غبّشت صباح أمس، حتى لا تفوتني متابعة جلسة مجلس النواب. كنت في حال أقرب لحال عمال وعاملات المساطر مع اختلاف في الدوافع والأسباب. هم يقصدون "باب الله" وقد هدّهم الفقر والعوز يحلمون أو يحلمن بفرصة عمل موقتة من أجل أن يظلوا على قيد الحياة في بلد خيراته تكفي لبناء مليار منطقة خضراء منعمة بما لذ وطاب. أما أنا فقد قصدت الفضائيات والمواقع الالكترونية أقلبها هنا وهناك بأمل أن أجد فيها خبرا يزيح عن صدري غمامة الخوف من انزلاق العراق في حرب أهلية جديدة.
ومثل روّاد المساطر الذين قد يعود احدهم يبكي لعياله بعد أن مزق اضلاعه البرد وتيبست قدماه من طول الانتظار ولم يحظ بمن "يستأجره"، أو قد يعود ضاحكا بعد أن حنّ عليه أحد المنعمين بفرصة عمل، صرت كذلك أضحك تارة وأبكي في أخرى.
أول وقفة لي كانت عند موقع عراقي إخباري معروف طالعني بخبر عاجل منقول عن وكالة أنباء يقول: "علي الشلاه ينفي تلقيه ضربة داخل مجلس النواب ويشرح ما جرى داخل القاعة". خطر ببالي، كما قد يخطر في بال كل من يقرأ هذا الخبر العاجل، بأن هناك خبرا ملفقا عن وجود "عركة" وأن الشلاه قد نفاه، فحمدت الله. ضغطت على عنوان الخبر بالماوس لأقرأ تفاصيله كي يطمئن قلبي، وإذا به في أول سطر من تفاصيله يقول: "أكد النائب عن ائتلاف دولة القانون علي الشلاه أنه تلقى ضربة من احد أعضاء كتلة الأحرار، مؤكدا انه كان هناك تدافع داخل قبة البرلمان ودفع مع الآخرين"! ضحكت حتى كاد نفسي أن ينقطع فصحوت. صحوت على سؤال لا أعرف من صاح به في رأسي: لماذا تضحك؟ وكيف لا أضحك وقد صرنا لا نميز بين النفي والإثبات. لكن اللكمات ستجلب النكبات بعد حين يا هذا. لملمت ضحكتي بعد أن دعوت ربي أن يجعلها خيرا كما كانت تفعل أمي حين تضحك.
البرلمان أجّل جلسته لا بفعل عدم اكتمال النصاب هذه المرة، بل لأن عركة نشبت بين النواب، كما تقول الأنباء. العركة باختصار شديد، وكما فهمتها من متابعتي التفاصيل، تأججت بعد أن اشترط أعضاء دولة القانون شطب عضوية العلواني بفعل تصريحاته الطائفية، لترد العراقية بأنها لا تمانع ذلك لكن بعد أن تشكل لجنة برلمانية لتحقق معه. ترفع نائبة من التيار الصدري يدها مؤيدة اقتراح تشكيل لجنة للتحقيق. رفْعُ يدها دفع أحد النواب عن دولة القانون، بحسب الشلاه، أن يقول لها: "إن هذا ضد مبدئك وعقيدتك". وهنا نهض عضو من كتلة الأحرار مدافعا عن زميلته فكبت العيطة وعلكت العركة. يا سلام.
تركت الأخبار ويممت وجهي صوب العراق فوجدته قد تحول إلى شعب يتظاهر مظلوما في غربه ومستنكرا في جنوبه، وبرلمانه قد تعطلت به لغة الحوار لتحل محلها لغة العفترة والشقاوات والبوكسات. بكيت لكني لم أجد من يصيح برأسي هذه المرة: لماذا تبكي؟
جميع التعليقات 2
Abu Semir
They have to install CCTV (Camera ) with live transmition so the Iraqi people will enjoy watching a comedy film, some of them will laugh and some will cry.
Abu Semir
They have to install CCTV (Camera ) with live transmition so the Iraqi people will enjoy watching a comedy film, some of them will laugh and some will cry.