TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > هل يشهد العراق فترة حكم"الديكتاتورية الطائفية"؟!

هل يشهد العراق فترة حكم"الديكتاتورية الطائفية"؟!

نشر في: 11 يناير, 2013: 08:00 م

اثر إقرار قانون الانتخابات في الثامن من تشرين الثاني 2009 ، كتبتُ أتساءل "هل سيشهد العراق فترة حكم الديكتاتورية الطائفية؟"، وبعد مرور سنوات عدة وأمام ما يعيشه العراق حاليا من واقع سياسي مضطرب ميزته ازمات متوالدة مستعصية وفوضى وانفلات امني وسياسي ، أج

اثر إقرار قانون الانتخابات في الثامن من تشرين الثاني 2009 ، كتبتُ أتساءل "هل سيشهد العراق فترة حكم الديكتاتورية الطائفية؟"، وبعد مرور سنوات عدة وأمام ما يعيشه العراق حاليا من واقع سياسي مضطرب ميزته ازمات متوالدة مستعصية وفوضى وانفلات امني وسياسي ، أجدني أعود الى استرجاع ذات الافكار ومعها يعود ذات السؤال من جديد !!

تشير الأدبيات السياسية  الى أن الديكتاتورية هي شكل من أشكال الحكم ، تكون فيه السلطة مطلقة بيد حاكم فرد لا يتقيد بدستور او بقوانين، وبل يكون هو القانون ، دون مراعاة أي عوامل سياسية أو اجتماعية ، لكن العلوم السياسية أيضا تشير ، وكبار المفكرين ، الى ان مفهوم الديكتاتورية لا يمكن ان يقف عند مفهوم الفرد الحاكم الديكتاتور، بل يمكن ان يمتد ليكون ديكتاتورية كتلة من الناس او فئة او طبقة ، والى هذا أشار فلاديمير لينين (1870 ـ 1924 ) في معرض نقاشه مع كارل كاوتسكي عام 1918 في كتابه حول الثورة البروليتارية. وقد وصفت الأنظمة الشمولية عموما ، بأنها نظام الحزب الواحد، وأنها انظمة ديكتاتورية بدون جدال ، لأنها تحمل ممارسات النظام الديكتاتوري حيث تعبئة الجماهير بشكل ديماغوجي بايدلوجيا الحزب الواحد الحاكم ، وحيث يتم توجيه النشاط الاقتصادي والاجتماعي بشكل تعسفي بقوة الاجهزة الامنية لصالح النظام الحاكم. ويشير العديد من خبراء العلوم السياسية الى ان هذه الانظمة الشمولية الديكتاتورية، التي ظهر الكثير منها في مناطق العالم الثالث، ومن ضمنها العراق ، تتميز بعدم الاستقرار السياسي وتبرز فيها الانقلابات والاضطرابات والخلافات السياسية التي غالبا ما تكون ضد مصالح جماهير الشعب  .

يطرح المفكر الفرنسي ريمون آرون (1905 ـ 1983 ) الفيلسوف وعالم الاجتماع ، والمدافع عن الليبرالية ، في كتابه ( الديمقراطية والشمولية ) الصادر في باريس عام 1965 ، اهم مقومات وعناصر النظام الشمولي فيشير الى احتكار السلطة السياسية من قبل حزب واحد، يستند في نشاطه وعمله الى أيديولوجية تقود فعالياته ونشاطاته، ولاجل نشر هذه الايديولوجيا سوف تُسخر كل اجهزة الدولة، التي يكون تحت تصرفها كل وسائل الاتصالات من وسائل الاعلام ، وأيضا الوسائل الامنية القمعية  .

أثر نتائج انتخابات مجلس النواب العراقي التي تم إجراؤها في 7 آذار/ مارس 2010 ،  وفقا لقانون الانتخابات الذي رسمته القوى المتنفذة ليراعي مصالحها ، تم اقصاء العديد من مكونات الشعب العراقي ، فهذا القانون صار جدارا عازلا أمام مشاركة وطنية حقيقية  لقوى سياسية يمكن ان تؤثر في القرارات السياسية . هذا الامر الذي كان من نتائجه الواقع السياسي الحالي المعاش الذي يمارس سياسيوه أسلوب العناد والتشبث بمواقفهم والاصرار على ما ثبت خطأه وفشله ، والعراق الحالي يبدو وكأنه يعيش حكما شموليا من نوع جديد، له لبوس طائفية، فمن يستحوذ على السلطة الحالية ويديرها هو فئة ذات طابع طائفي واحد، جناح سياسي من مكون طائفي، تعمل بأيديولوجية طائفية فكرية وسياسية واحدة ، نجحت في ان جعلت الحكومة تقضم الدولة وتشل عملها . ما يزيد الامر خطورة للايام القادمة هو ان الحديث عن الفوارق بين القوائم الانتخابية المتنفذة الحالية ، لمختلف الأجنحة لطائفة ما ، سيتلاشى أمام ذوبان الفوارق عند قيادات هذه القوائم حين تكون قضية الاستحواذ على السلطة واحكام السيطرة عليها المهمة الاساسية ، خصوصا مع تحول اماكن العبادة الى مراكز للدعاية الانتخابية ، على غرار رجل الدين المعمم الذي انتشر شريطه المصور في مواقع التواصل الاجتماعي وهو يدعو إلى انتخاب الحرامي السارق نصرة للمذهب ، وبوجود عوامل مساعدة كثيرة ، خارجية وداخلية ، ستساعد على التقارب بين المكونات الطائفية . وعندها فان ما سيتعزز في العراق ، هو نظام حكم وفق سياقات ديكتاتورية ، يمكن الحديث عنه بما يمكن تسميته "الديكتاتورية الطائفية " . من هنا تبرز الحاجة الى أن يعي ابناء العراق ، الحريصون على مستقبله المدني الديمقراطي ، ضرورة العمل لتوفير متطلبات تضمن نزاهة الانتخابات القادمة وأهمها تشريعات تجري تغييرات على قانون الانتخابات البغيض وتقطع الطريق امام إمكانية ظهور ديكتاتورية طائفية تقود البلاد إلى كوارث جديدة .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram