اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > المتقــاعدون..معاملاتهم تمشي على ظهر سلحفاة والنتيجة رواتب هزيلة

المتقــاعدون..معاملاتهم تمشي على ظهر سلحفاة والنتيجة رواتب هزيلة

نشر في: 13 يناير, 2013: 08:00 م

مناهل كامل، معلمة متقاعدة استمرت في العمل الحكومي 25 عاما، ولديها ولد وافاه الأجل وهو طالب جامعي، وبنت متزوجة، تتقاضى راتباً تقاعدياً قدره 250 ألف دينار  شهريا، وهي ذاقت من كأس المر مرتين؛ الأولى بفقدانها زوجها الذي استشهد إبان الحرب العراقية ال

مناهل كامل، معلمة متقاعدة استمرت في العمل الحكومي 25 عاما، ولديها ولد وافاه الأجل وهو طالب جامعي، وبنت متزوجة، تتقاضى راتباً تقاعدياً قدره 250 ألف دينار  شهريا، وهي ذاقت من كأس المر مرتين؛ الأولى بفقدانها زوجها الذي استشهد إبان الحرب العراقية الإيرانية لتمتد المعاناة بمصيبة ثانية بعد وفاة ولدها اثر مرض عضال. لم يكن لديها من يسد رمق عيشها سوى راتبها التقاعدي الذي لا يوفر ابسط مستلزمات الحياة اليومية، ناهيك عن  فاتورة الكهرباء والمولدة.

هذه المعاناة تشمل أغلبية سكان العراق، وهي مشكلة من آلاف المشاكل التي يعيشها الفرد العراقي، فغمط حقوق شريحة المتقاعدين البالغ عددهم مليون وثمنمائة وخمسون ألف متقاعد ، أي مليون وثمانمائة وخمسين ألف عائلة تعيش على هذه الرواتب التي هي دون مستوى الكفاف وخط الفقر. والمتقاعدون يتساءلون ماذا سنعمل في حالة عدم إقرار حقوقنا التي مضت عليها سنوات، والحكومة مغمطة ومجحفة بحقنا علما ان هذه الرواتب لا تفي بأبسط متطلبات احتياجاتهم؟

(المدى) قامت بجولة بين المتقاعدين للوقوف على معاناتهم والإسهام في حلها.

شرحبيل النظام السابق

يقول علاء البياتي في حديثه لـ(المدى): أنا متقاعد عسكري (جريح حرب)، لدي خدمة ست سنوات تضرب في اثنين فيصرف لي راتب تقاعدي على أنني جريح حرب، في سنة 1981، تعرضت إلى الإصابة، وبعد إصابتي بخمسة أشهر عدنا إلى الحدود الدولية العراقية من فترة انحساب الخدمة، سنة 1968 عدنا إلى خدمة شرحبيل على أننا معوقون بمعسكرات دائمية، لا يوجد بها حرب أي غير مسلح، تسرحت من الجيش على أنني متقاعد من سنة 1983، وحتى قبل أربعة أشهر من سنة 2012 أتسلم راتبا تقاعديا، عندما راجعت التقاعد لا استلام راتبي التقاعدي اتضح بان هويتي قديمة، وطلبت مني موظفة التقاعد إبدالها بهوية الفسفورة، وعندما عدت إلى قسم الجرحى لتبديل الهوية استمر انتظاري ساعتين، وطلبت الموظفة مراجعتي بعد خمسة أيام لاستلام هويتي إلا أنني انتابني الشعور بالفضول بسؤال الموظفة عن سبب تأخيري لخمسة أيام لاستلام هويتي،  إذ قالت لي موظفة التقاعد إن هناك كتابا في اضبارتي التقاعدية ، منذ عام 2000 يبين عدم  استحقاقي الراتب.   فيتساءل اين انتم يا موظفي التقاعد وأنا أتسلم منذ 12 سنة راتباً تقاعدياً وأنا لا استحقه؟

معاملات في طي النسيان

يتفقد موظفو التقاعد معاملة المتقاعدين بعد فترة تتعدى العشر سنوات  وتكشف بعدم استحقاق المتقاعدين راتبهم ، وان معاملات المتقاعدين لا تتم متابعتها إلا بعد حدوث إرباك في رواتب المتقاعدين ، ومراجعتهم دائرة التقاعد أو بتبديل الهوية ، ويضيف البياتي: أين من يدقق معاملاتنا التي تنحصر في إدراج موظفي التقاعد؟ وأنا الآن منذ أربعة أشهر أراجع، ولم يكن  هناك رد شاف ومنصف من موظفي التقاعد إلى ما آلت إليه اضبارتي التقاعدية.

أما بالنسبة للمتقاعد أبو ميثاق، موظف في التصنيع العسكري المنحل، وخدمته تزيد على 34 عاماً، أحيل على التقاعد منذ عام 1990، ويتجاوز عمره 62 عاما، وزوجته ربة منزل ، ولديه ابنتان إحداهما طالبة في الجامعة والأخرى طالبة مدرسة، ويتقاضى راتبا تقاعديا  لا يتجاوز 250 ألف دينار شهريا لا يكفي مصاريف إحدى بنتيه ولا يسد حاجته وحاجة عائلته فعينه بعين الله.

