صوفيا: محمد خلفعودة إسرائيل إلى حربها الدبلوماسية على حزب الله تأتي في نسق مع قلقها المتصاعد من تطورات الاحداث في سوريا و تزايد احتمالات تداعيات خطيرة ستنجم عن استمرار النزاع المسلح هناك وفشل كل المساعي الدولية للتوصل إلى تسوية سل
صوفيا: محمد خلف
عودة إسرائيل إلى حربها الدبلوماسية على حزب الله تأتي في نسق مع قلقها المتصاعد من تطورات الاحداث في سوريا و تزايد احتمالات تداعيات خطيرة ستنجم عن استمرار النزاع المسلح هناك وفشل كل المساعي الدولية للتوصل إلى تسوية سلمية تفتح الطريق أمام عملية انتقال منظمة للسلطة تمنع انهيارات شاملة للدولة السورية وكيانها المؤسساتي وما سينجم عن ذلك من انعكاسات تمتد آثارها إلى كل دول المنطقة التي بدأت تنسج تحالفات جديدة لمواجهة متغيرات محتملة في توازن القوى و منعطفات مفصلية ستحدث ارتجاجات لا يمكن التنبؤ بمساراتها السياسية و الأمنية ولايخفي الإسرائيليون مخاوفهم من ارتدادات هذه التطورات على امن الدولة العبرية القومي. لقد كثفت حكومة نتنياهو خلال الأسابيع المنصرمة من ضغوطها على قيادة الاتحاد الأوروبي وعلى حكومات دوله الأعضاء دولة دولة بشكل منفرد لإقناعها بضرورة إدراج حزب الله في لائحة الإرهاب الأوروبية ،وهو ما كشفته جريدة " معاريف" التي عزت التحرك الدبلوماسي الجديد إلى " الرغبة في فرض العزلة على هذا التنظيم على خلفية الاحداث في سوريا وتدهور وضع النظام السوري ومحاولة إضعاف قدراته على التأثير في أوضاع لبنان".ولقد سلمت الخارجية الإسرائيلية ملفا كاملا ذا طابع قضائي تم تجهيزه لمساعدة أنصار إسرائيل في الاتحاد الأوروبي على التسريع في اتخاذ القرار ضد حزب الله يتضمن تفاصيل كاملة بالأدلة و البراهين على الطابع الإرهابي لهذه المنظمة ودورها في الكثير من العمليات الإرهابية وإدارتها لعمليات تهريب المخدرات والاتجار بالمجوهرات و غسيل الأموال على مستويات دولية.بلغاريا هي الدولة الأكثر تعرضا لهذه الضغوط كونها تمتلك مفاتيح الأبواب المغلقة أمام مثل هذا الفعل بعد تفكيكها كل عقد العملية الإرهابية في مدينة برغاس الساحلية في 18 يوليو الماضي ضد اوتوبيس للسياح الإسرائيليين والتي أدت إلى سقوط ستة قتلى إسرائيليين وسائقه الذي صادف أن يكون من البلغار المسلمين ، حيث تؤكد مصادر أمنية رفيعة أن السلطات البلغارية توصلت بعد تحقيقات واسعة قامت بها بالتعاون مع أجهزة الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية و الأوروبية والانتربول إلى تحديد هوية القاتل و الجهة التي تقف خلفه وهي حزب الله وجهاز استخبارات دولة شرق أوسطية حليفة له بدعم لوجستي من دولة أخرى حليفة للاثنين هي إيران. وتقاوم الحكومة البلغارية الضغوط المتزايدة التي تتعرض لها من واشنطن و تل أبيب و لندن للكشف عن تفاصيل هذا الملف و إعلان مسؤولية حزب الله عن العملية ،وتشير مصادر دبلوماسية على اطلاع واسع إلى أن رئيس الحكومة البلغارية بويكو بوريسوف بذل خلال زيارته في ديسمبر الماضي واشنطن جهدا كبيرا لإقناع الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي ألح على ضرورة إسراع بلغاريا في الكشف عن كل تفاصيل العملية الإرهابية ،بعدم قدرة بلاده على تحمل تكاليف مثل هذه الخطوة على أمن مواطنيها في دول الشرق الأوسط و بالتحديد في لبنان و سوريا وعلى أمنها القومي بشكل عام ، إلا انه لم يفلح في ذلك ،ويواجه رئيس الدولة روسين بلفنلييف أيضا ضغوطا كبيرة من نتنياهو شخصيا ،فضلا عن انه محرج للغاية أمام الشعب البلغاري لأنه كان قد وعد في تصريح أطلقه قبل أشهر بأنه سيعلن في غضون عشرة أيام كل تفاصيل العملية ولكنه لم يقم بذلك حتى الآن وغالبا ما يواجه أسئلة بهذا الشأن دفعته في نهاية المطاف إلى اتخاذ قرار بالدعوة لعقد اجتماع للمجلس الاستشاري للأمن القومي الذي يضم جميع قيادات الأحزاب السياسية البرلمانية و كبار مسؤولي الدولة المدنيين و الأمنيين هذا الأسبوع للبحث في هذه المسألة وانعكاساتها على البلاد وأمنها الوطني ،في محاولة لتحقيق إجماع حول قرار لا يستطيع و لا الحكومة تحمل تبعاته و عواقبه وحدهما.
بريطانيا التي ليست عضوا في الاتحاد الأوروبي تضغط لإدراج الجناح العسكري لحزب الله في لائحة الإرهاب وتفرق بينه وبين الجناح السياسي وهو ما ترفضه هولندا الدولة الأكثر حماسة لإدراجه في اللائحة ومصادرة أمواله و ممتلكاته في أوروبا وتشدد على أن الجناحين تديرهما قيادة واحدة،فيما فرنسا تعارض بشدة ذلك لأنه برأيها سيقوض الاستقرار الهش في لبنان و يعرض أفراد القوات الأوروبية ضمن " اليونيفيل" في جنوب لبنان الواقع تحت السيطرة للحزب إلى مخاطر جدية .الأيام القليلة المقبلة ستشهد اتخاذ قرار نهائي في بلغاريا حول هذه المسألة الحساسة و الشائكة و الخطيرة في الوقت نفسه لأنه لم يعد بمستطاع السلطات الحاكمة المراوغة و إطلاق التبريرات بعدم اكتمال التحقيقات أو نقصان الأدلة والبراهين لاسيما وان الشركاء في الأجهزة الأمنية الأميركية و الإسرائيلية ساعدا في التحريات و التحقيقات و هم على اطلاع كامل على كل تفاصيلها، من دون تجاهل مطالب المجتمع البلغاري بإنهاء هذا الملف بإعلان هوية الطرف الذي يقف وراء هذا العمل الإرهابي الذي كشف هشاشة المنظومة الأمنية في البلاد.