TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > مقارنة مختلة بين الدستورين العراقي والمصري الجديد

مقارنة مختلة بين الدستورين العراقي والمصري الجديد

نشر في: 12 يناير, 2013: 08:00 م

الحلقة الاولى :- حرية التعبير والتظاهر السلمياختصر الدستور العراقي الاشارة الى حريات :- 1- التعبير 2- الصحافة والاعلام. 3- الاجتماع والتظاهر السلمي في مادة واحدة ، بسطرين ، في ( 36 ) كلمة فقط ، اكتفى بها مع اختصار مخل شديد ، مما عرض الحريات الثلاث لخ

الحلقة الاولى :- حرية التعبير والتظاهر السلمي

اختصر الدستور العراقي الاشارة الى حريات :- 1- التعبير 2- الصحافة والاعلام. 3- الاجتماع والتظاهر السلمي في مادة واحدة ، بسطرين ، في ( 36 ) كلمة فقط ، اكتفى بها مع اختصار مخل شديد ، مما عرض الحريات الثلاث لخطر شديد وتحديات جدية كبيرة ،هي المادة ( 38 ):- ( تكفل الدولة ، بما لايخل بالنظام العام والاداب :- اولا :- حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل . ثانيا :- حرية الصحافة والطباعة والاعلان والاعلام والنشر . ثالثا :- حرية الاجتماع والتظاهر السلمي ، وتنظم بقانون . )
اما الدستور المصري الجديد فأنه عالج المواضيع الثلاث - التي عالجها الدستور العراقي بمادة واحدة - في خمس مواد تضمنت ( 255 ) كلمة تعادل ستة اضعاف النص العراقي ، وبطريقة مختلفة تماما ، كفل بموجبها تلك الحقوق والحريات وضمن عدم التعدي عليها او تعطيلها ، فنص في المادة ( 45 ) على حقي ( 1- حرية الرأي او الفكر . 2- حرية التعبير عن الرأي ) بقوله :- ( حرية الفكر مكفولة ، ولكل انسان حق التعبير عن رأيه بالقول او الكتابة او التصوير او غير ذلك من وسائل التعبير . )
ونص في المادة ( 47 ) على الحق بالحصول على المعلومات باعتباره حق متفرع عن الحق فــــــــــــي التعبير بقوله :- ( الحصول على المعلومات والبيانات والاحصاءات والارقام والوثائق والافصاح عنها وتداولها حق تكفله الدولة لكل مواطن ، بما لا يمس حرمة الحياة الخاصة وحقوق الاخرين ولا يتعارض مع الامن القومي . وينظم القانون قواعد ايداع الوثائق العامة وحفظها ، وطريقة الحصول المعلومات ، والتظلم من رفض اعطائها ، وما قد يترتب على هذا الرفض من مساءلة. )
وعالج في مادة مستقلة اخرى حرية الصحافة والاعلام بقوله :- ( حرية الصحافة والطباعة وسائر وسائل الاعلام مكفولة ، وتؤدي رسالتها بحرية واستقلال لخدمة المجتمع والتعبير عن اتجاهات الرأي العام والاسهام في تكوينه وتوجيهه في اطار المقومات الاساسية للدولة والمجتمع والحفاظ على الحريات والواجبات العامة ، واحترام حرمة الحياة الخاصة للمواطنين ومقتضيات الامن القومي ، ويحظر وقفها او غلقها او مصادرتها الا بحكم قضائي . والرقابة على ما ما تنشره وسائل الاعلام محظورة ، ويجوز استثناءا ان تفرض عليها رقابة محددة في زمن الحرب او التعبئة العامة . )
وعالج في المادة ( 49 ) منه حرية اصدار الصحف بقوله :- ( حرية اصدار الصحف وتملكها ، بجميع انواعها ، مكفولة ، بمجرد الاخطار لكل شخص مصري طبيعي او اعتباري . وينظم القانون انشاء محطات البث الاذاعي والتلفزيوني ووسائط الاعلام الرقمي وغيرها ).
وفي المادة ( 50 ) منه عالج الاجتماع والتظاهر السلمي بقوله :- ( للمواطنين حق تنظيم الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية ، غير حاملين سلاحا ، ويكون ذلك بناء على اخطار ينظمه القانون . وحق الاجتماعات الخاصة مكفول دون اخطار ولا يجوز لرجال الامن حضورها او التصنت عليها . )
ودعونا نقارن  باختصار شديد بين احكام الدستورين في ( حرية التعبير والاجتماع والتظاهر السلمي ) فقط في هذا المقال ، لنعود في مقال اخر لمقارنة احكام الدستورين في حرية الصحافة والاعلام وفي مواضيع اخرى .
واهم الفروق بين الدستورين في تناول حق التعبير عن الرأي والاجتماع والتظاهر السلمي هي :-
1- ان الدستور العراقي قيد ( حرية التعبير)  و( حرية الاجتماع والتظاهر السلمي ) بقيدين مطاطيين خطيرين هما ( النظام العام ) و ( الاداب ) .  والمعروف ان مثل هذين القيدين هما مقتل للحريتين او الحقين المذكورتين ، حينما تستغلهما السلطة التنفيذية لتعطيل حرية التعبير والاجتماع والتظاهر السلمي ، فما اسهل من الادعاء بان ممارسة تلك الحقوق قد تجاوزت الاداب او خرقت النظام العام ، خصوصا وان هذين المفهومين ( النظام العام والاداب ) مصطلحين مطاطيين لم يتمكن احد - لحد الان - من تحديد مفهوم واضح لهما ابدا . في حين لم يقيد الدستور المصري الجديد لا حرية التعبير ولا حرية الاجتماع والتظاهر السلمي باي قيد مطلقا ، فهما حقان مطلقان يمارسهما الناس بلا خوف من ان يدعي ( تنفيذي باغ ) او ( قاض ذليل تابع ) بان هناك تجاوز لحدود الحق في التعبير او لحدود الحق في الاجتماع او التظاهر السلمي.
2- قطع ( الدستور المصري الجديد ) كل جدال ونقاش في كون الاجتماع والتظاهر السلمي يحتاج الى ( اذن ) باقامة الاجتماع او التظاهر السلمي من السلطات ، ام انه لا يحتاج الا الى ( اخطار ) بهما فقط ، فنص على ان اقامتهما لا يحتاج الا الى ( اخطار ) فقط ، وليس للسلطات – بالتالي – حق منع احد من اقامة اجتماع عام  او خاص او تظاهرة سليمة لاي سبب مهما كان ، ولا يجوز للسلطة التشريعية ولا لرئيس الوزراء ولا لرئيس الجمهورية ان يمنع احد من اقامة اجتماع عام او تظاهرة سليمة ، ولا يمكنهم اصدار قانون او قرار او امر بمنع ذلك باي حال من الاحوال وتحت اية حجة من الحجج .  
بينما ترك الدستور العراقي الامر سائبا ، لذا فأن السلطة التنفيذية وتابعيها في مجلس النواب يصرون على النص في ( مشروع قانون تنظيم حرية التعبير والاجتماع والتظاهر السلمي ) - الذي كان معروضا على مجلس النواب في فترة سابقة - بمنع اقامة اي اجتماع او تظاهر السلمي الا بأذن من الجهات الادارية المختصة ، ولهذه الجهة الادارية - بتحكم مزاجي كامل لا ضوابط ولا اسس - الحق في الاذن او رفض اعطاء الاذن ، فهي سترخص من الاجتماعات والتظاهرات التي تحلو لها وتمنع من لا يروقها اقامتها او تقييد عليها من حيث المكان او الزمان .
 فيكون حق الناس في التعبير عن مطالبهم وارائهم عن طريق الاجتماع والتظاهر السلمي مرهون بارادة  اداري واحد ، اي ان الدستور العراقي ترك ارادة الشعب - مصدر السلطات - مرهون بمزاج حزبي فاشل لا احد يعلم كيف وضع في منصبه . في حين حمى الدستور المصري حق الشعب في التعبير والاجتماع والتظاهر بطريقة لا يمكن ان يدخل منها ( باغ ) ليمنع الناس من  التعبير عن مطالبهم بالتظاهر او الاجتماع .
وكان من اهم اخطر اثار اغفال الدستور العراقي النص على هذه المسائلة ان قامت السلطة التنفيذية بتقييد الحق في الاجتماع والتظاهر السلمي بقرار من رئيس مجلس الوزراء ، فمنع اقامتها الا بأذن مسبق رغم انه لا يملك ذلك ، ثم جاءت باشد انواع القيود صرامة على حرية التعبير والاجتماع والتظاهر السلمي في مشروع القانون المشار اليه .
3- ان الدستور العراقي جاء بصياغة توحي بان حرية التعبير والاجتماع والتظاهر السلمي انما هما منحة من الدولة بقوله في بداية النص ( تكفل الدولة ... ) في حين جاء الدستور المصري بصياغة اكثر وعيا لطبيعة الحقين المذكورين ولم تجعلهما كأنهم منحة من الدولة بل نص :- بأنها ( مكفولة ) . فلم يربطهما بالدولة ، لانهما حقين اصليين للانسان لا تتفضل الدولة بمنحهما ، بل هما اقدم واسمى واعلى منها .
4- نص الدستور المصري بطريقة رائعة على الحق في الحصول على المعلومات في المادة (47) منه المذكورة اعلاه ، باعتباره حق متفرع عن الحق في حرية الرأي والتعبير ، في حين اغفل الدستور العراقي النص عليه ، مما جعله في مهب الريح ، ولا اظن ان طبقتنا السياسية الموقرة قد تعترف لنا به ابدا ، لانها عدوة الشفافية والمكاشفة ، ولا يجيد معظم رجالاتها الا الاعمال التي تؤدى في الظلام وخلف الاسوار العالية .
5- الا ان الدستور المصري تضمن عيبا واحد - تجنبه الدستور العراقي - هو ان الدستور المصري منح الحق في الاجتماع والتظاهر السلمي والحق في الحصول على المعلومات ( للمواطنين ) فقط ، في حين ان الحق في الحصول على المعلومات والحق في الاجتماع والتظاهر السلمي حقين من حقوق الانسان الاصلية فلابد من كفالتهما لكل انسان على اقليم الدولة سواء اكان وطني ام اجنبي

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram