TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > التعديل الوزاري والخـــوف من الانتفاضة

التعديل الوزاري والخـــوف من الانتفاضة

نشر في: 8 يناير, 2013: 08:00 م

أبقى التعديل الوزاري لحكومة د. هشام قنديل الذي تم يوم السبت الماضي على الطابع التكنوقراطي للحكومة، فمن بين 10 وزراء جدد هناك ثمانية تنطبق عليهم صفة التكنوقراط، أي الوزراء الفنيين غير السياسيين، وهي الظاهرة التي سادت الحياة السياسية في مصر في ظل نظام

أبقى التعديل الوزاري لحكومة د. هشام قنديل الذي تم يوم السبت الماضي على الطابع التكنوقراطي للحكومة، فمن بين 10 وزراء جدد هناك ثمانية تنطبق عليهم صفة التكنوقراط، أي الوزراء الفنيين غير السياسيين، وهي الظاهرة التي سادت الحياة السياسية في مصر في ظل نظام الحزب الواحد بعد ثورة 1952 واستمرت في ظل التعددية الحزبية المقيدة منذ عام 1976 ودستور 1971 وحتى اليوم في ظل الدستور الإخواني السلفي (دستور 25 ديسمبر 2012)، علما بأن هناك 25 من الوزراء الـ 25 المستمرين في حكومة قنديل ينتمون بدورهم إلى الوزراء التكنوقراط غير السياسيين، ولا يقلل من هذه الظاهرة استمرار خمسة وزراء ينتمون لجماعة الإخوان وحزبهم «الحرية والعدالة» هم وزراء: الشباب والإعلام والإسكان والقوى العاملة والتعليم العالي، وإضافة خمس وزراء جدد هم: «د. محمد علي بشر» وزير التنمية المحلية عضو مكتب إرشاد الجماعة، و«د. حامد عبداللطيف» وزير النقل وعضو حزب الحرية والعدالة، و«د. باسم كمال محمد عودة» وزير التموين والقيادي بالحرية والعدالة، والمهندس «أحمد إمام» وزير الكهرباء، و«د. المرسي السيد حجازي» وزير المالية وكلاهما من حزب الحرية والعدالة، وثلاثة منهم على الأقل تنطبق عليه صفة التكنوقراط أيضا.

ومغزى هذه الظاهرة يعود إلى أن نظام الحكم في مصر - سواء في ظل دستور 1971 ودستور 2012 - يقوم على تمتع رئيس الجمهورية بسلطات تنفيذية مطلقة، ويكاد ينفرد بالقرار السياسي والتنفيذي، بينما رئيس مجلس الوزراء والوزراء مجرد مديري مكتب أو سكرتارية لرئيس الجمهورية، ورغم ذلك فرئيس الجمهورية لا يتحمل مسؤولية قراراته ولا توجد أي سلطة تشريعية أو رقابية تستطيع مساءلته - إلا في حالة اتهامه بالخيانة العظمي - ويتحمل رئيس الوزراء والوزراء المسؤولية كاملة.

وفي ضوء هذه الحقيقة فمن المقطوع به أن التغييرات الوزارية سواء كانت شاملة أو جزئية في ظل الرؤساء السابقين على ثورة 25 يناير أو رئيس الجمهورية الحالي، لا تعني أي تغيير في السياسات، والهدف منها في الغالب الأعم، هو امتصاص غضب الشارع وإيهامه بأن هناك تغييرا قادما يحقق المطالب الملحة والأساسية للمواطنين، وفي نفس الوقت حل بعض المشاكل الجزئية داخل سلطة الحكم.

وهناك عاملان أساسيان في تعديل هذه الحكومة:

الأول: استقالة عدد من الوزراء من بينهم د. محمد محسوب وزير الشؤون القانونية والمجالس النيابية وأحد قادة «حزب الوسط» واعتذار الحزب عن المشاركة في الحكومة، وهي خطوة محسوبة في ضوء إجراء انتخابات مجلس النواب «الشعب سابقا» خلال 90 يوما ورهان الحزب على زيادة عدد نوابه واحتلاله مركزا متقدما في تحالف الأحزاب الإسلامية (الحرية والعدالة - النور - الوسط - الأصالة - الحضارة.. إلخ)، وهو ما يتطلب البعد عن الحكومة حتى لا يتحمل النتائج السلبية للسياسات الاقتصادية والاجتماعية المطبقة التي أدت إلى الأزمات الاقتصادية والمتصاعدة، وموجة الارتفاع في الأسعار وتراجع مستوى معيشة الطبقات الشعبية والوسطى التي ستصل ذروة جديدة خلال الأسابيع القادمة.

الثاني: الحاجة إلى زيادة نفوذ الجماعة وحزبها الحرية والعدالة في الحكومة ووجود وزراء قادرين على تنفيذ سياسة رئيس الجمهورية د. محمد مرسي، خاصة ما يطلق عليه «خطة الإصلاح الاقتصادي والمالي»، وإخراج بعض الوزراء غير الخاضعين تماما للرئيس وحزبه.

وجوهر هذه الخطة هو العودة لتنفيذ قرار رئيس الجمهورية بتعديل قوانين الضرائب العامة على المبيعات وضريبة الدمغة والضريبة على العقارات المبنية والضرائب النوعية، والذي أعلن عن بدء تنفيذه في 9 ديسمبر الماضي ثم صدر قرار في ساعة متأخرة من ليل نفس اليوم لتأجيل التنفيذ خوفا من رد الفعل الجماهيري، حيث سيؤدي القرار لرفع مباشر لأسعار 50 سلعة وخدمة أساسية، ومن ثم ارتفاع شامل لكافة أسعار السلع والخدمات.

وتتمسك السلطة الإخوانية - رئاسة وحكومة وشورى - بهذه الخطة على أمل أن تنفيذها سيوفر 20 مليار جنيه تستخدم في تخفيض عجز الموازنة وزيادة الإنفاق على الخدمات ودعم البرامج الاجتماعية وخفض الدين العام وتمويل الاستثمارات العامة، كما أن التنفيذ هو شرط لموافقة صندوق النقد الدولي على منح الحكومة المصرية قرضا قيمته 8.4 مليار دولار، وهذا القرض سيؤدي بدوره لمنح شهادة ثقة في الاقتصاد المصري وفتح الباب أمام قروض ومساعدات خارجية أخرى.

ويظل خطر وقوع رد فعل جماهيري غاضب في حال تنفيذ خطة «الإصلاح» الاقتصادي المالي عنصرا معطلا، خاصة وشبح الانتفاضة الجماهيرية في 18 و19 يناير 1977 كرد فعل لرفع الأسعار ماثلا في الأذهان، والدعوة لثورة ثانية في 25 يناير 2013 - أي بعد أيام قليلة - يهدد كل سياسات الإخوان وحكمهم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram