ما تنشره الصحف العربية، الخليجية على وجه التحديد من تقارير إخبارية، وافتتاحيات ومقالات رأي حول الشأن العراقي، حمّلت رئيس الحكومة نوري المالكي مسؤولية إثارة الأزمات لكونه بنظرها ينفذ السياسة الإيرانية، وأغلق الباب العراقي أمام محيطه العربي، وهنا من الضروري الإشارة إلى أن الكثير من الإعلاميين العرب، عندما يتناولون القضية العراقية يتبنون مواقف جهات رسمية، معروفة بالوقوف ضد إقامة أنظمة ديمقراطية في المنطقة، وما شجع بعض الكتاب على إبداء الندم والأسف والأسى والحزن الشديد على الأوضاع في العراق وقلقهم على شعبه من مخاطر اندلاع حرب طائفية، إنهم كانوا ضمن جوقة استخدمت سابقا لإشعال البخور لرؤساء وزعماء متورطين بارتكاب جرائم بحق شعوبهم، يوم كان المحيط العربي يلتزم الصمت، ولا اثر لأي صوت رافض يستنكر أو في اقل تقدير، يشير إلى ما يحصل في الجحيم العراقي، باستثناء قلة من الكتاب، رفضت الانضمام لجوقة المبخرين لرجال السلطة.
اندلاع التظاهرات في العراق أسهم في فتح شهية بعض وسائل الإعلام لتناولها بشكل انتقائي بشكل يكشف بكل وضوح عن خطاب منحاز، من دون مراعاة مخاطر تداعيات ذلك في إثارة التحريض بشكل غير مباشر، عندما تختار من أطراف الأزمة الأضعف، ليدافع عن الحكومة بطريقة سيروا ونحن وراءكم، في حين يكون المتحدث الآخر ممثل الطرف الثاني من الأزمة مدعوما باتصالات المشاهدين، و"استقلالية ومهنية مقدمة البرنامج" القلقة جدا من عودة العنف الطائفي على مستقبل العراق.
"يا حسافة" أغنية المطرب ياس خضر تصلح اليوم أن تكون نشيدا شعبيا للعراقيين، لأنهم وعلى حد تعبير رئيس مجلس النواب الأسبق محمود المشهداني أصبحوا مسخرة للعرب وبعض إعلامييهم المنزعجين جدا من التجربة الديمقراطية، فطيلة السنوات الماضية عجز القادة السياسيون عن تحقيق اتفاق وإجماع على قضية واحدة، باستثناء تقاسم المناصب والمواقع، وتأجيل حسم الملفات العالقة لحين تحقيق التوافق، يا حسافة.
التظاهرات تستمر، والإجراءات الحكومية لم تستطع إيقافها أو إعطاء رسائل تطمين تقنع المحتجين بأنها جادة في تنفيذ مطالبهم المشروعة المتعلقة بصلاحياتها التنفيذية، وحث الكتل النيابية على بلورة موقف موحد للتفعيل دور البرلمان التشريعي في تمرير القوانين المعطلة، وبهذه الإجراءات مع تحسين الأداء الحكومي من الممكن حصر الأزمة ويتخلى العراقيون عن نشيدهم الشعبي ياحسافة، ويتراجع الحدث العراقي عن اهتمام الإعلام العربي، ثم إجباره على أن يلجأ إلى اختيار نشيده الخاص للتعبير عن حسافة من نوع آخر.
المؤمنون بالديمقراطية من الأوساط الشعبية والقوى خارج الحكومة يستبعدون احتواء الأزمة الراهنة من دون تنازلات من أطرافها، أما الإصرار على المواقف والاستمرار بالتصعيد والتزاحم على الظهور بشاشات الفضائيات العربية، والدفاع عن طرف على حساب آخر بأسلوب تجديد البيعة والعهد والولاء لحامل الراية المظفرة، ويا محلا النصر بعون الله، سيجعل شعوب العالم تردد معنا "ياحساااافة".