التي (على النص) فنياً وانجازاً. وهل يطالب بأن يكون المصرف الأهلي استثمارياً فعلاً، ولماذا لا يكون كذلك؟ وهل يستطيع أن يتحرش بالترهل الوظيفي أم يوزع الوعود بالتوظيف؟ مع علمه إذا كان يعلم أن الترهل هو المستنقع لفساد يتراكم. وكما أن المرشح بإمكانه أن يكشف ملفات ليس فساد الموظف الصغير بل فساد من أفسده من حيتان التجارة والمقاولات والسياحة الرسميين وغير الرسميين من المتنفذين الذين يمثلون الحلقة المركزية لفساد السلطة والمجتمع بوسائل معروفة وأغطية لم تعد مجهولة الأعمدة والأوتاد . إن اقتصادنا ليس سياسياً فقط ويا ليت أن ينتهي عند ذلك وترسمه السلطة والبرلمان ليأخذ هذا الطابع، ولكن هناك إفراطا فيه فليس لدينا برامج متقابلة وبدائل بل لدينا برنامج محدد أمامه عقبة سياسية وليس برنامجا متكاملا ضمن اجتهاد أو أطروحة محددة متكاملة مثل قانون البنى التحتية أو التعرفة الكمركية التي يمكن أن تكون وسيلة لتوريط الحكومة بها حيث يوصى برفع الأسعار لأن اللوبي التجاري هو سيد الموقف.
لذلك يصبح اقتصادنا تتقاذفه القوائم الانتخابية أو تتركه يتدحرج لتصطاد أخطاءه لأغراض التجييش الانتخابي أو الاستقطاب المعادي لسلطة الشركاء. في حين أن البرنامج الإستراتيجي للسنوات الخمس القادمة يجب أن يحترم والاجتهاد من داخله وليس من خارجه بإلغائه أو تجميده أو إفساده وهذا سر عدم الاستقرار الذي يمنع الاستثمار ودورة الاقتصاد الداخلية.
اقتصادنا الانتخابي... وما وراء ذلك!
[post-views]
نشر في: 7 يناير, 2013: 08:00 م