TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > اقتصادنا الانتخابي... وما وراء ذلك!

اقتصادنا الانتخابي... وما وراء ذلك!

نشر في: 7 يناير, 2013: 08:00 م

بالأمس اشتريت تمرا سعوديا، سعر الكيلو الواحد أربعة آلاف دينار، تعمداً للتأكد من أن البضاعة مستوردة ولها "اكسباير" لمدة سنة وتم توريدها بموجب إجازة استيراد ودفع عنها 5% في المنفذ الحدودي وتبلغ الضريبة بذلك لأغراض التحاسب الضريبي.  فقد تشاءمت بصراحة ألا يكفي استيراد ماء الشرب وشينية اللبن في الصيف مع الموطا؟  
إنها مواد لم تأت تهريباً بل عبر منافذنا الحدودية لأن التهريب له أهله إذ أنه عبر التصدير وليس عبر الاستيراد لأننا لا نحتاج تهريب مستورد لأننا مفتوحون على الآخر.
قوائمنا الانتخابية في مجالس المحافظات تحث الخطى نحو كسب أكبر عدد ممكن. فهل الفقرات المستوردة عدوانا تمس الناخب العراقي ونخشى عدم رضاه؟  أم أن الموضوع ليس بالبال ولا بالخاطر؟  إذ يبدو أن القوائم الانتخابية مشغولة جداً بقانون البنى التحتية والنفط والغاز والكهرباء ومدارس الطين والدوام المزدوج والثلاثي ومشكلة ارتفاع أجور الأطباء والأدوية باهظة الكلفة التي هي أكثر مستورداتنا تأثراً بالتضخم وبعداً عن الدعم الذي نخاف من ترصدات صندوق النقد الدولي.
وناخب مجالس المحافظات لعله أكثر اهتماماً بالاقتصاد من ناخب البرلمان إذ تدخل هناك السياسة الخارجية والداخلية والمحاصصة والاستقطاب الطائفي وما يترتب على ذلك.
لذلك فإن مرشح القائمة في المحافظة هل هو لديه تصور عن الإنتاج الزراعي أو مشكلة المياه أم مشكلة البنية التحتية عموماً وما هو برنامجه مثلاً للأربع سنوات القادمة؟  لا شك في أنه يداري الجهات المتنفذة في العالم التجاري وتعتبر هناك محطات حمراء عليه الابتعاد عنها رغم علمه الأكيد أن استيراد التمر والماء واللبن هو المعوق الأساسي لإنتاجها في العراق واستمراراً في دعم القطاع الثالث (مقاولات تجارة مصارف سياحة) فإنه سوف لا يكون حاداً مع المشاريع الفاشلة أو التي (على النص) فنياً وانجازاً. وهل يطالب بأن يكون المصرف الأهلي استثمارياً فعلاً، ولماذا لا يكون كذلك؟ وهل يستطيع أن يتحرش بالترهل الوظيفي أم يوزع الوعود بالتوظيف؟ مع علمه إذا كان يعلم أن الترهل هو المستنقع لفساد يتراكم. وكما أن المرشح بإمكانه أن يكشف ملفات ليس فساد الموظف الصغير بل فساد من أفسده من حيتان التجارة والمقاولات والسياحة الرسميين وغير الرسميين من المتنفذين الذين يمثلون الحلقة المركزية لفساد السلطة والمجتمع بوسائل معروفة وأغطية لم تعد مجهولة الأعمدة والأوتاد .  إن اقتصادنا ليس سياسياً فقط ويا ليت أن ينتهي عند ذلك وترسمه السلطة والبرلمان ليأخذ هذا الطابع، ولكن هناك إفراطا فيه فليس لدينا برامج متقابلة وبدائل بل لدينا برنامج محدد أمامه عقبة سياسية وليس برنامجا متكاملا ضمن اجتهاد أو أطروحة محددة متكاملة مثل قانون البنى التحتية أو التعرفة الكمركية التي يمكن أن تكون وسيلة لتوريط  الحكومة بها حيث يوصى برفع الأسعار لأن اللوبي التجاري هو سيد الموقف.
 لذلك يصبح اقتصادنا تتقاذفه القوائم الانتخابية أو تتركه يتدحرج لتصطاد أخطاءه لأغراض التجييش الانتخابي أو الاستقطاب المعادي لسلطة الشركاء.  في حين أن البرنامج الإستراتيجي للسنوات الخمس القادمة يجب أن يحترم والاجتهاد من داخله وليس من خارجه بإلغائه أو تجميده أو إفساده وهذا سر عدم الاستقرار الذي يمنع الاستثمار ودورة الاقتصاد الداخلية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram