TOP

جريدة المدى > مقالات رئيس التحرير > إعادة الاعتبار للهوية الوطنية درءاً للتآمر: المالكي يسفر عن وجهه الانقلابي ويلوِّح بحل البرلمان

إعادة الاعتبار للهوية الوطنية درءاً للتآمر: المالكي يسفر عن وجهه الانقلابي ويلوِّح بحل البرلمان

نشر في: 13 يناير, 2013: 08:00 م

-4- في تحرّكٍ يعكس نفاد الصبر والمخبوء من النوايا، ينشط المالكي وحاشيته المقربة باتجاه حلّ البرلمان وتشديد قبضته على الدولة التي يغيب عنها الرئيس. وهو تحركٌ انقلابي يُظهر بوضوح تجرد المالكي وكتلته من أي رادعٍ يحول دون الانفراد بالحكم والقضاء على العم

-4-
في تحرّكٍ يعكس نفاد الصبر والمخبوء من النوايا، ينشط المالكي وحاشيته المقربة باتجاه حلّ البرلمان وتشديد قبضته على الدولة التي يغيب عنها الرئيس. وهو تحركٌ انقلابي يُظهر بوضوح تجرد المالكي وكتلته من أي رادعٍ يحول دون الانفراد بالحكم والقضاء على العملية السياسية برمتها، بكل ما يعنيه ذلك من وضع البلاد على مفترق طرق كلٍ منها يقود إلى متاهة ومنحدر.
إن مجرد التفكير بهذا الإجراء التصعيدي الخطير، يكشف بلا غموض ما كان المالكي وحاشيته ينوونه، وما استهدفوه بالإجراءات التي اتخذها منذ بدء ولايته الثانية، بقضم مفاصل الدولة ومؤسساتها وأجهزتها الأمنية والعسكرية، خطوة خطوة، ووضعها تحت وصايته المباشرة أو من خلال الأتباع والمريدين الذين يعيّنهم متجاوزاً ضوابط الدستور وما يقتضيه من موافقة البرلمان، على مرأى ومسمع من التحالف الوطني، وصمت رئيسه الذي كان يلوذ بالسفر المفاجئ كلما اشتدت الأزمات.
وهذه المرة أيضاً، كما السياسات الطائشة المغامرة والإجراءات غير الدستورية التي واظب على اتخاذها، منفرداً ومتحدياً، يتصرف المالكي كما لو انه القيّم الوحيد على دولتنا التي غدت بفضل فرماناته وصولاته لا دولة، وصاحب الحل والربط للعملية السياسية ومآلها، لاعباً على المكشوف، كمغامرٍ مهووسٍ بالسلطة وامتيازاتها، معيداً بسلوكه العصابي هذا الى الاذهان ما كان يفعله كل طامعٍ باغتصاب الدولة وتهديدٍ للمصالح الوطنية العليا وانتهاك إرادة الشعب.
     ورئيس "دولة القانون" الذي لم يلتزم في أخطر قراراته بالقانون وموجباته، لا يراعي في هذا الخيار الذي يتوهم بقدرته على إمراره، حتى بعض الاعتبارات الاخلاقية، ناهيك عن السياسية، التي يُفترض فيه مراعاتها، في مثل هذا الموقف. فهو يحاول استغلال الغياب المرضي لرئيس الجمهورية وتحميل نائبه غير المخول، خضير الخزاعي ، وزر الإقدام على حل البرلمان، او الاعتماد على تفسير يلائم ما يريده من المحكمة الدستورية للمادة ٦٤ والقانون الخاص بنواب الرئيس، ناسياً أو متناسياً، ما فعله الرئيس بكل ثقله، لإنقاذه من السقوط المؤكد بسحب الثقة عنه والإطاحة بحكومته المختلة.
وبغض النظر عن المسوّغات الدستورية الملتبسة والحروف الزائدة "قواعدياً" في بعض مواد الدستور وصياغاته التي فرضتها العجلة والتمريرات المقصودة، فان خيار حل البرلمان، وهو لن يمر على كل حال، يعني ان من يقف وراءه، مسؤولا قصداً وبنيّةٍ مبيتةٍ عن تقويض العملية السياسية واقصاء اركانها عن الحياة السياسية والانفراد المطلق بتقرير مصير البلاد ومستقبلها، ولكن الاخطر من ذلك هو ما يكشفه هذا التدبير المغامر، من قصدية رئيس دولة القانون، منذ توليه رئاسة مجلس الوزراء والقيادة العامة للقوات المسلحة في ولايتيه الأولى والثانية، في تفكيك العملية السياسية والتضييق على الحريات، عبر مختلف المناورات والتدابير التي أقدم عليها، لتكريس عجز الدولة والإبقاء على سلطاتها مشلولة الإرادة، غير قادرة على تبني البرامج والتوجهات التي من شأنها معالجة الاستعصاءات السياسية والاقتصادية والأمنية، التي تواجه البلاد وتحاصر حياة المواطنين، خلافاً لادعاءاته المرائية باتهامه للآخرين بالعرقلة والتسويف.
إن افتضاح النوايا المغامرة للمالكي وكتلته، تضع أمام السلطة التشريعية وقادة الكتل والقوى الوطنية كلها، داخل البرلمان وخارجه، ومنظمات المجتمع المدني مسؤولية التصدي بحزم لما بات يشكله من أخطار وتحديات على المسيرة الديمقراطية والنظام الديمقراطي الاتحادي وما يؤكد عليه من تداولٍ للسلطة. ولا يجوز للبرلمان في هذه المرحلة أن يتردد في معالجة جميع الاستحقاقات الدستورية والقوانين المطلوب تشريعها التي تعرقلها أطرافٌ متواطئة مع خيارات الإبقاء على الازمات وأجوائها مفتوحة. وفي مقدمة الأولويات المُحَصِنة لقراراته، التصويت على المحكمة الدستورية أو التعديلات المناسبة التي تَشل إمكانية الالتفاف على ما يطوّق السلطة التنفيذية ويُلجم جموح رئيسها، تحت أي مسوغات أو تفسيراتٍ لا تأخذ في الاعتبار جوهر الدستور، بل الشكليات التي لا تراعي دقة وتشابك الأوضاع السياسية ومتطلباتها.  
ورغم تعقيدات الأوضاع التي مرت بها البلاد وقادتها إلى ما هي عليه من خراب، فان المسؤولية التضامنية عن نتائجها، لا تقع على المالكي ودولة القانون، المستفيدين من ذلك، بل تتحملها جميع الكتل والقيادات السياسية والرئاسات الثلاث دون استثناء. وكثيراً ما يجري التوقف عند مواقف أعضاء مجلس الوزراء، وهم يمثلون جميع الكتل، من قرارات المجلس وظاهرة انفراد رئيسه بإدارة الوزارات والملفات، وما يتخذه من قرارات منافية للدستور على صعيد القوات المسلحة والأجهزة الأمنية والمخابراتية والملاحقات التي تطاول الجميع. ومما يثير الشبهات بالتواطؤ السكوت المطبق عن ملفات الفساد والصفقات المريبة التي تحوم حول المشتريات الحكومية المختلف، وليس فقط ما يتعلق بشراء الأسلحة والطائرات. إن التساؤل يطاول الجميع، والصمت ليس دليل براءة في أفضل الحالات مهما حَسُنَت النيات، بل العكس للأسف.
ان المسؤولية التضامنية لا تضع التحالف الوطني على نفس المستوى من المسؤولية مع الكتل الاخرى، لأنه المعنيّ الأول بتسيير الحكومة وحاضنة رئيس مجلس الوزراء، ولا ينتهي دوره عند ترشيحه لتسنم مقاليد المنصب، بل ان قيادة التحالف هي المسؤولة عن متابعة نشاطه وادائه وسلوكه السياسي، وهي المطالبة بمعالجة الإخفاقات التي يرتكبها، باسم التحالف باعتباره ممثلاً لمكوناته. واذا كانت الأكثرية البرلمانية التي يمثلها التحالف تخوله اختيار رئيس مجلس الوزراء، فان هذا التخويل ملزمٌ بان يأخذ بنظر الاعتبار، حُكماً ، موافقة الاطراف والكتل البرلمانية ورضاها عن نهجه وادائه بعد تشكيل الحكومة وفي سياقٍ متصلٍ من نهجه وبرامجه وحسن ادائه.  ويفترض ان يأخذ التحالف بنظر الاعتبار أيضاً ما يستجد من تطورات وازمات ومسؤولية الحكومة عنها، ويتوقف عند ما تقتضيه من إصلاحات وتدابير وتوجهات تحمي المسيرة الديمقراطية وتحدّ من نزعات الانحراف عنها وتتخذ مواقف معلنة من الظاهرات الخطيرة التي تستشري، مثل الفساد والإخفاقات الأمنية وتدهور الخدمات وتدهور الحياة السياسية والانفلات الأمني.
قد يُقال إن قيادة التحالف تقوم بذلك وتبحث كل ما يرتبط به من تداعيات، ولكن السؤال الملح: أين يمكن العثور على ما يدل عليه؟ وهل ان التحالف أصبح "جماعة سرية" في ظل حكومته..؟
أليس ملفتاً أن التحالف الوطني "الشيعي" لم يُصدر طوال السنوات الاخيرة أي موقف ينتصر فيه لمواطنيه الذين يشكلون قاعدته الانتخابية ممن يعيشون وتعيش مناطقهم في اسوأ الظروف الحياتية وتفتقر الى أبسط الشروط الحياتية الانسانية، من انعدام الخدمات وتفشي الفقر المدقع والبطالة وغياب الأمن واستباحة الحرمات .؟
التحدي الجديد للمالكي ودولة القانون الذي يهدد العراق شعباً وكياناً، تقع مسؤوليته المباشرة على التحالف الوطني، وهي مسؤولية تطالها المساءلة الأخلاقية قبل السياسية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram