منذ اندلاع الازمة السياسية ضربت الاطراف المشاركة في الحكومة عرض الحائط الدعوات المطالبة بإيقاف التصريحات التي تندرج في اطار تبادل الاتهامات لتوفير ارضية مناسبة بإمكانها اعادة الحياة للمرحوم "المؤتمر الوطني " والجميع وقع على شهادة وفاته ، لفشل ورقة الاصلاح وعقد اجتماع حول مائدة مستديرة لبحث كل القضايا والملفات العالقة الواردة في اتفاق أربيل .
من المفيد في الوقت الحاضر وفي ظل تصاعد الازمة واندلاع تظاهرات في عدد من المحافظات ، الاتفاق على اصدار قرار برلماني يمنع النواب من الادلاء بتصريحات خلال هذه الايام احتراما لمشاعر العراقيين ، الخائفين جدا من تداعيات الأزمة وتأثيراتها الكارثية في حال استمرارها وغياب الجهود لاحتوائها ، والقرار المفترض لن يكون وسيلة لتكميم الأفواه او مصادرة حق التعبير عن الرأي والمواقف ، وانما لغرض ان يأخذ المتخاصمون استراحة محارب والاستعداد للدخول في جولة جديدة من الصراع .
سبق لمجلس النواب ان فرض غرامات مالية على أعضائه المتغيبين عن حضور جلساته ، وبامكانه ان يعتمد الدائرة الإعلامية في رصد اصحاب التصريحات من النوع الثقيل ليعاقب من يخترق الضوابط بمصادرة سيارته المدرعة وحرمانه من المخصصات والامتيازات لحين اثبات التزامه بقرار " ممنوع التصريح" ، وتقديم كتاب شكر لمن يدعو الى ترسيخ الوحدة الوطنية، ويحذر من تهديد السلم الاهلي ، ويناشد الحكومة تلبية مطالب المتظاهرين المشروعة ، ويواصل اتصالاته مع قواعده الشعبية في طرح مطالب واضحة لا تمس التجربة الديمقراطية .
معظم العراقيين أدركوا ان سنوات ما بعد 2003 جعلت البلاد حلبة صراع للفرقاء السياسيين ، نتيجة تقاطع المواقف واتساع الخلاف ، وابتعاد جميع الاطراف عن تنفيذ شعاراتها المطروحة في مواسم الانتخابات ، فاتسعت الحلبة ، وهناك من يريد أن يجعلها ساحة منازلة كبرى بين مكونات اجتماعية ، وأصحاب هذه الرغبة لا بد من تسفيرهم الى الخارج او مراقبة تصريحاتهم لتكون دليل إدانة على تهمة تمزيق النسيج الاجتماعي.
قبل أيام أعلن رئيس الوقف السني احمد عبد الغفور السامرائي سعيه لمقاضاة إحدى الفضائيات لتشويه تصريحه وادعت انه حث المتظاهرين على حمل السلاح لتلبية مطالبهم ، والسامرائي حذر بعض وسائل الإعلام من تغذية الانقسام الطائفي استجابة لأجندات خارجية صاحبة مخطط الإطاحة بالعملية السياسية ، وأعلن دعمه للتظاهرات السلمية بوصفها حقا كفله الدستور .
مجلس النواب في ظل الأجواء الحالية تواجهه العديد من العقبات لتمرير مشاريع قوانين مطروحة أمامه منذ الدورة التشريعية السابقة ، واخرى خضعت للسجال السياسي ، وإمكانية اتخاذ قرار " ممنوع التصريح " سيظل مجرد مقترح يدور في مخيلة من يشعر بخطوة الأزمة الراهنة على مستقبل العراق ، ومن المستحيل أن يحظى بدعم وتأييد وحوش شاشات الفضائيات من النواب المتسلحين بالخناجر والتواثي للدفاع عن الديمقراطية ، وبعبارة أدق من قبل المدافعين عن مواقعهم ومناصبهم ، وسياراتهم المصفحة.