يوم عرض مسلسل أبو البلاوي وهو من بطولة الراحل خليل الرفاعي عبر التلفزيون العراقي الرسمي مطلع عقد الثمانينات خلف ردود أفعال لدى الجمهور فأحالوا أسباب إثارة البلاوي والمشاكل والأزمات إلى أكبر مسؤول ، وعندما أصبح صانع البلاوي بنظر العراقيين هو فلان الفلاني ، قررت الأجهزة الرقابية إيقاف بث المسلسل ، لأسباب فنية كما أعلنت ، ولكن السبب الرئيس هو التخلص من حرج الإيحاءات التي تركها المسلسل في أذهان الجمهور .
الراحل الرفاعي كان أول المعترضين على إيقاف أبو البلاوي ، لأنه لم يقتنع بأسباب منع بثه ، وسرعان ما تلقى رسالة من شخصيات تمثل جهات رسمية، تتضمن نصيحة بالكف عن الحديث حول المسلسل ، لأن الجهات المعادية استخدمته لتحقيق أهدافها في النيل من رموز وطنية .
القيادة الحكيمة في ذلك الوقت ، وانطلاقاً من حرصها على "المصالح الوطنية والدفاع عن البوابة الشرقية والاستمرار في تنفيذ المشروع النهضوي للأمة " ، قررت منع المسلسل ، وأصدرت أوامر صارمة ضد من يحاول أن يجعل أبو البلاوي هو السبب في خوض الحرب ، وإصدار قرارات سحب المواليد للخدمة العسكرية ، وإجبار من كان عمره خارج الخدمة بالانضمام إلى الجيش الشعبي ، لتحصين الجبهة الداخلية .
كل الأحداث الكارثية التي مرت في البلاد كان أبو البلاوي يقف وراءها ، وهذا التصور انطبع في أذهان العراقيين ولازمهم حتى هذا اليوم ، لأن البلاوي كثيرة ، وفرص تجاوزها أو تحديدها وتشخيصها باتت أمرا مستحيلا ، باعتراف من اكتوى بنار المحنة ، ودفع ثمنا باهظا أثناء مواجهتها أو خوض غمارها ، واليوم يشكو القادة السياسيون من" أبو البلاوي" ، لأنه بنظرهم السبب وراء اندلاع أزمات متلاحقة ، تجاوزت خطوط الطول والعرض في الرقعة الجغرافية للعراق، وخطورتها تكمن في غياب الرغبة الجدية في تجاوزها.
المعترضون على" أبو البلاوي " من السياسيين الحاليين ، بعضهم متردد في اتخاذ موقف للحد من نشاطه وآخر يسهم معه في ابتكار أنواع جديدة من البلاوي ، جعلت العراقيين أكثر شعب في المنطقة يتناول المهدئات ، وحبوب الفاليوم ، للتخلص من الضغوط النفسية نتيجة الشعور بخيبة الأمل ، والخوف من المجهول ، وانعدام الثقة بالقوى السياسية الحالية بلا استثناء ، لكونها لا تعرف ما تريد ، ولم تحقق فقرة واحدة من برامجها الانتخابية، فضلا عن ذلك لم يستطع احد أن يعرفنا على " أبو البلاوي ".
قبل أيام أعلن مركز بحثي أن 87% من الشباب يشعرون بالإحباط من الواقع الحالي في العراق بسبب توالي الأزمات، فيما أشار إلى أن أكثر من 50% من الشباب لا يشاركون أو بدرجة قليلة في الأحزاب السياسية ، وهذه النتائج جاءت عبر إجراء استطلاع لأكثر من 2148 طالباً جامعياً في عدد من المحافظات العراقية بالتعاون مع مؤسسة دولية ، وحصيلة الآراء تؤكد أن معظم العراقيين يعيشون في مرحلة "أم البلاوي " ورحم الله الفنان خليل الرفاعي لاستشرافه المستقبل بمسلسل يبث يوميا بنجاح ساحق .
أُم البــــلاوي
[post-views]
نشر في: 9 يناير, 2013: 08:00 م