استبقت أجهزة الإعلام الروسية الرسمية نتائج اجتماعات جنيف، بإعلان مريب نقلته عن مصدر عسكري دبلوماسي، وفحواه أن أجهزة المخابرات في الدول الداعمة للمعارضة السورية، تقوم باستمالة أشخاص من مواطني روسيا وأوكرانيا وبيلاروس، لتمثيل دور مرتزقة روس، يقاتلون إلى جانب قوات الأسد، ومن ثم يقعون في الأسر، على أيدي مقاتلي الجيش السوري الحر، لتشويه صورة روسيا، كأحد الوسطاء الأساسيين في عملية التفاوض، وقبل أن نرى واحداً من هؤلاء، قالت موسكو إنهم سيتحدثون أمام الكاميرات عن علاقتهم بالأجهزة الخاصة الروسية، وكيفية استمالتهم، وإرسالهم من روسيا إلى سوريا، على متن سفن عسكرية.
هذا الاعلان المهزلة، الذي نتوقع صدوره عن واحدة من جمهوريات الموز، وليس عن دولة تسعى لاستعادة عظمتها، قال بلهجة الواثق، إنه من المقرر أن يجري تصوير هذه المقاطع في تركيا أو الأردن، حيث بنيت منذ مدة طويلة ديكورات للمدن السورية المدمرة، وتستخدم بنشاط لنشر معلومات ملفقة، وأن رجالاً لهم سمات سلافية، تتراوح أعمارهم بين 25 و45 عاماً، يحظون بأعلى إقبال عند البحث عن المرشحين، ويفضل أن تكون لديهم خلفية عن نظم الدفاع الجوي، ومعرفة استخدام الأسلحة، وأن الهدف النهائي هو اتهام روسيا بالضلوع مباشرةً في النزاع ، وبما يتيح لدول الغرب والشرق الأوسط المعنية، خلق الظروف اللازمة لإسقاط الأسد.
بعد إعلان موسكو البائس، ظهرت نتائج اجتماع جنيف، الذي ضم نائبي وزيري خارجية روسيا وأميركا، مع المبعوث الأممي الأخضر الإبراهيمي، وهي مخيبة للآمال، حيث أعلن الابراهيمي أنه ليس متأكداً إذا كان هناك حل قريب، رغم الاهتمام بالمعاناة الكبيرة للشعب السوري التي طالت كثيراً، وأن الاتفاق قائم على أنه لا حل عسكرياً للنزاع في سورية، وأن الهيئة الحاكمة الانتقالية المقترحة، ستمارس سلطات الدولة التنفيذية كاملة، ويعني ذلك ببساطة، أنه بسبب موقف موسكو، تم القفز عن عقدة دور الرئيس الأسد فيها، في حين تستعد 50 دولة للطلب من مجلس الأمن إحالة كل جرائم الحرب، والانتهاكات المرتكبة في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية، وهي ترى أن التوصل إلى حل قابل للاستمرار في سوريا، يجب أن يترافق مع رفع الحصانة عن مرتكبي هذه الجرائم، ومن ضمنهم بالتأكيد رأس النظام.
يكشف الإعلان الروسي عشية اجتماع جنيف، أن مقاتلين روس يسهمون في معركة الأسد ضد السوريين، أو أنهم في الطريق إلى سوريا، وأن تقدم قوات المعارضة البطيء على أرض المعركة، قد يتيح لها أسر بعض هؤلاء، معروف أن المشاركة الروسية في الأزمة السورية المتفاقمة، اقتصرت سابقاً على الخبراء العسكريين الكبار، المعنيين بالتخطيط الاستراتيجي والتدريب على الأسلحة، وأن بعض هؤلاء قضى في المعارك دون إعلان، لكن الواضح اليوم، أن القيادة الروسية قررت تطوير تدخلها، والانخراط في المعركة ضد طموحات السوريين، إمّا من خلال جنودها بشكل رسمي، أو السماح بتجنيد مرتزقة، للدفاع عن مصلحتها في استمرار الأسد رئيساً، رغم أنف السوريين، وهذا التطور الخطير سيقود بالتأكيد إلى منزلقات، ليست في صالح الشعبين الروسي والسوري، وإن كانت في مصلحة الاسد وحليفه بوتين، وإعلان موسكو يؤكد صدقية المثل القائل "كاد المريب بأن يقول خذوني".