أطراف الأزمة الحالية وبعد عجزهم عن تحقيق اتفاق على حلها ، عملوا بشكل واضح على تحشيد الشارع لكسب التأييد ، والمثل الصيني يقول إن تضييق الأزمة يسهم في حلها ، والطريقة الصينية في حل المشاكل لم تصل بعد إلى العراق ، وحتى في حال اعتمادها فإنها غير مجدية ، فالمشكلة العراقية كبيرة ، تخطت حدودها ، وذكرت صحيفة أردنية الأسبوع الماضي ان اسباب غلق المنفذ الحدودي طريبيل بين البلدين، يتعلق بتنسيق امني مشترك ، لمنع جماعات مسلحة من الدخول الى الأنبار، تمهيدا لتنفيذ السيناريو السوري بحسب الصحيفة التي أكدت عودة رجل الدين عبد الملك السعدي إلى عمان، والأمر الاخر المتعلق باتساع الأزمة دعوة الجامعة العربية القادة السياسيين والحكومة لتهدئة الأوضاع، في حين اعلن وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل استعداد بلاده لمساعدة العراق في طلب ذلك.
البرلمان العراقي له علاقات طيبة مع نظيره الصيني ، وللأسف ان الأول لم يفاتح الثاني للاستفادة من خبراته في حصر الأزمات وتضييقها تمهيدا لمعالجتها ، و المشرعون الصينيون لم يبخلوا في تقديم النصيحة لزملائهم العراقيين ، وربما سيعلنون استعداهم للقاء أطراف الأزمة، والحديث معهم باللغة العربية لغرض تقريب المواقف ، ومد جسور الثقة، والصين تنظر إلى العراق قبل كل شيء انه سوق مهمة ، ومن مصلحة الأصدقاء استقرار الأوضاع الأمنية والسياسية العراقية ، وبعضهم يستطيع التحدث بلهجتنا ليقدم لأعضاء مجلس النواب دروسا في كيفية السيطرة على الغضب ، والابتعاد عن استخدام الايدي في المشاجرات ، وتعلم السلوك الحضاري في التعامل مع الرأي الآخر، من دون "بوكسات وكفش روس ودفرات ".
اللجوء إلى الخيار الصيني من شأنه ان يبدد مخاوف البعض من تسلل "زرقاوي" آخر عبر الحدود الاردنية والدخول الى الأراضي العراقية ، ليتحالف مع من يريد الإطاحة بالنظام السياسي ، وهذا الاحتمال مستبعد، لان عمان وبغداد تعيشان الآن في شهر عسل ، وحتى الآن لم تبرز مواقف تعكر المزاج او تهدد مستقبل العلاقة ، بعد أن منح النفط العراقي الدفء للأشقاء ، ولكنه لم يحفزهم على التعامل الحضاري مع المسافرين العراقيين في مطارهم الدولي .
المشكلة في اللجوء إلى الخيار الصيني أن يطلب النواب العراقيون من نظرائهم إعطاء دروس في إجادة رياضة الجودو والكاراتيه ، وبقية الفنون القتالية الأخرى ، ليكونوا على أتم الاستعداد لخوض مشاجرات محتملة تحت قبة البرلمان ، وفي حال فشلوا في الحصول على الأصوات الكافية في الانتخابات التشريعية المقبلة ، فإنهم سيعتزلون العمل السياسي ، ويتوجهون الى نشاط آخر، بفتح دورات لتعليم الفنون القتالية للبرلمانيين الجدد ، لان الأزمة العراقية مستمرة لامتدادها الى الخارج ، سواء بفضل بمساعي أطرافها أو برغبة عواصم بلدان مجاورة " حريصة" جدا على وحدة العراق وشعبه ، ومساعدته في الخروج من " محنته" السابقة والحالية والمقبلة ، وهو لم يقرر بعد خياراته ، فانصرف نحو تظاهرات التأييد والاستنكار، ليحقق حضوره هو الآخر في الأزمة الراهنة.
ما بعد التظاهرات
[post-views]
نشر في: 12 يناير, 2013: 08:00 م