تقاعد أيام زمان

أما الخبير في شؤون المتقاعدين باسم نصيف جاسم الذي كان يشغل منصب مدير التدقيق المركزي في التقاعد العامة، ثلاثين عاما، فيرى ان القوانين القديمة في العراق تبين بصورة واضحة بان راتب المتقاعد أعلى بكثير من راتب الموظف المستمر بالخدمة ، حيث أن الموظف يعين براتب 18 دينارا، وهو حاصل على شهادة الإعدادية، و28 دينارا للموظف من خريجي الجامعة، ويضاف إليه غلاء معيشة في حالة الإعدادية 12 ديناراً والجامعة 13 ديناراً، يستمر بالوظيفة  30 سنة او 35 سنة وعندما يحال على التقاعد يكون الراتب كحد أعلى 100 دينار تضاف إليه غلاء معيشة 56 دينارا، من هنا نلاحظ الفرق بين راتب الموظف وراتب المتقاعد،  أما الآن فانقلبت الموازين، فالموظف الذي يعين لأول مرة وحاصل على شهادة جامعية راتبه ضعف راتب متقاعد أحيل على التقاعد قبل السقوط بخدمة 25 سنة، وبذلك نلاحظ هذه حالة غير صحيحة ومجحفة بحق المتقاعدين، وعلى المعنيين يجب عليهم العودة إلى التشريعات القديمة لغرض الاستفادة منها، والتي كانت بالتأكيد قد وضعت بدراسة وعناية تضمن للمتقاعد ضمان حياة كريمة، وحياة يستطيع من خلالها أن يعيش هو وعائلته عيشاً كريماً.

 

التصريحات الرنّانة ترهق كاهل المتقاعدين

أما رئيس الجمعية الإنسانية للمتقاعدين في العراق عبد الرضا الحفاظي يقول: إن مسألة المتقاعدين مسألة مضت عليها سنين ، منذ بداية سقوط النظام ونحن نطالب بحقوق المتقاعدين ، وهذه المسألة أخذت حيزا أكثر مما يجب، وآخر ما توصلنا إليه بأن يكون في 1-1- 2013 اتفاق مع اللجنة المالية البرلمانية في وضع حل نهائي لمعاناة المتقاعدين ضمن استحقاقاتهم القانونية، قمنا بتقديم مقترحاتنا إلى السادة المسؤولين في هيئة التقاعد ووزارة المالية واللجنة المالية البرلمانية بصفتها مسؤولة عن الموازنة واستحقاقات المتقاعدين، والمقترح الذي قدم من قبلنا بان يكون الحد الأدنى لرواتب المتقاعدين 400 ألف دينار عراقي، فهناك متقاعدون يتسلمون راتبا تقاعديا 220 ألف دينار عراقي بدل هذا يكون 400 ألف دينار، كحد أدنى صعودا حسب مدة الخدمة وحسب الدرجة الوظيفية وصولا إلى نسبة 80% من أقرانهم المستمرين بالوظيفة حاليا، وكذلك بالنسبة لمنتسبي الجيش وقوى الأمن الداخلي، كل منهما يأخذ النسبة الأعلى 80 بالمائة الحد الأدنى الذي يعتبر خط شروع هو 400 ألف دينار وجاء هذا من دراسة أعدت  من قبل  وزارة التخطيط  والتعاوني الإنمائي، بان خط الشروع للعائلة التي تتكون من خمسة افراد يفترض أن يكون 400 ألف دينار، وعلى هذا الأساس بنينا وقمنا بتقديم المقترحات للجنة المالية ووجدنا صدى وقبولا ودعما من قبل اللجنة المالية البرلمانية لمقترحاتنا، ووعدونا وكانوا صادقين بوعدهم، وشكلت لجنة من قبل وزارة المالية لإعداد مسودة قانون جديد يطبق على أساس 1-1-2013 ، وهذه للجنة برئاسة رئيس هيئة التقاعد الوطنية كلفت بإعداد مسودة القانون وبما يتلاءم مع استحقاقات المتقاعدين القانونية، هذه اللجنة مضى على عملها ما يقارب السبعة أشهر ولحد شهر تشرين الثاني لم تنجز أعمالها، فقدمت هذه اللجنة مقترحات كسلطة تنفيذية إلى البرلمان، وكان مقترحها مقترحا بائسا لا يشكل غير 20 بالمائة من الزيادة على راتب المتقاعدين من الذي يتقاضاه حاليا، فاللجنة أمهلت مدة أسبوع لاكمال المقترح وفق الصياغة المتفق عليها وهي 400 الف دينار عراقي،  لكن الدلائل تشير إلى ان اللجنة ما تزال مصرة على رأيها.

