TOP

جريدة المدى > مقالات رئيس التحرير > مجلس النواب والاستحقاقات المسكوت عنها: صوّتوا بشجاعة ضد المخالفات الدستورية ..!

مجلس النواب والاستحقاقات المسكوت عنها: صوّتوا بشجاعة ضد المخالفات الدستورية ..!

نشر في: 7 يناير, 2013: 08:00 م

فشل مجلس النواب في عقد جلسته الاستثنائية التي دعا إليها رئيس المجلس. وكان الفشل متوقعاً سلفاً لاحتواء جدول عمل الجلسة الافتراضي على التصويت بـ"لا" على قانونين مختلف عليهما بين الكتل السياسية، وهما "المساءلة والعدالة" المُنتَهَك  و"٤ إرهاب" المته

فشل مجلس النواب في عقد جلسته الاستثنائية التي دعا إليها رئيس المجلس. وكان الفشل متوقعاً سلفاً لاحتواء جدول عمل الجلسة الافتراضي على التصويت بـ"لا" على قانونين مختلف عليهما بين الكتل السياسية، وهما "المساءلة والعدالة" المُنتَهَك  و"٤ إرهاب" المتهم بالفساد والرشوة والابتزاز!.

فالمساءلة والعدالة، جرى تطبيقه بانتقائية تشوبها شبهتان متلازمتان، شبهة "التمييز الطائفي" الذميمة، وشبهة "الاستزلام" الرخيصة.

إما  "٤ إرهاب" سيئ الصيت فهو الآخر حمل الشبهتين الملازمتين لقانون المساءلة والعدالة، مع إضافة شبهة ليست اقل قبحاً ورذيلة، هي شبهة تحويل المادة، ليس بمعزل عن "المخبر السري"، إلى مصيدة لضحايا أبرياء، وأداة لرصد الجوائز الثمينة من "الإرهابيين" وأصحاب السوابق، وخلط أوراقهما معاً، ثم إطلاق سراح الضحية كما الإرهابي، مقابل فديةٍ مجزية. وعلى مستوى آخر أظهرت عمليات تهريب القتلة والمجرمين المحكومين بالإعدام، او الموضوعين رهن الاعتقال انتظاراً للمحاكمة، هشاشة التدابير المتخذة من قبل السلطات المعنية والبيئة الفاسدة التي تتحرك في إطارها لمحاصرة الإرهاب والإرهابيين.

لقد كان حَرّياً بالبرلمان ورئيسه التوقف أمام هذه الظواهر المهددة لسلامة المواطنين، من انفلات المجرمين من قبضة العدالة بالتواطؤ والرشى، وحماية الضحايا الأبرياء ممن يتعرضون للابتزاز عبر تلفيق التهم لهم ثم إطلاق سراحهم مقابل مبالغ طائلة.

  وكان الأحرى بالبرلمان أيضاً البحث في الضمانات القانونية والإجرائية الرادعة للعابثين، وتشكيل الأطر الكفيلة بتأمين رقابة حازمة، مبرأة من الفساد والإفساد، على سلوك الهيئات والأجهزة المسؤولة عن تطبيق القوانين وإدارة السجون والمعتقلات، حماية لحرمات وحقوق المواطنين الأبرياء، وتحويل هذه الرقابة إلى ممارسة مستديمة لا موسمية "نهّازة"!.

وما دام البرلمان قد عقد العزم على متابعة البحث في ملفات الأزمة الراهنة ومطالب المتظاهرين، فان عليه انتزاع المبادرة بطرح المخالفات الدستورية بغض النظر عن مرتكبيها، والتصويت بشجاعة على ما هو واضح ومسندٌ لا لبس أو غموض فيه.

وفي مقدمة القضايا التي تتطلب وقفة شجاعة غير "انتقائية" هذه المرة أيضاً من الكتل والمكونات، اتخاذ قرارٍ بتجميد صلاحيات وامتيازات موظفي الدرجات الخاصة الذين تم تعيينهم من قبل رئيس مجلس الوزراء من دون استيفاء شرط موافقة مجلس النواب كما يحكم الدستور، وتعليق مهامهم لحين البت في تثبيتهم أو رفض تعيينهم، على أن يجري البت بطلبات إشغال هذه الدرجات في اقرب اجتماع مكرسٍ للمجلس.

ويشمل التجميد أو التنحية كل القيادات العسكرية والأمنية والمخابراتية  ممن تم تنسيبهم بصفة "و و" المشؤومة وإلزام القائد العام بتقديم المرشحين لهذه المهام فوراً ودون تلكؤ، على ان لا تزيد فترة التكليف بهذه الصفة على ثلاثة أشهر غير قابلة للتمديد. إن البرلمان يتحمل مسؤولية مباشرة عن خرق الدستور، بالتلازم مع رئيس مجلس الوزراء والقائد العام، بعدم تصديه لهذه الظاهرة المخالفة بصراحة للدستور، والتستر على المماطلة في معالجته، والحيلولة دون تحول دولتنا الى "لا دولة" او "دولة الواو واو" التي لا مثيل لها حتى في أكثر البلدان تخلفاً.

ولابد للبرلمان من بحث الاستيلاء على الهيئات المستقلة وإعادة النظر بالعاملين فيها ، وينطبق عليهم ما ينطبق على حاملي الدرجات الخاصة، من الوكلاء والمفتشين العامين والمستشارين وغيرهم، والانتباه الى انفراد رئيس مجلس الوزراء بتعيينهم .

وفي هذا السياق ، تتميز بحساسية عالية "المنظومة الإعلامية" التي يُفترضُ فيها أن تكون صوت المجتمع العراقي المستقل البعيد عن شبهة الانحياز "للسلطة السياسية" او "الحكومة"، وهو ما يتطلب من البرلمان تكريس مرجعيته المباشرة به، ووضع الضوابط الكفيلة بحماية هذه المنظومة من تدخلات الكتل البرلمانية أو المتنفذين من القيادات الحكومية أو البرلمانية. إن "الاستقلالية" الموصوفة لمنظومة الإعلام المستقلة "شبه الرسمية"، تعني، كما أراد لها المشرع، أن تُمَوَّل من الدولة عبر البرلمان دون ان تكون له أي وصاية عليها باستثناء ما يفرضه عليها ميثاقها ونظامها الإداري الداخلي. وإذا لم يكن ممكناً تحقيق هذه الاستقلالية لشبكة الإعلام وتفرعاتها، فإن من الاوفق تحويلها رسمياً الى وزارة إعلام ليعرف المواطن حقيقة دورها ونهجها وممارساتها ، بدلاً من ادعاء  "استقلاليتها" الُمخادِعة، او خصخصتها ، كما ينتظر "عتاوي" المال الحرام ولصوص الدولة وفسدتها.

ان من العيب ان يظل عراق الثروة النفطية والغاز، بلا قانون ينظم شؤونه ويحفظ لشعبه ثروته. ويصبح هذا العيب عاراً إذا علمنا ان مشروع القانون مخفيٌ في ادراج المجلس او متخاذلٌ في مكاتب مجلس الوزراء.

وفي ظل الحراك الشعبي الجاري يصبح لزاماً على "ممثلي الشعب" ان يتصدروا المشهد السياسي، ويتخلوا عن دور "الملحق" المشلول الإرادة، مثلما يريده لهم قادة الكتل المهيمنة. ومثل هذا الدور لا تستطيع أي قوة أن تحول دونه إذا ما سلمت النوايا  وتضافرت الإرادات. وليس في الافق ما يمكن ان يشكل تهديداً لأغلبهم بسلب امتيازاتهم أو مواقعهم، خصوصا إذا أخذنا بالاعتبار أن الانتخابات التشريعية القادمة سوف تشهد تغيرات في المواقع والتوازنات والاصطفافات، قد يبقي للبعض منهم مواقعه، إذا تعرّف عليه ناخبوه.

امام البرلمان تحديات تمس جوهر مهامه ، وتتعلق بقضايا عقدية حان أوان وضع معالجات جذرية لها ، وليس من بينها  ما يتعذر على المعالجة والحل داخل البرلمان.

على البرلمان أن يقرر في جلسته القادمة اتخاذ قرار بتطبيق المساءلة والعدالة على "بعثيي" الحكومة في مرافق الدولة ، لا ان يطالب بالغاء القانون. وعلى الكتل البرلمانية طرح "الكفالة الضامنة" لتطبيق نزيه وعادل للمادة ٤ إرهاب ولكل القوانين الردعية الأخرى وتسليط الضوء على العابثين بالقانون وحرمات المواطنين.  وقبل ذلك كله، لا بد من اتخاذ كل ما يلزم لحماية القضاء من التجاوز عليه، وتكريس استقلاليته الحقيقية، وفي هذا مربط الفرس وبيت القصيد..!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. عمر علي

    شكرا جزيلا استاذ فخري كريم باسم ملايين العراقيين الذين لا يريدون الا العيش الكريم وخدمة العراق، جزاك الله خيرا وعسى ان يستمع لك من بيدهم قوة السلطة

  2. عمر علي

    شكرا جزيلا استاذ فخري كريم باسم ملايين العراقيين الذين لا يريدون الا العيش الكريم وخدمة العراق، جزاك الله خيرا وعسى ان يستمع لك من بيدهم قوة السلطة

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram