المرحلة الانتقالية في العراق كشفت عن شرائح اجتماعية واسعة تقدر بالملايين تنتظر الإنصاف عبر إقرار تشريعات لها مساس مباشر بحياة العراقيين. والموضوع لا يتعلق باجتثاث من انتمى إلى حزب البعث المحظور فقط ، وإنما يشمل ضحاياهم والمتضررين من الإرهاب والأيتام والأرامل، وتحسين المستوى المعيشي للمواطنين القابعين تحت خط الفقر.
التظاهرات وصفتها جميع القوى السياسية المشاركة في الحكومة، بأنها حق طبيعي للتعبير عن مطالب مشروعة، لكن أحد الأطراف أعطاها صورة مواجهة بين المدافعين عن البعثيين وضحايا البعثيين ، فحصر المسألة في هذه الزاوية وأخذ يتحدث عن المظلومية والحرمان وإعادة الحزب المحظور على الرغم من وجود دستور يضمن التداول السلمي للسلطة. وهذا الطرف، مع تأكيده صعوبة حصول ربيع عربي في العراق، حشد الشارع بتنظيم تظاهرات وصفها نواب من التيار الصدري بأنها تأتي في إطار تحقيق مكاسب سياسية و انتخابية. والوصف صدر من الحلفاء وليس من الشركاء المتهمين هذه الأيام بالوقوف وراء إثارة الشارع، وتنظيم تظاهرات في محافظات عراقية تستهدف الإطاحة برئيس الحكومة .
قبل أيام أعلن أعضاء في اللجنة المالية وصول قانون تعديل رواتب المتقاعدين من الحكومة ، تمهيدا لإقراره وإدراج تخصيصاته المالية ضمن موازنة العام 2013، واتضح أن المشروع مازال في مجلس شورى الدولة ولم يصل إلى البرلمان لأنه بحاجة إلى وضع اللمسات الأخيرة لضمان المصادقة عليه لتحقيق إنجاز تاريخي للمتقاعدين الذين يتطلعون للإنصاف كغيرهم من ضحايا الإرهاب وممارسات النظام السابق.
القضية الأخرى المتعلقة بالاجتثاث تتعلق بحظر بيع عقارات بعثيين بموجب قرار صدر في زمن بريمر، ودوائر التسجيل العقاري ترفض تسجيل قطعة أرض أو دار سكنية خاضعة للحجز باسم المشتري الجديد، وهذا الأمر لم يحسم بعد، وأحدهم راجع دائرة التسجيل العقاري في البياع واصطحب معه المالك الأصلي لقطعة أرض تقع في حي التراث، ورفض الموظف المسؤول ترويج المعاملة، علما أن المالك الأصلي كان نائب ضابط في الجيش السابق وأعيد للخدمة في الجيش الحالي ولم يتخلص بعد من الحجز. وهذه الحالة نموذج واحد من آلاف الحالات بحاجة إلى قرار سريع، لاسيما أن اللجنة المالية النيابية أعلنت في العام الماضي أنها ستعيد النظر بملكية عقارات مسؤولين سابقين وقياديين في الحزب المحظور ، من دون التوصل إلى نتائج نهائية لحسم هذا الأمر. وسبق لوزير المالية رافع العيساوي أن اتهم جهات سياسية بالاستحواذ على ممتلكات مسؤولين سابقين، وله في هذا الشأن حديث أدلى به لإحدى الإذاعات الدولية ، ذكر فيه أن عقارات ومنازل رموز النظام السابق أصبحت تحت سيطرة جهات متنفذة ترفض إخلاءها.
الوضع العراقي اليوم بحاجة ماسة وضرورية لتحقيق العدالة في المجالات كافة، وفي مقدمتها إنصاف شرائح واسعة من المجتمع تصدرت شعارات التظاهرات ومطالب المحتجين، ومن المؤسف جدا أن يبقى المحرومون والأيتام والأرامل وضحايا الإرهاب من دون رعاية ملموسة من جهات رسمية حشدت كل طاقاتها للتحذير من خطر عودة البعثيين، وعجزت عن القبض على عزة الدوري .
أنصفوهم بِعدالتِكم
[post-views]
نشر في: 14 يناير, 2013: 08:00 م