 

قانون التقاعد يتخبط بين المسؤولين

ويضيف السيد الحفاظي بان قسما من النواب يؤكدون انه ما يزال طور الإعداد، وقسما منهم يؤكدون انه طور التعديل ، فالمسألة أصبحت ضائعة المعالم، والنواب وضعوا في إحراج ، لان الزيادة ستكون بائسة  وهذا مرفوض تماما من قبل المتقاعدين، والأيام القليلة الماضية هي التي تحدد مصير رواتب المتقاعدين، وذلك من خلال وضع مادة بالموازنة تشير إلى تخصيص مبلغ صرح به احد أعضاء اللجنة المالية، وهو تخصيص 1500 مليار لتغطية رواتب المتقاعدين، وهو عضو لجنة مالية ومسؤول عن إعداد الموازنة.

 

البرلمان بانتظار الصيغة النهائية

وقال النائب عن ائتلاف دولة القانون الشيخ محمد سعدون الصيهود: إن إقرار الموازنة للمتقاعدين هو حق من حقوقهم، والسياسيين ليسوا بمتفضلين على تشريع قانون للمتقاعدين يحسن من المستوى المعيشي لهم، وإنما من واجباتهم تحسين المستوى المعيشي للعراقيين بغض النظر عن كونهم متقاعدين أو غير متقاعدين، ويرى انه من باب أوسع أن يشرع هذا القانون ليس اليوم وإنما منذ زمن بعيد، يفترض أن يكون هناك اهتمام واسع بقانون المتقاعدين وهي شريحة مهمة وكبيرة وبحاجة الى رعاية، لذلك السياسيون اليوم والبرلمان العراقي مطالبون بتشريع قانون التقاعد من هذه الأبواب، وليسوا متفضلين على المتقاعدين على اعتبار القانون حقا من حقوقهم، وواجبا على البرلمان العراقي، ولكن إذا كان هناك اختلاف فالاختلاف داخل مديرية التقاعد تنتظر أن تصل هذه المسودة لصيغتها النهاية لتضمن حقوق المتقاعدين، وانا اعتقد أن مطلع السنة القادمة سيتم تشريع هذا القانون الذي هو حق وواجب على البرلمان.

وبالاتصال مع الناشط السياسي صالح الأسدي قال: ما يهمنا في قانون التقاعد هو تقاعد العمال، وتوحيده مع موظفي القطاع العام مع ضمان تقاعد العمال.

سلّم الرواتب

حسب معلوماتنا في المسودة يكون الحد الأدنى لراتب موظفي القطاع العام 400  ألف دينار عراقي ، ونحن مع اللجنة المالية نحاول أن يكون الحد الأدنى 500 ألف دينار هذا من جانب ، أما من الجانب الآخر في ما يخص ضمان سلم رواتب تقاعد العمال، الذين هم من القطاع الخاص والتعاوني والمختلط، فيكون مقاربا لسلم رواتب متقاعدي القطاع العام ، وليس بصيغته  ولكن مقارب له، ويوضح بان هناك فرقا كبيرا بين تقاعد العمال في القطاع الخاص وتقاعد موظفي الدولة ، وحتى نحد من مشكلة البطالة وتوجيه الشباب العاطل للعمل في القطاع الخاص، يجب ان يكون العمل  في القطاع الخاص أو التعاوني أو المختلط مضموناً، ويكون سلم رواتب المتقاعدين مقارباً للدولة فيتوجه الشباب الى القطاع الخاص، وبذلك سنخفف من العبء على التعيينات في الدولة والموازنة التشغيلية.

ويضيف الأسدي بان الإقرار على الموازنة تم رفعه من مجلس شورى الدولة إلى مجلس الوزراء وما زال في مجلس الوزراء ، ويوضح بأن قانون التقاعد سيقر في بداية  2013  أي شهر الثالث أو الرابع ، لكن متى ما يقر سوف تخصص له الأموال المخصصة للسيادة، وستكون موجودة ومحجوزة على موازنة 2013 .

كلمة ليست أخيرة

هل التشريعات القانونية للمتقاعدين سترى النور لتنصف المتقاعدين؟ وإذا تم تشريع القانون لـ2013 هل سيكون عادلا أم تكون الزيادة مفاجأة غير سارة للمتقاعدين كما حدث في العام الماضي؟ وهل سيكون الحظ أوفر لجرحى الحرب من الملتحقين بشرحبيل؟ هل سيتم اعتناق القوانين القديمة بموازنة العام المقبل؟ هل سيكون العبء الأكبر على تحمل المسؤولية لتأخير الإقرار بالموازنة على عاتق دائرة التقاعد أم يقع اللوم على البرلمان ومجلس الوزراء؟

كلها تساؤلات تشغل الكثير من هذه الشريحة، التي تتخبط في أروقة التقاعد تبحث عمّن يوجهها إلى الطريق الصحيح، وما زال المتقاعد هو المتضرر الوحيد في مجتمع اختلفت في استحقاقه من عدمه.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

طقس العراق.. أجواء صحوة وانخفاض في درجات الحرارة

أسعار صرف الدولار تستقر في بغداد

تنفيذ أوامر قبض بحق موظفين في كهرباء واسط لاختلاسهما مبالغ مالية

إطلاق تطبيق إلكتروني لمتقاعدي العراق

"في 24 ساعة".. حملة كامالا هاريس تجمع 81 مليون دولار

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram