TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > سلاما ياعراق

سلاما ياعراق

نشر في: 14 يناير, 2013: 08:00 م

لا ادري ان كان هناك غيري من العراقيين يشعر بمثل ما شعرت به، بعد متابعتي للتظاهرات أول أمس. فالذي اعرفه عن نفسي انها تنتعش برؤية التظاهرات الشعبية، او هكذا صارت، من يوم فر دكتاتور تونس. فما الذي جعلها متخشبة وداكنة المزاج هذه المرة رغم شدة زخم التظاهرات العراقية هذه الأيام؟
وكأي حالة اكتئاب نفسي لا يمكنك التخلص منها الا اذا نجحت بالوصول لأسبابها، صرت افتش عن سبب يزيح عن قلبي جبلا من الكدر. بدأت عند مظاهرات الأنبار ، لعلي اكتشف فيها ما قد يكون هو السبب. تساءلت: هل لانها ذكورية بامتياز، او على الاقل عانت من الفصل الجنسي؟ نحن لم نر فيها متظاهرات على الطريقة التي شهدناها في تونس ومصر وسوريا. وجود النساء في التظاهرات يشبه حمامات السلام التي تشعرني بالأمان وعدم الخوف على حياة المتظاهرين. أو هل لأني لم اسمع فيها غير الخطابات الدينية والعشائرية ولم يكن فيها صوت مرتفع لمثقف واحد نعرفه، او مغن يغني للحب والحرية والسلام ويلعن القهر والتخلف والظلام؟
فجأة لاح لي الوزير رافع العيساوي ينقر على الدف فانقبضت روحي اكثر حتى صحت: سترك يا رب. لماذا؟ أجابني سعدي الحلي مغنيا:
ان قلت لا أدري فتلك مصيبة    أو قلت أدري فالمصيبة أعظم
عرجت على مظاهرات ساحات التحرير التي بدت لي من الوهلة الأولى بانها من طراز خمسة نجوم. تصيح لامها وأبيها انها حكومية، حتى لو حلف كل من فيها بألف امام وامام مدعيا انها ليست كذلك. وشكو بيها، قابل الحكومة ما الها حق تتظاهر؟ هكذا اقنعت نفسي أو، بالأحرى، "قشمرتها".
ومثلما فاجأني العيساوي بدفه، باغتني مستشار المصالحة عامر الخزاعي "بذرعانه" التي تتطاير شررا. وبسبب شدة صياحه وتقلصات وجهه مع حنجرته وعينيه المميزتين لم افهم شيئا مما قاله، غير انه بدا لي وكأنه يهوّس "يلاكونه لو بيهم زود". و يا ساتر استر مرة أخرى.
قلت لنفسي: وما الجديد في كل ذلك حتى يغلبك الهم؟ ليضربوا الدفوف او ليردحوا من أجل رئيس الحكومة حتى الصباح.   
المشكلة انني اصبحت مثل ذلك الذي "راد يكحلها"، اذ عادت علي خطتي بهمّ اكثر ونكد اشد. فقررت ان ابتعد عن الشاشة عملا بقاعدة "ابعد عن الشر". مددت يدي لاقطع نفس التلفزيون واذا بصوت جماهيري مدو يصيح "كل الشعب وياك نوري المالكي". قلت لهم وكانهم يسمعوني:  ميخالف، بس عليكم العباس ابو فاضل هاي "كل" صحيحة؟ رفعت رأسي واذا بصور المالكي تنتشر في الساحة انتشار النار في الهشيم. و "هنا المحنجر دك روحه"، كما يقول اهل العمارة.
شاهدت الصور فلم يبق بي عضو نفسي أو جسدي الا ومسه الكدر. فهمت على الفور انني مصاب بحساسية او ربما عقدة قديمة من رؤية صورة اي رئيس يرفعها المتظاهرون. وآخ لو تدرون شسويت. فعلت كل ما يخطر ببالكم الى أن افرغت آخر ما في نفسي من شحنات صببت بها جام عراقيتي على الصورة وصاحبها.
واليدري يدري والما يدري كضبة "صور"!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. حميد الدراجي

    كفاكم خيانه ياعقابي اذا كنت شجاع ووطني ارجع لوطنك واسحق على جنسيتك البريطانيه بالحذاء عسى وان العراق يسامحك

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

 علي حسين اعترف بأنني كنت مترداً بتقديم الكاتب والروائي زهير الجزائري في الندوة التي خصصها له معرض العراق الدولي للكتاب ، وجدت صعوبة في تقديم كاتب تشعبت اهتماماته وهمومه ، تَّنقل من الصحافة...
علي حسين

قناديل: في انتظار كلمة أو إثنتيّن.. لا أكثر

 لطفية الدليمي ليلة الجمعة وليلة السبت على الأحد من الأسبوع الماضي عانيتُ واحدة من أسوأ ليالي حياتي. عانيت من سعالٍ جافٍ يأبى ان يتوقف لاصابتي بفايروس متحور . كنتُ مكتئبة وأشعرُ أنّ روحي...
لطفية الدليمي

قناطر: بعين العقل لا بأصبع الزناد

طالب عبد العزيز منذ عقدين ونصف والعراق لا يمتلك مقومات الدولة بمعناها الحقيقي، هو رموز دينية؛ بعضها مسلح، وتشكيلات حزبية بلا ايدولوجيات، ومقاولات سياسية، وحُزم قبلية، وجماعات عسكرية تنتصر للظالم، وشركات استحواذ تتسلط ......
طالب عبد العزيز

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

سعد سلوم في المقال السابق، رسمت صورة «مثلث المشرق» مسلطا الضوء على هشاشة الدولة السورية وضرورة إدارة التنوع، ويبدو أن ملف الأقليات في سوريا يظل الأكثر حساسية وتعقيدا. فبينما يمثل لبنان نموذجا مؤسسيا للطائفية...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram